الأخبار عربي ودولي

تحرير الجرود : نهاية «النصرة»… و«داعش» يفاوض للرحيل

الجديد برس 

بات في الإمكان القول إن وجود «جبهة النصرة» في لبنان قد انتهى. هي ساعات قليلة، أو أيام، تفصل عن الإجهاز على ما بقي من المسلّحين في الجرود

عملياً، صار يمكن القول إن وجود «جبهة النصرة» على الأراضي اللبنانية قد انتهى. المنطقة التي لا تزال تحكمها ضاقت حتى كادت تخنقها. في غضون ساعات، أو أيام على أبعد تقدير، لن يبقى مسلّح واحد من «النصرة» يمثل تهديداً للأمن اللبناني، بمعنى التهديد الوجودي وخطر احتلال قرى ومدن، وإقامة منطقة آمنة لإرسال الانتحاريين والسيارات المفخخة منها.

استغرب رئيس مجلس النواب نبيه برّي «اعتراض بعض القوى على العملية العسكرية التي يقوم بها حزب الله في جرود عرسال». وكرر قوله إن «هذه المنطقة محتلّة، والحزب يعمل على تحريرها، ولا يمكن إغفال الدور الذي يقوم به الجيش اللبناني في المنطقة». ورأى أن الحزب يقوم «بعملية بالنيابة عن لبنان واللبنانيين»، وأن «أقل الواجب هو دعم هذه المعركة ضد الإرهاب الذي يهدّدنا جميعاً». وثمّن برّي «موقف النائب وليد جنبلاط الذي أيد العملية واعتبر الجرود محتلة يجب تحريرها»، معرباً عن أسفه لـ«تضييع البعض للبوصلة في هذه المرحلة».

التلي محاصَر بعدما نجا من الموت أكثر مِن مرّة في معارك الأيّام الأخيرة

(هيثم الموسوي)

كاد حزب الله أن يقتل أبو مالك التلّي. رصده أكثر مِن مرّة. يرصده الآن أيضاً ويعرف مخبأه. في جرود عرسال معارك ضارية. قوّات «التعبئة» بطلة تلك المعارك. حالة وجدانيّة بين المقاومة والجيش اللبناني: «إنّهم لحمنا ودمنا». إسرائيل تُراقب. بعض الإعلاميين في دهشة إذ شاهدوا الميدان. المُشمش والكرز على الأرض، لا يحلّ أكله إلا بإذن أصحابه، والتراب على ذلك شهيد

هنا «عرش الربّ». هكذا كان اسمها، يُقال، في لسان الآراميين. إن جاء الاسم مِن العُلو، فهي عالية جدّاً، وإن أتى مِن صلابة هياكل مُفترضة، فصخرها أصلب مِن الصخر، وإن استُحضِر مِن قسوتها، باستلهام وعثاء السفر إلى الربّ، فهي كذلك وأكثر. كثيرة الشوك… وقد جاءها اليوم سالكو «درب ذات الشوكة».

هذه العلاقة الثلاثية ستكون هي المحور السياسي في قراءة أيّ تداعيات سياسية لما يجري في الجرود (دالاتي ونهرا)

لا يمكن حصر معركة جرود عرسال بالتطورات العسكرية فحسب. العناصر السياسية المتداخلة ترسم إطاراً للوضع الداخلي في ظل العلاقة الثلاثية التي بناها حزب الله مع رئيس الجمهورية والأخير مع الجيش

يعود أحد السياسيين إلى تصريح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل زيارته لمصر في شباط الفائت، من أجل فهم الانعكاسات السياسية للمعركة العسكرية التي يخوضها حزب الله في جرود عرسال، ولا يقف الجيش بمعزل عنها، منذ اليوم الاول. وبعيداً عن المزايدات في الدفاع عن الجيش، والموجبات الضرورية لشنّ المعركة من أجل تطهير المنطقة من جبهتي النصرة وداعش، ثمة ارتدادات سياسية لهذه المعركة بدأت آثارها تظهر تباعاً.

للمرة الأولى لم يعقد رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع مؤتمراً صحافياً للهجوم على حزب الله. حتى أن معراب التزمت الصمت ولم تخرج ببيان رسمي ضد معركة تحرير جرود عرسال. ما أوحى بأن هناك مواقفة ضمنية على العملية. رغم كل «العداء»، اعترف جعجع بأن «تقدم حزب الله حقق نتيجة إيجابية للبنان، وإن كنا نعتبر أن ما يدور هو جزء من الحرب السورية»

ليس سهلاً أن تُلفظ عبارة «شكراً حزب الله» يوماً على شفتَي سمير جعجع أو أي قواتيّ آخر. غير أنها بدأت تمُر بنحو مموَّه في حديث الصالونات «المِعرابية». ولكي يبدو «الحرّاس» متصالحين مع أنفسهم، لا بدّ من ربطها بكلمة «ولكن»! ففي دردشة مع مجموعة من الصحفيين أمس، قال رئيس القوات اللبنانية كلاماً جديداً بحقّ المقاومة خلال نقاش بشأن معركة تحرير جرود عرسال من الجماعات الإرهابية.

لم يقاتل التلّي «داعش» بسبب قربه من أميرها في القلمون

ليست المرة الاولى التي ينهزم فيها أبو مالك التلي. مشاركاً في تأسيس «جبهة النصرة» في حمص، انهزم في القصير. وأميراً للجبهة، انهزم في القلمون، ثم في السلسلة الشرقية، ويلقى اليوم هزيمته الرابعة في جرود عرسال. وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، أُلحِقت به هزيمة أمنية، تمثّلت في تفكيك غالبية الخلايا التي بعث بها إلى لبنان لتنفيذ عمليات إرهابية استهدفت غالبيتها مدنيين. لكنه نجح في أمرين: تنفيذ عدد كبير من العمليات الإرهابية ضد المدنيين، ومراكمة مبالغ مالية طائلة من عمليات الخطف

يهوى أمير «جبهة النصرة» في القلمون الغربي، جمال حسين زينية، فنّ الرسم. الملقّب بـ«أبو مالك التلّي» كان يوصي زوّاره بجلب أدوات الرسم من أقلام فحم وتلوين لتهريبها له إلى الجرود. وفي مقرّ سكنه، يجد وقتاً للرسم. لكن هذا «الفنان» يُصدر أوامر بخطف جنود، وذبح عدد منهم، وصلب مدنيين، وتفجير سيارات مفخخة في المدن، وخطف راهبات! الرجل الذي قلّما يتنقل من دون حزامٍ ناسفٍ إلى وسطه، هادئ، لكنه حادّ الطباع إذا غضب.

(دالاتي ونهرا)

دخل رئيس الوزراء سعد الحريري أمس إلى البيت الأبيض للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على وقع تصدّر معركة تحرير جرود عرسال الحدث في لبنان، وتصاعد الهجمة الأميركية على حزب الله، بالتزامن مع إعداد النسخة الثانية من العقوبات المالية ضدّه في الكونغرس.

نقلا عن جريدة الأخبار اللبنانية