الجديد برس : رأي
مختار الشرفي – اعلامي وكاتب صحفي
القى السيد حسن نصر الله خطابا هادئ جدا و رزينا و دقيقا و مليء بمشاعر الحب و الامتنان و التقدير للمقاتلين الابطال الذين جعلوا لبنان مجددا على اعتاب انتصار كبير على الارهابيين في جرود عرسال ، انتصار يؤمن مدن و بلدات شرق و شمال البلاد و يعيد الاستقرار لسكانها و يعيدهم الى منازلهم ..
حرص فيه سيد المقاومة على عدم الانسياق الى جو المهاترات أو الرد على خطابات التشكيك و الدس المناطقي و المذهبي الرخيص ، و لم يقل ما تمناه او توقع أن يسمعه جمهور المقاومة من السيد من كلمات تذهب شيء من حنقهم تجاه من يطعن المقاومة من اللبنانيين و و غيرهم و يسيء لها ، و هي في معركة وقودها دماء ابناء المقاومة الاسلامية بمفردهم و تضحياتهم ، و ثمرتها أمن كل لبنان ، و النصر فيها كالعاده هدية المقاومة و السيد لكل لبناني بما فيهم اعداء و خصوم المقاومة و السيد و الحزب .
نصر تحقق في ال 48 الساعة الاولى من عمر المعركة المتأخرة منذ اكثر من عامين في انتظار نضوج الداخل اللبناني و تعقله ، و هو مالم يحدث حتى فاض الصبر عليهم ، مدفوعا بأهمية المعركة لحماية لبنان كل لبنان و انهاء معاناة النازحين السوريين التي بنيت مخيماتهم على حدود داعش و النصره في عرسال ، و من أجل هؤلاء النازحين عن ديارهم اللاجئين الى لبنان و دفاعا عن انسانيتهم التي هتكت بترك مخيمات اللاجئين ضحية للبؤس و التخويف و الارعاب التكفيري ، بفعل اصرار رعاة الارهاب في الداخل اللبناني على بقاء النازحين يعانون تحت مبررات حمايتهم و الخشية على حياتهم من معركة القضاء على ألإرهابيين من الدواعش و جبهة النصره ،، أما باقي الساعات في عمر المعركة فكانت لتثبيت اقدام المقاومين على الارض العرسالية المحررة الواسعة و الصعبة التظاريس ، و تضييق الخناق على الارهابيين الذين لم يبقى لهم من الارض إلا ما يمنحهم المكان الذي منه يفاوضون على الرحيل او الاستسلام قبل انقضاء مهلة وقت التفاوض القصير ، او يواجهو الموت بنيران المقاومة حتما إن إنقضى الوقت ، و صار أكل العنب محالا ما لم يقتل الناطور ،،
منح السيد حسن نصر الله و برغم النصر الكبير بعد معركة تشاركها تنسيقا و تكتيكا مع الجيش اللبناني ، على ابرز تنظيمات الارهاب العالمي ، و تماشيا مع نبرة الهدوء ، و لتضييع الجهد الامريكي لضرب الموجود من تكامل في الادوار الاجتماعية و السياسية و العسكرية اللبنانية في القضاء على الارهاب ، منح في خطابه قدرا كبيرا من التفهم لموقف رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري الذي يزور اميركا حاليا ، و التي قال رئيسها دونالد ترامب إن حزب الله يمثل تهديدا ارهابيا للبنان و المنطقه ، و ذلك عندما أجل السيد الرد على ترامب الى حين عودة رئيس الحكومة اللبنانية من اميركا ، منح السيد نصر الله امتيازا اخلاقيا و سياسيا لرئيس الحكومة الذي لم يقل كلمة للدفاع عن الحزب و من يبذلون ارواحهم و هم يقاتلون الارهاب على اراضيهم بعد الهجوم الذي شنه ترامب على الحزب و المقاومه في المؤتمر الصحفي المشترك لترامب معه، و به لقي الحريري و تياره و أنصاره و اعلامه المسموم تقديرا و تفهما من الحكيم العربي العظيم حسن نصر الله من اجل لبنان و تقديرا لحجم و دور رئيس الوزراء سعد الحريري الذي لا يمكنه أن يتعداه الى أفضل منه .
متعودون على الانتصارات و لا ينقصنا المزيد منها و لسنا من يعلق على صدره نياشينا للتباهي بها و يطلب لنفسه ثمنا خاصا مقابلها ، و المهم لدينا و ما يعنينا ان تأمن لبنان و اهلها من خطر الارهاب و التكفيريين الذين يحدون سكاكينهم لكل رقبة دون تمييز بين رقبة سنية او شيعية او مسيحية او درزية ، هكذا زهد السيد في نياشين طاولات السياسية و الاعلام التي لا تعنيه ، و الارض التي طهرتها دماء شهداء حزب الله و جراحهم و سواعدهم ، ستعود بعد تطهيرها لابناء عرسال دون غيرهم و من دون منة او تنتظار لجزاء و شكر ، و ما يفصل العرساليون المشردون و المطرودون من داعش و القاعده هو أن يكمل تطهيرها القادمون من كل شبر لبناني سجد عليه نبي او ولي ، و ان يكون الجيش اللبناني جاهزا لاستلامها من رجال الله ليعود العرساليون الى قراهم و مزارعهم و مقالعهم ،،
و قبل أن يريح السيد نصر الله بخطابه اعصاب كل احرار العالم و في مقدمتهم اللبنانيون ، و يخفض نسبة الادرينالين في اجسادهم و يخفف من التوتر الحاد بين كل الاطرف اعلاميا و اجتماعيا ، و قبل أن يطلق لهم أولى اشارات البدأ بالاحتفال بالنصر اللبناني الجديد ، وجه سيد المقاومة الشكر لصنوه و أخيه سيد اليمن عبدالملك بدر الدين الحوثي قائد أنصار الله على تأكيده على صوابية رهان السيد حسن على اليمنيين و جهوزية احرار اليمن للقتال الى جانب حزب الله و الفلسطينين في حال كان هناك اي عدوان اسرائيلي جديد على لبنان او فلسطين ، و هي رسالة اقليمية و دولية وحيدة وردت في كل خطاب السيد حسن و في مستهله ، و كأنه يقول لليمن ” يكبر قلبي و قلب كل حر بكم يا أهل اليمن ، و النصر في لبنان يتقاسمه اللبنانيون معكم قبل غيركم من احرار العالم ” ، السيد نصر الله أيضا لم يغادر ساحة اليمن إلا و قد قال لليمنيين ما معناه ” أيها اليمنيون إن لكم كل ما كان للحسين و اهل بيته و اصحابه في كربلاء ، عندما وصف اليمن بالمظلوم و الغريب و الشريف ” ، و أعاد السيد للاذهان مشهدا آخرا من كربلاء و جانب من مشاهد انتصار الدم اليمني على السيف الاموي في صف السبط الحسين ، حيث ما جهاد اليمنيين نصرة لله و رسوله يرفد نهرا متدفقا من الدماء الزكية من الطف بكربلاء الى قلب صنعاء ، و من يوم عاشوراء الى اليوم ، و ذلك حين صرخ السيد حسن نصر الله في خطابه صرخة اقتضى واقع الحال ان تأتي في صيغة العتب الجميل بوجه كل المترددين في نصرة اليمنيين ، و سألهم اما آن لكم أن تغيروا مواقفكم من اليمن و مظلوميته ، أما منكم من ناصر ينصر اليمن ؟ ، و من اليمنيين أتى رجع صوت صرخت سيد الاحرار ، بكلمات هي نفسها لم تتغير منذ اول العدوان و أول صرخة لنصر الله في وجه العدوان ، تقول له ، و ليسمع كل العالم ” الله خير الناصرين ، و بك يا نصر الله استغنى اليمن المظلوم الغريب الشريف عن أي ناصر من خلق الله ” ..