الجديد برس : صحافة
في الوقت الذي يستعد فيه أكبر معرض أسلحة في العالم لفتح أبوابه في لندن، تواجه الحكومة البريطانية انتقادات جمة من عدة منظمات حقوقية، حيث بلغت قيمة مبيعات الأسلحة التي باعتها المملكة المتحدة إلى المملكة العربية السعودية منذ بدء الصراع المدمر في اليمن 3.6 مليارات جنيه إسترليني.
تقرير نشرته صحيفة “الإندبندنت” البريطانية رصد ما ذكره التقرير الأخير لمنظمة “Control Arms” الحقوقية، والذي أشارت فيه إلى أن المملكة المتحدة وفرنسا والولايات المتحدة احتلت المراكز الثلاثة الأولى في قائمة الدول المصدرة للأسلحة للنظام السعودي منذ اندلاع الحرب في اليمن في عام 2015، على الرغم من إصابة آلاف المدنيين، بما في ذلك الأطفال، في الصراع.
ودعا الاتحاد الدولي للمنظمات الخيرية التي تركز على تخفيف حدة الفقر في العالم (أوكسفام)، المملكة المتحدة إلى “وقف مبيعات الأسلحة والضغط من أجل وقف إطلاق النار”، واتهمت وزراء الحكومة البريطانية بـ”ازدواجية المعايير”، بسبب تأييد الحكومة الرسمي للمعرض الدولي لمعدات الدفاع والأمن (DSEI) الذي يعقد في مركز إكسيل هذا الأسبوع.
فيما اتهمت مجموعات حقوقية مختلفة الحكومة بـ”فرش السجادة الحمراء” أمام المندوبين المدعوين من بعض الحكومات الأكثر قمعًا في العالم، بما في ذلك السعودية والبحرين وتركيا في معرض (DSEI).
مبيعات أسلحة بـ3.6 مليارات جنيه إسترليني
في تقريرها الأخير، وجدت مجموعة “Control Arms” وهو ما توافق مع ما رصدته مجموعات حقوقية أخرى، بما في ذلك مجموعة “حملة ضد تجارة الأسلحة”، أن المملكة المتحدة وحدها وافقت على مبيعات للأسلحة بقيمة 3.6 مليارات جنيه إسترليني منذ بدء التحالف السعودي المدعوم لضرباته الجوية في اليمن، وقد لقي 13 ألف شخص حتفهم في اليمن منذ مارس (آذار) 2015.
وقال تقرير “الإندبندنت” إن السعوديين انخرطوا في الحرب الأهلية في اليمن لدعم الرئيس عبد ربه منصور هادي بعد سيطرة مقاتلي الحوثيين المتحالفين مع إيران على العاصمة اليمنية صنعاء.
وقد اتهمت منظمة العفو الدولية المملكة المتحدة بانتهاكها معاهدةَ الأمم المتحدة لتنظيم تجارة الأسلحة الدولية، وتجاهل التزاماتها على نحو فعال من خلال الاستمرار في توريد الأسلحة حتى عندما يكون هناك خطر حقيقي من أنها ستسبب انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان. وكانت منظمة أوكسفام من بين المنظمات التي دعت الحكومة إلى وقف بيع الأسلحة المربح، والدفع باتجاه وقف إطلاق النار على الصعيد الدولي.
“تناقض مُخزٍ”
وفقًا للتقرير، تبلغ ميزانية مساعدات حكومة المملكة المتحدة لليمن 139 مليون جنيه إسترليني للفترة ما بين 2017-2018، مقارنة بالمليارات الناتجة عن بيع الأسلحة إلى الأنظمة القمعية، وهو ما وصفته منظمة العفو الدولية بـ”التناقض المخزي”.
ونقل التقرير عن لين معلوف، نائبة مدير قسم البحوث في مكتب منظمة العفو الدولية في بيروت، قولها: “إن أمريكا وبريطانيا يساهمان في حدوث انتهاكات جسيمة تسببت في معاناة المدنيين المدمرة، من خلال عمليات نقل الأسلحة التي تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات إلى السعودية التي تحجب بشكل كبير جهودهم الإنسانية”.
وتابعت معلوف: “لقد ساعدت الأسلحة التي وفرتها دول مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية في الماضي على التعجيل بالكارثة الإنسانية. وقد واصلت هذه الحكومات عمليات نقل الأسلحة هذه في نفس الوقت الذي تقدم فيه المعونة للتخفيف من حدة الأزمة التي ساعدت على إنشائها. ولا يزال المدنيون اليمنيون يدفعون ثمن هذه الإمدادات الحارقة من الأسلحة”.
وقد ذكرت السعودية مرارًا وتكرارًا أنها تبذل كل ما في وسعها للحد من الإصابات بين المدنيين، ودعم القانون الدولي. وقد بدأت تحقيقات في عدد من الحوادث التي قتل فيها مدنيون، إلا أن المدافعين عن حقوق الإنسان أبلغوا عن حوادث أخرى كثيرة. وكانت الاحتجاجات بدأت خارج مركز إكسيل التجاري فى شرق لندن الأسبوع الماضى، ومن المتوقع أن تزيد حدتها مع بداية فعاليات معرض (DSEI).
ومما سبب استياء الناشطين في المجال الإنساني أن المحكمة العليا في المملكة المتحدة كانت قضت في يوليو (تموز) الماضي بأن حكومة المملكة المتحدة يمكنها مواصلة بيع الأسلحة إلى السعودية بعد أن وجدت أنه لم يثبت أن القوات السعودية كانت تستهدف المدنيين عمدًا.
تجدر الإشارة إلى أن معرض (DSEI) الذي يعقد كل عامين قد أقيم في لندن في عام 2001 وافتتح أبوابه للمرة الأولى يوم هجمات 11 سبتمبر (أيلول). يجذب هذا الحدث الآن أكثر من 35 ألف زائر وعارض، بما في ذلك ممثلون من أكبر عشر شركات أسلحة في العالم.
دعم حكومي ورفض للمعارضة
شركة Clarion Defence and Security، التي تدير المعرض، قالت إن جميع العارضين يخضعون لقانون مراقبة الصادرات في المملكة المتحدة، الذي يهدف إلى ضمان امتثال المعدات والخدمات المعروضة لكل من القانون البريطاني والقانون الدولي. وتشمل السلع المحظورة، والمعروفة باسم الأصناف من الفئة “A”، الأدوات المصممة لتنفيذ الإعدامات والتعذيب وضبط النفس ومكافحة الشغب وبعض الذخائر العنقودية والألغام الأرضية.
وقد اتصلت صحيفة “الإندبندنت” بإدارة المعرض للحصول على بيان، لكنها لم تتلق أي رد قبل نشر تقريرها. وقد قال منظمو المعرض سابقًا إنهم يأخذون مبدأ الامتثال القانوني على محمل الجد.
ومن بين المتحدثين الرئيسيين في معرض هذا العام – بحسب التقرير – وزير الدفاع مايكل فالون، ووزير التجارة الدولية ليام فوكس، ورؤساء أركان القوات المسلحة البريطانية.
وعلى الرغم من أن حكومة المملكة المتحدة قد دعمت رسميًا معرض (DSEI) منذ إنشائه، إلا أن العديد من السياسيين في المعارضة قد انتقدوه على مر السنين، حيث دعا عمدة لندن صادق خان هذا العام إلى حظره، على النقيض من سلفه بوريس جونسون، الذي دعمه. وكان جيريمي كوربين، زعيم حزب العمل الذي ينتمي إليه خان، دعا أيضًا إلى وقف بيع أسلحة للأنظمة التي ترتكب جرائم حرب مزعومة.