الجديد برس : رأي
بندر الهتار
أول زيارة لملك سعودي إلى روسيا منذ تأسيس المملكة السعودية في عشرينيات القرن الماضي، تطور جديد يكشف بأن الهوى السعودي خلال العقود السابقة كان يميل كل الميل إلى الغرب وبالتحديد بريطانيا وبعد ذلك الولايات المتحدة الأمريكية.
تظهر الكثير من علامات الاستفهام حول السبب الذي دفع الملك سلمان إلى زيارة موسكو بما يعتبر خروجا عن مألوف الملوك الذين سبقوه،،، الإجابة تكمن في التحولات الكبيرة التي تشهدها المنطقة والعالم، وفي جوانبها السياسية والاقتصادية.
سياسيا، يظهر أن الرياض ترى في تعزيز العلاقات مع موسكو أحد العوامل لمساعدتها في تفادي انعكاسات التحول الذي يتشكل في المنطقة بعد فشل المشروع التكفيري في العراق وسوريا، وفي ظل الاخفاق المتواصل لتحالف العدوان في اليمن.
لم تعد واشنطن قبلة السعوديين الوحيدة، فهم على استعداد لأن يُصلّوا باتجاهات مختلفة ويحجوا في نهاية كل صيف مرة نحو الكرملين ومرات أخرى نحو البيت الأبيض، هم مضطرون للجمع بين التناقضات، فالواقع تغير، ورهانهم خلال السنوات الماضية على إخضاع المنطقة للهيمنة الغربية خاسر، وما يواجه دول المنطقة هو التصدي لمؤامرة التقسيم التي بدأت من العراق.
في مقابل هذا التوجه نحو روسيا، لا يبدو أن النظام السعودي سينتهج سياسة متوازنة بين واشنطن وموسكو، وسيظل التوجه الأكبر نحو أمريكا كما هي الحصة الأكبر لهم من الأموال، هذا ما برز حتى الآن في الزيارة من خلال الصفقات التجارية والعسكرية أو في مشاريع التنمية والطاقة التي عقدت بين الرياض وموسكو، وهي صفقات لا تساوي مجتمعة جزءا يسيرا من صفقة واحدة مع ترامب.
في الجانب الاقتصادي من الزيارة، فإن السعودية التي تواطأت في مؤامرة تخفيض أسعار النفط نكاية بروسيا وإيران، وانعكس سلبا عليها، باتت تبحث اليوم عن مخارج لانتشالها من واقع الأزمة الاقتصادية التي تحيط بها وتسببت في ولادة مشاكل جديدة في داخل المملكة إثر إجراءات التقشف وارتفاع معدلات البطالة.