الجديد برس : رأي
محمد علي الناطور
زمان كان عندنا في الفلاحين عادة إنه المرأة في الباص لا يجوز أن تقف وفي رجل جالس على كرسي…وربما هذه عادة من أخلاق شعوبنا العربية الغلبانة جميعها…فالأخلاق لا تسمح لأي واحد يحمل شنب في وجه أن يبقى جالساً عند صعود (حُرمِة) إلى الحافلة…حتى أننا في بلادنا حرقنا بِنها شوية.. بأنه يجب عليك أن تقوم وتجلسها مكانك ولا تدعها تمشي إلى آخر الحافلة..فمن الممكن أن تقع في وسط الحافلة بسبب إنه ثوبها أو حطتها كَلِّبت (شبكت) في مسمار من مسامير كراسي الباص..ويحصل ما هو غير مرغوب فيه…
أبو جبر يا اسيادي فلاح فلسطيني من هناك ..من بلدنا…قال بدو يعلم جبر الأخلاك (اتيكيت الركوب في الباص)…
قاله : اسمع يا ابني يا جبر… بعمرك لا تخلّي مَرَة واكفة وإنت كاعد … بس تشوف مرة واكفة.. بتفز على حيلك و بتكوم وبتكعِّدها…
جبر إتطّلع على صورة معلّقة علىالحائط وسأل أبوه : طيّب ليش يابا إنت كاعد بهذي الصورة وأمي واكفة ؟؟!!
قاله : هذي الصورة إلها قصة طويلة..طويلة كثير… هذي تصورناها أنا و إمك بآخر يوم في شهر العسل… لا أنا كنت كادر أوَكِف.. ولا إمك كانت كادرة تُكعُد !! إفهمت يا إبن الواكفة ؟؟..
موضوع المصالحة بين فتح وحماس صار له حوالي أسبوع والناس قد جن جنونها من الفرحة.. قبل أن يعرفوا على ماذا اتفقوا.. وعلى ماذا لم يتفقوا.. وهل هذه المرة جدية… ولا رايحة تفرط مثل سابقاتها….
في مقالة سابقة طرحت عدة أسئلة لكلا الفريقين..وما رشح من بنود الإتفاقية الحالية لم يُجِب على معظمها.. حيث علمنا أن التفاصيل ستبحث في اجتماع عام للفصائل الفلسطينية في القاهرة يوم2 1/11/2017…فقلنا على خيرة الله..ولكن..
الأحداث لغاية اللحظة لم تسحبني إلى خانة المتفائلين والمبسوطين الذين طلبوا وزمروا ورقصوا في الشوارع لغاية ساعات الفجر الأولى… ولم تبقني في خانة المتشائمين بالمطلق….حيث أن فكرة المصالحة ” كفكرة ” بحد ذاتها.. بتزحزح جبل من مكانه.. لكثرة ما آذى الانقسام الإنسان الفلسطيني وقضيته… وحجم الأمل بأن ينتهي هذا الانقسام كبير..وكبير جدا في نفس كل فلسطيني.. وفي نفس كل إنسان غيور على هذه القضية..
فجبر…لا عرف ليش أبوه ما كان قادر يوقف.. ولا عرف ليش أمه ما كانت قادرة تقعد…وإحنا ما عرفنا ليش ما تصالحوا من زمان ..وليش هلأ تصالحوا بهالسرعة…وصار حالنا مثل حال اللي واقف بستنى تحت مظلة باص لساعات طويلة…لا الباص إجا وطلع فيه..ولا هوه زِهِق و رَوَّح ع الدار….
ايه..شو عليه..؟!! بنستنى.. و آخرتنا بنعرف ليش حماس قعدت زي أبو جبر وليش فتح ظلت واقفة زي أم جبر..ويركب جبر بالباص ولا يجعله لا يركب…….
واقول لكم انا لغاية اللحظة اصلا ما عدت أميز مين اللي “واكف” ومين اللي “كاعد”…
———–
نعتذر من الأخوة العرب لعدم إرفاق شريط الترجمة لبعض الكلمات باللهجة الفلسطينية…
للاستعلام راجعوا الملحقيات الثقافية في السفارات الفلسطينية في بلادكم…ودمتم..