الجديد برس : رأي
علي احمد جاحز
من يقرأ التاريخ بعيون البصيرة والحكمة، يستطيع ان يقرأ الواقع بعيون الوعي والخبرة ، ومن يتجاهل التاريخ ودروسه ، يسقط امام امتحان الواقع ومنعطفاته .
لا احد بامكانه ان يتذاكى على استحقاقات الواقع ولا ان يقف بوجه طوفان التغير الحتمي في مسيرة الانسان المستمرة ذات النزعة الفطرية للتحرر، مهما امتلك من قوة ، ومهما اعتد بدهائه ومكره ، ومهما حشد واستعان ، لن يستطيع ان يعيد حمم البركان الى باطن الارض .
من المؤسف ان هناك بشر يقرأون ولكنهم لايتعضون ، وآخرون لا يقرأون اساسا ، فيتحركون عميا وصما ، فاذا خطوا خطوة سقطوا في الثانية، واذا خطوا خطوتين سقطوا في الثالثة ، واذا خطوا عشرا او عشرين او مئة خطوة فانهم لامحالة سيسقطون في حفرة الحماقة والغرور .
المآلات والمصائر هي نهايات حتمية لاي تحرك ، ومن المهم والضروري للوصول الى مآلات ومصائر مشرفة ، ان يحسب الانسان خطواته ويحمل زاده من الوعي والمعرفة بالتاريخ والتجارب الماضية ، ويرسم مساره ويؤمنه ويحدد وجهته وينطلق من ثوابته التي هي بمثابة بوصلة يمكنه ان يعود اليها كلما خشي التيه والضياع .
من منا لم يقرأ او يعايش تجربة حاكم او سلطان او ملك او ثورة او حزب او تيار او حركة … الخ ، كيف كانت البداية وكيف كانت النهاية وماهي ظروف وعوامل نجاح البداية وظروف وعوامل النهاية،
التجارب الانسانية متشابهة الحيثيات والمآلات ، نظرا لثبات العنصر البشري وما يحمله من صفات فطرية ومن عواطف ونزوات ورغبات وطموحات وارادة وحرية وتضحية وعطاء وشعور بالمسؤلية …. الخ ، وهذا لا يتغير بتغيرات الزمن .
هل رأيتم طغيانا اتعض من نهاية طغيان سبقه ؟
في الواقع لو كان الحكام والاباطرة واصحاب السلطة والنفوذ يستفيدون من تجارب من سبقهم لما وقعوا في نفس نهاياتهم، ولما واجهوا نفس مصائرهم، ولا وصلوا نفس الى مآلاتهم.
اعتقد ان من المهم والاساسي ونحن نعيش مرحلة مفصلية في تاريخ اليمن ، ان نعي وندرك اننا نواجه استهدافا ممنهجا ومنظما ومدعوما من كل اباطرة العصر ، ولكنه ليس الاستهداف الاول من نوعه لليمن وللانسان اليمني ، فقد تكررت التجارب المشابهة في تاريخ اليمن من احتلال وغزو ومؤامرات وخيانات وعمالة وفي مقابل ذلك ثورة وثوار وفداء وتضحية وايضا انكشاف متآمرين ولاعبين وسط الصفوف .
الاغبياء الذين يلعبون وسط الصفوف اليوم ، في الوقت الذي يشارف الشعب والوطن على ابواب النصر ، بعد ان استهلك العدو كل اوراقه وكشف كل لعبه وعملائه واياديه امام صمود وبسالة الثوار والاحرار.
هؤلاء الاغبياء لايختلفون عمن سبقهم في التجارب السابقة ، فلما يعتقدون انهم لن يواجهوا نفس المصير ونفس المآل الذي واجهه من سبقهم ؟ لماذا لايفكرون بجدية في ذلك ؟
الاجابة قد تغيب عن ذهن الكثيرين ، لكنها اجابة واحدة ، وتتلخص في كونهم ليسوا اصحاب قرارهم ولا يمتلكون امرهم، فهم في الاساس مجندون للعدو منذ بداية انطلاقهم ، وعلى مخططه ووفق رؤيته نشأوا وكبروا وتمكنوا ، ولايستطيعون الفكاك من ملكيته لقرارهم ومصيرهم ، وفي المقابل هم بالنسبة للعدو مجرد كروت سوف يرميها بمجرد ان يستهلكها ، ولا يهمه مآلاتهم .
من يضع نفسه اليوم كرتا اخيرا للعدوان ، سوف يسقط ويحرق ويرمى في مزبلة التاريخ ، وعلى من يعنيه الامر ان يفهم ويدرك ذلك جيدا ، ان كان يريد ان يكسر سنة التاريخ ، ولاتزال الفرص سانحة ، مع اني استبعد انه يريد .
وسننتصر باذن الله .
#جبهة_الوعي
—–
يوميات – صحيفة الثورة – عدد اليوم الاربعاء الموافق 25 اكتوبر 2017م