الجديد برس : رأي
راسل القرشي
بعد أكثر من ألف يوم على العدوان اعترف عبدالعزيز جباري، نائب رئيس وزراء الحكومة المنتهية الصلاحية، أن ما سماها (الشرعية) لا تمتلك قرار الحرب والسلم، والأمور كلها بيد التحالف، أي بيد النظام السعودي..
وقال إن التحالف غير جاد في ما سماه (التحرير وإعادة الشرعية)، وأنه انحرف عن الهدف الأساسي لقيامه، أي التحالف..
ما قاله جباري ليس غريباً بالطبع..؛ فقد قلناه منذ بداية العدوان في الـ26 من مارس 2015م، وأكدنا أن مخطط العدوان لا علاقة له بما يسمونها (الشرعية)، وإنما تم التفكير به ووضع تفاصيله منذ وقت أبكر من طلب هادي الاستعانة بالخارج لشن حرب على بلده وقتل شعبه..
لم يشن النظام السعودي ومن تحالف معه هذا العدوان الإجرامي من أجل عيون هادي وحكومته، أو من أجل نقل الديمقراطية التي لا يعرفون مدلولها وما تتضمنه من أسس ومبادئ ومضامين عامة..!
النظام السعودي ظهر منذ بداية عدوانه متخبطاً وهو يتحدث عن العدوان، ويضع مبررات تدميره لليمن وقتله لليمنيين، فذهب يقول إن عدوانه هدفه (وقف المد المجوسي الصفوي!)، وقال أيضاً إن عدوانه (لم يكن لولا طلب هادي التدخل لإعادة الشرعية)، وإنه (لوقف التهديد الذي يشكله اليمن للنظام السعودي والدول الخليجية)؛ فيما ذهب دعاة الوهابية – دين هذا النظام – يقولون إنها حرب مذهبية.. وغيرها من الترهات التي ظل النظام السعودي ومحللو الدفع المسبق وكافة وسائله الإعلامية يسوقون لها وسط كم كبير من المغالطات والأكاذيب المضحكة والسخيفة..!
جباري بيَّن ما كان مستوراً لدى الموالين للعدوان، ووضع النقاط على الحروف، وأكد بالمطلق أن العدوان استخدم هادي وحكومته أداة ليس أكثر لشن هذا العدوان الإجرامي على اليمن واليمنيين..
ألم يكن يدرك جباري وبقية العتاولة المجتمعين في (حكومة الزفة) المخطط العدواني للنظام السعودي، ليأتي ويقول ما قاله..؟!
كان جباري يدرك أن ما قاله مؤخراً هو الحقيقة، ولكنها المكابرة التي راهن هو وخُبرته عليها لعل وعسى يعيدهم النظام السعودي إلى السلطة على ظهر الدبابات والمدرعات والمصفحات التي خلفت أكثر من 80 ألف شهيد ومصاب مدني، ودمرت كل شيء من بنية تحتية وخدمية، وتسببت في تهجير الملايين من منازلهم ومدنهم، وفرض حصار جائر أدى إلى تجويع أكثر من 70% من اليمنيين وانتشار الأوبئة الفتاكة والأمراض القاتلة..
جباري قال كلامه ذاك وهو متحمس، وندرك أن ما قاله لم يلتفت إليه قادة العدوان، ولم يضعوا له أي حساب، كونهم سائرين في تنفيذ ما تبقى من مخططهم رغماً عنه وعن هادي وبقية حكومة الزفة المتخمة من أفضالهم..
النظام السعودي يا جباري، وكما قلنا ألف مرة ومرة، لم يأتِ من أجلك، ولا من أجل هاديك، وإنما جاء لتدمير اليمن وقتل اليمنيين وخلق الصراعات التي لا نهاية لها بين اليمنيين، واجتزاء أراضٍ واسعة من اليمن وضمها لأراضيه، إضافة إلى السيطرة الكاملة على مضيق باب المندب والعديد من الجزر اليمنية الاستراتيجية، ونهب ثرواتها وتحويل سكانها إلى موظفين تحت سلطتهم..
هذا ما جاء من أجله النظامان السعودي والإماراتي وبقية حلفائهما الذين لابد أن يحصلوا على أجزاء من الكعكة بعد تقسيمها..
ما زالت كل الأوراق بيد التحالف، فيما (شرعية هادي – جباري) لا تملك سوى التباكي وإطلاق التحذيرات الفارغة التي لا يعيرها قادة العدوان بالاً..!
ذلك ما قاله جباري بعد أكثر من ألف يوم من العدوان، وبعد أن بقي هو ومن معه يوزعون الأماني والآمال العراض، ليجدوا أنفسهم أنهم لا شيء، وليسوا سوى أدوات تم استخدامها لتدمير بلادهم وقتل شعبهم بدم بارد..!
فما عسانا أن نقول لمن لم ينعم الله عليهم بالفهم الصحيح..؟!
