الجديد برس | العربي
هزة تعرضت لها حركة «أنصار الله» في مواجهتها مع الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، والتي انتهت بمقتله مطلع ديسمبر الحالي في صنعاء. ما خلفته من تداعيات، أنعشت آمال الرياض وأبوظبي لحسم المعركة مع الحركة، التي خسرت خلال الأيام الماضية، مديريات في شبوة والبيضاء، لكن المؤشرات لا توحي بمعركة خاطفة مع «أنصار الله»، بل بدخول اليمن مرحلة قاتمة، يدفع النصيب الأكبر من فاتورتها المدنيون.
تنامي الإرهاب
بعد يوم واحد من سيطرة القوات المحسوبة على الرئيس عبدربه منصور هادي على نعمان، أولى المديريات في محافظة البيضاء، قصفت طائرة أمريكية من دون طيار، ثلاث غارات على المديرية «المحررة»، وتكتمت وسائل الإعلام التابعة لـ«التحالف» و«الشرعية» على القصف، لكن مصادر مطلعة أكدت لـ«العربي»، أن الغارات الأمريكية قتلت 4 من عناصر تنظيم «القاعدة»، كانوا يقاتلون في صفوف «الشرعية»، كما كشفت عن التحاق العشرات من عناصر التنظيم، بقوات الرئيس هادي في البيضاء، لقتال «أنصارالله»، وصرفت لهم قيادات عسكرية أطقم وأسلحة وذخائر.
وأضافت المصادر، أنّ مشايخ قبليين من آل الذهب وحميقان، مطلوبين للولايات المتحدة بتهمة توفير الغطاء لتنظيم «القاعدة»، خرجوا من مخابئهم في مأرب، والتحقوا بقوات هادي في البيضاء، منبهة من أن تضفي عملية «تحرير» البيضاء، إلى تمكين الجماعات المتطرفة من السيطرة عليها. ولفتت إلى أن مستشار الرئيس هادي، أمين عام حزب «الرشاد» السلفي، عبدالوهاب الحميقاني، مع المحافظ السابق للبيضاء، نائف القيسي، المعاقبَين من قبل الخزانة الأمريكية بتهمة تمويل الإرهاب، هما من يتوليان حشد ودعم المسلحين لقتال «أنصار الله» في المحافظة.
ليست مفتوحة
وفي جبهة نهم، تمكنت القوات المحسوبة على الرئيس هادي، خلال الأيام الماضية، من السيطرة على تبة القناصين، وبعدها أعلنت القيادات العسكرية بدء معركة الأرض المفتوحة لـ«تحرير صنعاء»، لكن مسرح العمليات المخطط لها، تؤكد أن الطريق إلى صنعاء، ليست معبدة ولا مفتوحة، بل هي مدينة يعيش فيها أكثر من مليوني مدني.التحاق العشرات من عناصر «القاعدة» بقوات الرئيس هادي في البيضاء
مصادر مقربة من اللواء علي محسن الأحمر، قالت لـ«العربي»، إن قيادة «الشرعية» تدرس خطة للسيطرة على أرحب، والوصول إلى مطار صنعاء والتوقف هناك، وممارسة الضغط على «أنصار الله»، للقبول بحل سياسي يتضمن وقف القتال في كل الجبهات، والإنسحاب من صنعاء، وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، والإنسحاب من المدن الرئيسية في المناطق الخاضعة للحركة، بما فيها صعدة».
وأضافت المصادر أنه في حال رفضت قيادة الحركة لتلك المطالب، فإن القوات الموالية لهادي، ستواصل الزحف على مديريتي بني الحارث وهمدان، للسيطرة على المدخل الشمالي لصنعاء، وقطع الطريق المؤدي الى محافظة عمران في منطقة الأزرقين. في المقابل، أكد قيادي في «أنصار الله»، الدفاع عن صنعاء ومديريات طوقها بكل الوسائل المتاحة، قائلاً لـ «العربي»: «إذا أراد العدوان والدواعش تكرار ما فعلوه في حلب بصنعاء، فلا خيار أمامنا سوى المواجهة».
مصيدة الخوخة
استغلت الإمارات المواجهات في صنعاء، بين «أنصار الله» والرئيس السابق، علي عبدالله صالح، مطلع الشهر الحالي، ودفعت بالقوات الموالية لها للتقدم في الساحل الغربي، إلا أنّ الحركة، أحكمت سيطرتها على صنعاء، ودفعت بالمئات من الموالين لها إلى الساحل، والذين أوقفوا تقدم القوات المسنودة من الإمارات في الخوخة، وبعدها نفذوا عشرات الكمائن في الخط الساحلي شمال المخا، وكذا في موزع، لتتحاصر «المقاومة» الجنوبية والتهامية في الخوخة، وتتواصل الكمائن للتعزيزات التي عجزت عن الوصول اليها أو فك الحصار عنها.
ملفات شائكة
بعد مقتل صالح، راهنت الرياض وأبوظبي، على نزع الغطاء السياسي عن «أنصار الله»، وتحقق لها بعض النجاح في ذلك، بإغلاق موسكو لسفارتها في صنعاء، ونقل طاقمها الدبلوماسي إلى الرياض، لكنها فشلت إلى اللحظة، في التوفيق بين حزب «الإصلاح» وقيادات «المؤتمر» في الخارج، الموالين لها.
فشلت الرياض وأبوظبي في التوفيق بين حزب «الإصلاح» وقيادات «المؤتمر» الموالين لها
تتعامل قيادة «الإصلاح» بحذر شديد مع مطالب الرياض بالتصعيد ضد «أنصار الله»، وتعززت مخاوفها بعد استغلال أبوظبي للوفاق الظاهري معها، للإطاحة بمحافظ تعز الموالي للحزب، علي المعمري، وإحلال محافظ محسوب على حزب «المؤتمر»، ومعروف بمناهضته للإخوان المسلمين وكافة الجماعات الدينية، الأمر الذي سيترتب عليه صراعاً بين المحافظ الجديد المسنود من الإمارات، وحزب «الإصلاح» في تعز، بعد أن اشترطت قيادته التعاون معه بإستكمال «تحرير» المحافظة.
إلى جانب ذلك، لايزال جناح «الإصلاح» في تركيا وقطر، يناهض وبحدّة، وعبر وسائل الإعلام المسخّرة له، التدخل السعودي والإماراتي في اليمن، ولم تجد بيانات قيادة الحزب، في طمأنة الرياض وأبوظبي، تجاه سياسته وإمساكه للعصى من المنتصف، كما أن ناشطي الحزب، تنصبُّ معركتهم بعد مقتل صالح، في التشنيع بقيادات «المؤتمر» الهاربة من صنعاء إلى مأرب وعدن والخارج، وفتح كشف حساب للعميد أحمد علي عبدالله صالح، إستباقاً لمساعي إماراتية لتمكينه من لعب دور مستقبلي في اليمن، في وقت أطاحت قرارات الرئيس هادي الأخيرة، بمحافظين وقيادات موالية لـ«المجلس الإنتقالي»، ما ينذر بفصل ساخن في الجنوب.
سلفيي دماج
وكما يتعزز تواجد تنظيم «القاعدة» في البيضاء تحت مظلة «الشرعية»، تدفع الرياض بمئات السلفيين من أكثر من محافظة لقتال «أنصار الله» في صحراء اليتمة في الجوف. وسط رمال الصحراء، يرتب السلفيين خطط العودة إلى دماج، بعد اقتراب التحامهم بكتائب الفتح والمحضار في البقع، وجميعهم يخوضون المعارك بزي «الجيش الوطني». ومع كل تقدم تحققه قوات «الشرعية»، يتنامى خطر التطرف ويتمدد «الإرهاب».