الجديد || مقالات || إبراهيم السراجي
تدخُلُ قوى العدوان السعودي الأمريكي العامَ الجديدَ وهي تائهةٌ أَكْثَر من أية فترة سابقة؛ كون الخطة التي رسمتها خلال الفترة السابقة للعام القادم كانت تفترض واقعاً مختلفاً فوجدت نفسَها محملةً بعدة انتكاسات ومثقلة باستطالة حرب ظنت أنها قادرةٌ على حسمها خلال أسبوعين.
خلال العام 2017 الذي انتهى قبل ساعات لم تتغير خريطة السيطرة الميدانية في اليمن وفي الحدود السعودية ولم تحقق قوى العدوان شيئاً يُذكر سوى إضَافَة آلاف الضحايا المدنيين وآلاف المنازل والمنشآت المدمّرة من خلال الغارات الإجْرَامية وتكبّدت بالمقابل خسائر مادية وبشرية كبيرة في البحر والبر والجو.
ومع تجاوُزِ اليمن لأحداث الفتنة مطلع ديسمبر الماضي اتضحت للجميع الرؤية واستطاع معظمُ المراقبين للوضع في اليمن فهْمَ ما كانت تفكِّرُ به قوى العدوان خلال شهور العام 2017، والتي تمثّلت في قناعة تلك القوى بعدم قدرتها على حسم المعركة عسكرياً، فقضت معظم أوقاتها في اتصالات دولية ولقاءات سرّية إعداداً وتهيئةً للأجواء أمام زعيم المليشيات لتفجير الأوضاع من الداخل واختصار المسافة والوقت وتنفيذ المهمة التي عجزت عنها قوى العدوان خلال ألف يوم من القصف والزحف وكلنا تابع حجم اندفاع العدوان إعلامياً وسياسياً وعسكرياً وراء تلك الفتنة.
إذن، يبدو واضحاً أن خطة قوى العدوان كانت تقتضي أن يدخل العام الجديد 2018، الذي نعيش أول أيامه، وقد تمكنت من إسقاط العاصمة صنعاء محافظات وريمة عمران وحجة والمحويت والبيضاء وذمار وإب، لكن أياً من ذلك لم يحدث، فقط سقطت الفتنة في وقت قياسي أصابهم بالصدمة، ولذلك نحن نتحدث عن خسارة إضافية وكاملة لقوى العدوان وخريطة جديدة اكتسبتها قوات الجيش واللجان الشعبية ومعهما القبائل والشعب.
الكثيرُ من المتابعين للوضع في اليمن، سواء في الداخل أو الخارج، لا بد أنهم رصدوا تصريحات السفراء الأمريكيين السابقين والسفير الحالي ومسؤولي الإدَارَة الأمريكية والتقارير التي نشرتها صحف بريطانية وأمريكية وغربية وتناولت الأحداث التي شهدتها صنعاء وسقوط المؤامرة وتحدثت عن حجم رهان قوى العدوان على ذلك التحَـرّك باعتباره طوق النجاة الأخير للخروج من مستنقع اليمن بالنصر المفقود.
وبناءً على تلك التقارير والمواقف يبدو واضحاً أيضاً أن رهانَ قوى العدوان على تلك المؤامرة كان لا يقبل أية مفاجآت عكسية، فقد اعتقدت أن الخطة جرى الإعدادُ لها لفترة كافية وأنها غير قابلة للفشل، وبالتالي فإنها وضعت كُلّ آمالها على المؤامرة؛ ولذلك لم تكن لديها أية رؤية للعام الجديد؛ لأنها لم تتوقع السقوط المدوّي لمؤامرة الخيانة.
إنّه لا يمكنُ رَسْمُ صورة كاملة لانتكاسة قوى العدوان مع دخول العام الجديد ما لم تكن الصورة واضحةً لما كان يجول في عقول قيادات العدوان، فالعام الجديد يدخل ككابوس لم يكن أَكْثَر المتشائمين منهم يتوقعه، فنحن أولاً نتحدث عن معركة وضع لها في البداية مدة زمنية بين أسبوعين إلى شهرين في أسوأ الأحوال لكنها امتدت وتجاوز عمرُها الألف يوم، ليس ذلك وحسب، بل مع انسداد كامل للأفق وفقدان أي نصر يحفظ ماءَ وجه قوى العدوان، وثانياً نحن نتحدثُ عن تجاوز الألف يوم ودخول عام جديد مع سقوط أَكْبَر مؤامرة وأقوى رهان لقوى العدوان متزامن مع وصول صواريخ اليمن إلى رمز المملكة السعودية وهو قصر اليمامة وإلى عاصمة العدوان الأُخْــرَى أبوظبي.
يدخُلُ العامُ الجديدُ على قوى العدوان وهي مثقلةٌ بكل أنواع الانتكاسات، وكذلك مع انتهاء المهلة الأمريكية لتلك القوى بتحقيق نصر خلال العام 2017؛ كون الولايات المتحدة باتت ترى أنه لم يعد بإمكانها التخفي والتظاهر بعدم المشاركة في هذه الحرب التي باتت الهزيمةُ فيها هزيمةً لأمريكا.
بالمقابل يدخُلُ العامُ الجديدُ على اليمنيين وقد تهيئوا منذ اللحظات الأولى لـ “معركة النفَس الطويل” واستعداداً للتضحية والمواجهة جيلاً بعد جيل إلى يوم القيامة، كما يقول قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي.