المقالات

عطاء شهيد : صلاح الرمام

 

من صعدة الصمود والبطولة والتضحية والفداء من أقصى المحافظة غرباً من منطقة فوط بالتحديد خرج الشاب المُجاهد عبد الملك محسن علي أبو طالب الشاب التَّقي المؤمن الذي يعرفه أبناء المنطقة بالأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة والقيم الإنسانية النبيلة والعفة والطهارة وصفاء النفس والتواضع، ولا غرابة أن تجتمع فيه هذه الصفات فهو ينحدر من أُسرة عُرفت بالعلم والمعرفة والزهد والورع وتُدين بالولاء لآل البيت عليهم السلام فوالده السيد محسن ابو طالب يُعتبر من أبرز عُلماء المحافظة إذ أسهم بشكل كبير في التصدي مع بعض عُلماء المحافظة للفكر الوهابي الذي حاول الفتك بالمحافظة وأبنائها كما عمل جاهداً خلال أيام المراكز الصيفية إذ كان من أبرز وانشط العاملين في مدرسة عمار بن ياسر بمنطقة فوط وقد أخذ الشهيد عبد الملك هذه الصفات من والده واستمر على هذا الحال حتى بدأ الشهيد القائد السيد/ حسين الحوثي (سلام الله عليه) مشروعه التحرري فكان من أوائل أبناء منطقته واحد الأشخاص الذين استجابوا لهذا المشروع القرآني في أيامه الأولى وخلال هذه الفترة وخصوصاً ما بعد الحرب الخامسة التي شنها النظام السابق على أبناء صعدة تقلد الشهيد وأشرف على عدد من الأعمال الجهادية داخل المنطقة وخارجها خصوصاً في المجال الثقافي نظراً للقدرة الذي يتميز بها في هذا المجال فهو كان خطيباً بارعً إذا اعتلى منبراً أبهر الحضور يمتلك من الفصاحة والبلاغة ما جعت منه خطيباً مُتميز وهكذا بقي يعمل بكل جد ونشاط حتى بدأ التحالُف السعوامريكي إعلان الحرب على شعبنا فتوجه گ بقية المُجاهدين إلى الجبهات للتصدي للعدوان مع إخوانه المُجاهدين لا يخاف في الله لومة لائم لا يعرف الوهن ولا التراجع يتحدى الموت ويعشق الشهادة ويسعى نحوها حتى فاز بها في ميدان الشرف والبطولة يوم الأحد الـ 31 من ديسمبر للعام 2017م

لا أدري ماذا أقول ومن أين أبدأ إلا أني أبدأ حديثي عن الشهيد (عبد الملك ابو طالب) فأقول أجل القمر المسافر في الوجع المشرئب حي عند رب العرش العظيم في جنة الخلد بأذان الله في الفردوس الأعلي مع حبيبنا المصطفي ينعم بخير صحبة في الدنيا والأخرة … أيها الساكن داراً خيراً من دارنا، أيها الأكرم منا جميعاً … هل يحق لي أن أرثيك وكيف وأنت الشهيد ؟ أي لسان يوفيك حقك وقد سماك الله شهيداً … يا سيد الكبرياء في الزمن المأسور بالصمت … أيها الصاعد الي عالم الانعتاق …أيها التارك للزوال الي البقاء …أي دم رائع هدا الذي منك قد سال؟ أي عبق هذا الذي منك قد فاح … أبيت إلا الصمود فوق القمم …أبيت الامكاناً فوق النجوم …وقفت والشمس في موضع ،تُشرق فينا إشراقها وتغرب عنا غروبها … شروقك فينا نور لايفني ،وغروبك عنا ذكريات لاتُنسي … افتقدناك .. يا عبد الملك .. فقد رحلت عنا شهيد وقد صدي ذكراك في قلوبنا لتحفر لنا أجمل معاني الجهاد .. رحلت رحيلا الي جنان الفردوس دون ميعاد ، ودون وداع دون تستأذنا بالذهاب .. رحلت لتلتحق بركب الشُهداء الأبطال من رفاقك .. ادعو الله أن يجمعنا هُناك في الجنان، فأذهب الي بارئك والتقي بأحبائك أيه الليث … في مقامك هذا لات حين بيع الرثاء منا، بطولتك، شجاعتك، إقدامك، إيثارك، صبرك، فداؤك، كُلها ترثيك في اليوم الف مرة … أيها الشهيد أقسمتُ أنك أقوي من زمانك ، أعظم من جراحك ، أحلي من حياتك ،أسبق من فواتك … قد كُنت ولا تزال رمزاً من رموزنا …ومثال عزم يحتذى فيك الوري .. أنت كالماء نشربه، كالظلُ نستظله، كالطعامُ نأكله، كالهواء نستنشقه .. أنت كُل شئي فينا، ذكراك ستبقي في الفؤاد محبة وإن المحبة لا تُباع وتُشتري.

ايه الشهيد يا أبا زينب … بالأمس كُنا معاً عند الصباح نتبادل الإخبار بأطمئنان أما الآن أنت حيُ فينا نشتاق اليك ولكن هذا قدر الرحمن .. فسلامنا الي روحك التي لازالت تدور حولنا و تفوح برائحة المسك والاقحوان …ايه الشهيد … أتذكرك بطلاً ثائراً مقداماً مُحباً لوطنك وشعبك و عاشقاً لأخرتك ساعياً لها بما سخرت الدنيا في طاعتك وعبادتك وجهادك كي تنال حظك الاوفي في الأخرة من الدنيا وما فيها من مباهج و الأم وأحزان وترف زائل …تركت الحياة وذلها للباحثين عن الدنيا ولذاتها ..ايها الشهيد كُنت الصبور المستنير بربه والمُستعين به ..أيقنت أن الدرب وهي طويلة زرعت ثراها المستفز مكائداً ..فأذا وقفت وقفت عصفاً راعدا وإذا جلست جلست أفقاً بارقاً فكُنت أيها البطل غراً صعباً علي المُستعمرين الجُدد ..وإن كُنت قد نذرت نفسك أن تقضي شهيداً في جبهات العزة مع رفاقك أيها البطل … ووقفت كالجبل مُكابراً ..كُنت النهر جداولاً و روافداً ..كُنت اليمن شماله وجنوبه ..شرقه وغربه ، فطوبي لك يا أبا زينب، قتلوك لأنك لم تكن يوماً من الايام رقماً زائداً، قتلوك لأنك واثباً ستخيف سطوة الزمان الفاسد، دمك الأحمر لن يُنسى أو يُبلى..دمك الأحمر في رقابنا قلادة من أمانة فإن نسيناه فقد خُنا الأمانة فأرفع جبينك فوق ضوء الشمس فما زالت حياً لم ترحل وإن وضعناك في التُراب …فصُبحك ينبت الف صُبح، ودمُك ينبت في الميادين الزهور …أيها المُجاهد أنت في ضمير الأحرار والمُجاهدين والابطال حي … وفي ضمير التاريخ صفحهً مُشرقة … أنت للحق المُغتصب جولة و صولة وقوة … طهارتك جُزءً من طهارة عرضك وأرضك وقضيتك ووطنك ومسيرتك … أيها الشهيد عظمتُك جُزءاً من عظمة دينك ورسولك وأمتك وقيادتك … كُل من يعرف عنك شيئاً ايه الشهيد ظن أن الطيور في الأجواء تُغرد فرحاً بأستشهادك، تخفق إعجاباً لصبر أسرتك وأحبابك حين خرجوا يحملوك هديه الي الوطن الغالي … يا سيد الشُهداء حملناك فوق النعش ولكنَّ القلب أرتمى حُزناً علي رؤياك في الأكفان … ايه الشهيد سنكمل مسيرة التحرير بأسمك واسم شُهداء المسيرة القُرآنية المُقدسة نغني للثورة ونُدافع عن القضية ، أيها الشهيد إرقد بسلام فوصيتك ما ضاع منها حرفاً واحداً ومازال جبريل يُبلغ ، وبلال يُؤذن ،و أبناء الحسين على الدرب والمسيرة القُرآنية تمضي قُدماً فالاُمة التي تشمخ بمحمدها العظيم وبما بَثَّه وزرعه من قيم الانتصار للحق والدفاع عنه، والتوثب لاطفاء جذوة الزيغ والانحراف والباطل بكل صوره واشكاله، أمة حيّة لا تموت، أُمة لا تعرف الهزيمة وليس في قاموسها الإنكسار وهي أكبر من كلّ المارقين والمنحرفين ومنصورةٌ بإذن الله تعالى عليهم اجمعين …