الجديد برس – متابعات
في الـ 20 من ديسمبر الماضي، أعلنت القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، مقتل القيادي العسكري البارز، أو الرجل الثاني في حركة «أنصار الله» وفق تصنيف البعض، اللواء يوسف المداني، في معركة الخوخة، إلا أن القتيل المعلن عنه لم يكن المداني وإنما شخص آخر شبيه له.
وعلى الرغم من نفي «أنصار الله» صحة مقتل قائد جبهة الساحل الغربي، وتجديد ذلك النفي من رئيس «اللجنة الثورية العليا» محمد علي الحوثي، في منشور له على «تويتر»، حين أكد أن المداني بخير ويقوم بواجبه في جبهات الساحل، فإن وسائل إعلام «التحالف» نشرت صوراً لجثة شخص شبيه للمداني، وأصرت على أن القتيل هو قائد المنطقة العسكرية الخامسة، وزعمت أنه الرجل الثاني في الجماعة.
«مقاومة البيضاء»
«مقاومة البيضاء» في الحديدة، بقيادة العقيد أبو جبر الغنيمي، كانت أكدت القبض على المداني بعد إصابته أثناء مشاركته في «كمين» كان يستهدف القوات الموالية للرئيس هادي في الخوخة! وأكدت «المقاومة» أنها ألقت القبض على المداني وهو مصاب، وأشار أحد أفراد «المقاومة البيضانية» إلى أنهم طلبوا من الشخص المقبوض عليه الاستسلام بعد أن قاتل حتى نفد الرصاص الذي بحوزته، وعندما اقتربت تلك القوات نحوه، فاجأهم بإلقاء قنبلة هجومية عليهم، فردوا بالرصاص، وأصابوه بعدة طلقات في البطن، أغمي عليه على إثرها.
تصفية الشهاري
كشفت مصادر مقربة من «أنصار الله» أن جثة الشخص الذي ظهر في قنوات «التحالف» ووسائل الإعلام الموالية لها يدعى علي محمود الشهاري، وأكدت أن الشهاري تم أسره من قبل القوات الموالية لهادي وقوات أخرى جنوبية موالية للإمارات، أثناء مواجهات عنيفة دارت مع تلك القوت شرق قرى الزهاري الواقعة بالقرب من منطقة موشج التي تقع ما بين مدينة الخوخة ومنطقة يختل. واتهم مصدر في «اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى» في صنعاء، في تصريح سابق لـ«العربي»، قوات هادي بتصفية الشهاري «شبيه المداني» وخمسة أسرى آخرين في خلال العمليات التي دارت في ديسمبر الماضي في مديرية الخوخة.
شكوك حول الجثة
منذ الوهلة الأولى لإعلان القوات الموالية لهادي مقتل اللواء المداني، شككت القوات الجنوبية الموالية للإمارات بالخبر، إثر خلاف دار بين الطرفين على الجثة على خلفية المكافأة المالية التي أعلنها «التحالف العربي» في نوفمبر الماضي، والتي ورد في قائمتها اسم اللواء المداني من بين أربعين شخصية قيادية في «أنصار الله»، إذ رصد «التحالف» مبلغ 20 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات دقيقية عن القيادي يوسف المداني.
بين النفي والتأكيد
وبعد أن كادت المكافأة المالية أن تتسبب بمواجهات عسكرية بين الطرفين في الخوخة، قالت القوات الموالية للإمارات إن الجثة المعلن عنها لا تعود للمداني، وإنما لشخص آخر. وبعد أيام من تداول وسائل الإعلام صوراً لشبيه المداني، نفى القيادي الإماراتي «أبو زرعة المحرمي» أن يكون المداني هو من قتل، مشيراً إلى أن الشخص الذي قتل شبيه بالمداني، ولم يتم التعرف عليه.
إلا أن النفي الإماراتي لم ينه الجدل حول القضية، بل دفع «مقاومة البيضاء» إلى تسجيل مقاطع صوتية لأسرى من القوات الموالية لـ«أنصار الله»، وفي التحقيق مع أحد الأسرى قال الأخير إنه يعمل سائقاً في الجبهة ويدعى محمد إبراهيم شرف، وقالت «مقاومة البيضاء» إن الأسير أكد أن الجثة التي نشرت تعود لـ«أبو حسين» يوسف المداني.
وبعد التحقيق، أكدت المنطقة العسكرية الرابعة الموالية لهادي في عدن، مقتل قائد المنطقة العسكرية الخامسة التابعة لقوات صنعاء، وتوالت التهاني والتبريكات للقوات الموالية لهادي في الساحل الغربي من كبار مسؤولي حكومة هادي.
نقل الجثة إلى الرياض
أواخر ديسمبر الماضي، طلب «التحالف» نقل جثة شبيه المداني إلى الرياض بصورة مفاجئة، ونشر ناشطون صوراً لقوات موالية لهادي في منفذ الوديعة وهي تسلم الجثة الجانب السعودي، وقالت مصادر مقربة من حكومة هادي إن «التحالف» طلب الجثة للتأكد من أنها تعود للقيادي المداني أم لا.
عملية تسليم الجثة، التي تعود لعلي محمود الشهاري (من محافظة حجة)، أثارت موجة استياء في بعض أوساط المجتمع اليمني الذي اعتبر ما حدث «مخالفاً للقيم والتقاليد اليمنية»، كما استنكرت ما جرى أسرة القتيل الشهاري، التي حملت القوات الموالية لـ«التحالف» كامل المسؤولية عن الجثة، واتهمت تلك القوات بتصفية الشهاري، الذي تم أسره وإسعافة إلى مستشفى المخا أثناء مشاركته في المواجهات. وكشفت أسرة الشهاري عن تلقيها اتصالاً هاتفياً من هاتف القتيل من قبل أحد قيادات «مقاومة البيضاء» بعد نصف ساعة من انقطاع التواصل معه. وأفادت الأسرة بأن القيادي المتصل سأل عن اسم الأسير الذي قال لأسرته إنه مغمي عليه إثر تعرضه لطلقات في البطن، فتم الكشف عن اسمه، وحسب حديث الأسرة فقد قال المتصل لزوجته «هذا أبو جبريل» وأغلق الهاتف.
المداني حي
لم يعلن «التحالف» بشكل رسمي عن مقتل اللواء المداني، حتى ظهور اللواء يوسف المداني، أمس السبت، للمرة الأولى منذ أكثر من شهر على إعلان خبر مقتله في جبهة الخوخة، فالمداني عاد إلى الواجهة الإعلامية هذه المرة، وإلى جانبه عدد من قيادات «كتائب حماة الساحل» و«كتائب المندب» التابعة لـ«أنصار الله» التي أنشئت أخيراً وتمتلك قدرات قتالية متفوقة، وتزامن ظهور المداني للمرة الأولى منذ إشاعة مقتله مع مرور إحياء «أنصار الله» في صنعاء والمحافظات الواقعة تحت سيطرتها «أسبوع الشهيد» السنوي، لينهي حالة الغموض التي دارت حول اختفائه على مدى أكثر من شهر.
ويعد اللواء يوسف المداني من القيادات العسكرية النشطة التابعة لـ«أنصار الله». عين في تاريخ 25 أبريل الماضي بقرار من رئيس المجلس السياسي الأعلى في صنعاء، صالح الصماد، قائداً للمنطقة العسكرية الخامسة، بعد تصاعد تهديدات «التحالف» باقتحام مدينة الحديدة، وعلى مدى الفترة الماضية من صدور قرار تعينه استطاع أن ينشئ وحدات عسكرية متخصصة، بحرية وبرية، للدفاع عن جبهة الساحل الغربي.
يشار إلى أن وسائل إعلام موالية لـ«التحالف»، سبق أن أعلنت مقتل المداني أكثر من مرة منذ بدأ الحرب، إلا أن إعلان ديسمبر الماضي قدم على أنه جدّي.