الجديد برس : متابعات
أثارت مداخلة الرئيس الجنوبي الأسبق، علي ناصر محمد، في «منتدى فالداي»، ردود فعل رافضة من قبل «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات، فيما لقيت ترحيباً من قبل «أنصار الله» التي رأت فيها «مخرجاً جيداً» من الأزمة. وعلى مستوى المنتدى نفسه، برزت مواقف روسية مُرحِّبة بمبادرة ناصر، ومُشدِّدة على ضرورة دعم جهود المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن
وإلى جانب كلمة القيادي الجنوبي، بدا لافتاً التفاعل الروسي مع الطروحات المقدمة بشأن اليمن، والذي تمحور حول تطلع موسكو إلى لعب «دور أكبر» على هذا الصعيد.
جدّد ناصر، في مداخلته، الدعوة إلى «وقف الحرب فوراً»، و«الشروع في حل سياسي»، حدّد ملامحه في عدة نقاط، لعلّ أهمها ما يأتي: تشكيل مجلس رئاسي لإدارة المرحلة الانتقالية، تشكيل حكومة توافقية تجمع المكونات السياسية كافة، تشكيل لجان عسكرية محلية وإقليمية ودولية لجمع السلاح الثقيل والمتوسط من الجماعات المسلحة وجعله تحت سلطة وزارة الدفاع الوطنية، إقامة دولة اتحادية من إقليمين، تشكيل لجنة دستورية لتنقيح المشاريع الدستورية المطروحة، وأخرى انتخابية لوضع أسس إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
هذه النقاط لا تغاير ما كان يطرحه ناصر باستمرار في تصريحاته وبياناته، والتي كان آخرها (قبيل منتدى فالداي) بيان صادر عنه في الأول من الشهر الجاري، أورد فيه البنود المتقدمة عينها، مع فارق أنه طالب بجعل الحل الفدرالي مؤقتاً لا مستداماً، على أن «يعقبه استفتاء وفقاً لمبدأ حق تقرير المصير الذي يضمنه ميثاق منظمة الأمم المتحدة، ليقرر بذلك الجنوب مصيره: ضمن الدولة الاتحادية أو إقامة دولته المستقلة». فارقٌ شكّل مادة لردود فعل جنوبية رافضة لطروحات ناصر، على اعتبار أنه يُعدّ تراجعاً عمّا أقرّه «المؤتمر الجنوبي الأول» الذي انعقد في العاصمة المصرية القاهرة في تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2011. وبرزت من بين الردود المشار إليها تلك الصادرة عن شخصيات في «المجلس الانتقالي الجنوبي»، المحسوب على أبو ظبي، والتي تساءلت عن أسباب هذا «التنازل»، معتبرة أن «الجنوب تجاوز الرؤية التي تقدم بها ناصر»، وأن ثمة «تعاطياً دولياً مع الانتقالي».
على أن ما يعيبه المجلس على ناصر بات هو نفسه محدداً رئيساً من محددات سياسات «الانتقالي» العملية، مع فارق المصالح والأهداف، إذ إن المطالبة بالعودة إلى ما قبل عام 1990 (تاريخ دخول الشطرين في الوحدة)، لم تعد أكثر من شعار يرفعه «الانتقالي» لاجتذاب جمهوره، وإضفاء «الشرعية» على مواقفه وسلوكياته، بينما فعله على أرض الواقع لا يتجاوز حدود تأدية وظيفة ضمن المشروع الإماراتي، بهدف الاستحصال على مكاسب سياسية، تخوّله نيل حصة في يمن ما بعد الحرب.
حضر علي ناصر محمد، وقدّم مبادرة لا تتضمن استفتاءً على الوحدة
من هنا، يمكن فهم موقف ناصر في «فيلداي» على أنه إدراك لتحول مطلب «الاستقلال» (الانفصال) إلى لافتة يستغلها حلفاء السعودية والإمارات للوصول إلى مآربهم، وعليه فليس التجاهل إلا محاولة لسحب الذريعة من هؤلاء، ومن ثم تنبيهاً لمن لا تزال تدغدغه الشعارات إلى ضرورة الالتفات إلى الواقع، والمساهمة في إيجاد حل ينهي «معاناة المواطنين اليمنيين في الجنوب والشمال».
دعوة ناصر لاقت ترحيباً من قبل حركة «أنصار الله»، التي وجدت فيها «مخارج جيدة» من الأزمة المستمرة في اليمن. ووصف عضو المكتب السياسي في الحركة، عبد الملك العجري، مبادرة الرئيس الجنوبي الأسبق بأنها «مسؤولة وواقعية»، داعياً القوى السياسية إلى «التعامل معها بمسؤولية إن كانت جادة في إنهاء معاناة اليمنيين ووقف العدوان».
كذلك، قوبلت المبادرة بإشادة من قبل رئيس «معهد الدراسات الشرقية» التابع لـ«أكاديمية العلوم الروسية»، والمشارك في تنظيم المنتدى، فيتالي نعومكن، في حين أكد نائب رئيس إدارة أفريقيا في وزارة الخارجية الروسية، أوليغ أوزيروف، تطلّع بلاده بـ«اهتمام» إلى «لعب دور أكبر في إنهاء الأزمة اليمنية». وقال أوزيروف، على هامش المنتدى، إنه «يمكن لروسيا والدول الغربية أن تتعاون بشكل مثمر وفعال من أجل الشعب اليمني الذي يستحق مصيراً أفضل»، حاضّاً السعودية وغيرها من اللاعبين الإقليميين والمجتمع الدولي على «دعم جهود المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن، مارتين غريفيث».
جريدة الأخبار اللبانية