قُتِل ما لا يقلّ عن 7 أشخاص، وأصيب 12 آخرون بجروح، في تفجير انتحاري تبنّاه تنظيم «داعش»، استهدف مطبخاً ميدانياً لـ«الحزام الأمني» في مدينة عدن. تفجير ينذر بعودة «قوية» للتنظيم إلى المدينة، بالاستثمار في التنازع المستمر على الصلاحيات الأمنية، والخلافات المتفاقمة بين «الشرعية» والإمارات ز
لا تكاد مدينة عدن، جنوبي اليمن، تنفض عنها غبار هجوم إرهابي حتى يعاجلها آخر موقِعاً المزيد من الضحايا والأضرار، وخاطّاً مساراً أكثر قتامة للوضع الأمني في هذه المدينة، التي تتنازعها أيادي القوى المحلية الموالية لـ«التحالف». تنازع تجلت آخر صوره أمس في توجيه حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، أجهزتها الأمنية في عدن بعدم التعامل المباشر مع قيادة «التحالف»، في محاولة منها لاسترجاع زمام الأمور، وإعادة فرض نفسها على الساحة، في وقت تستشعر فيه توجّهاً إماراتياً – سعودياً لإقصائها.
بعد قرابة أسبوعين فقط على التفجير المزدوج الذي استهدف مقر «قوات مكافحة الإرهاب» في مديرية التواهي متسبباً بمقتل 12 شخصاً معظمهم مدنيون وبينهم امرأة وأطفالها الثلاثة، وقع انفجار بسيارة مفخخة عند بوابة مطبخ ميداني خاص بقوات «الحزام الأمني» الموالية لأبو ظبي في منطقة الدرين في مديرية الشيخ عثمان، شمالي المدينة. وأفاد مسعفون بأن الانفجار أدى إلى مقتل 7 أشخاص وإصابة 12 آخرين بجروح، موضحين أن من بين القتلى صبياً كان يمشي في الشارع لحظة وقوع الانفجار، فيما أعلنت وزارة الداخلية في حكومة هادي أن الهجوم أسفر عن سقوط 3 قتلى ونحو 35 جريحاً بينهم طفل.
وعلى الأثر، أعلنت وكالة «أعماق»، التابعة لتنظيم «داعش»، مسؤولية التنظيم عن التفجير. ونشرت صورة لمنفذ العملية، قائلة إنه يُدعى «حمزة المهاجر»، من دون إيراد تفاصيل أخرى بشأن هويته. وسبق لـ«داعش» أن تبنى الانفجار المزدوج الذي ضرب مقر «مكافحة الإرهاب» في الـ24 من شهر شباط/ فبراير الماضي.
تحاول حكومة هادي إبعاد التأثير الإماراتي عن قياداتها
وفي الرابع من آذار/ مارس الجاري، أعلن التنظيم مسؤوليته عن اغتيال جنديين في القوات الموالية لهادي، صباح ذلك اليوم. ونشر التنظيم صوراً لملثمَين يطلقان وابلاً من الرصاص على الجنديين اللذين كانا يستقلان دراجة نارية في مديرية المنصورة. وفي اليوم التالي مباشرة، أفيد عن تعرّض نائب قائد المنطقة العسكرية السابعة في قوات هادي، العقيد عبد الكريم عبد الله، لإطلاق نار أدى إلى مقتله على الفور. وعلى الرغم من عدم إعلان أي جهة مسؤوليتها عن الاغتيال، إلا أن العملية حملت بصمات تنظيم «داعش».
وتنذر هذه العمليات الأمنية بعودة «قوية» للتنظيم إلى مدينة عدن، حيث يحاول استغلال هشاشة الأجهزة الحاكمة، وتضارب المصالح في ما بينها، من أجل تثبيت موطئ قدم له هناك. هدف لا يبدو أنه سيعسر على «داعش»؛ بالنظر إلى كثرة الثغرات التي يستطيع النفاذ عبرها، وفي مقدمها تداعيات الصراع المستمر بين السلطة «الشرعية» من جهة وبين القيادة الإماراتية من جهة أخرى. صراع تمثلت أحدث حلقاته أمس في المذكرة التي أصدرها وزير الداخلية في حكومة هادي، أحمد الميسري، والتي طالب فيها قيادات «التحالف» بالتعامل مع الوزارة مباشرة، لتقوم هي بنقل ما يُتفق عليه إلى الأجهزة الأمنية التي وجّه قياداتها بـ«عدم التعامل المباشر مع قيادة التحالف». وشدد على أن وزارته قادرة على تحمل مسؤولية الملف الأمني في «المحافظات المحررة» و«التنسيق المباشر مع التحالف في كل الأمور التي من شأنها تثبيت الأمن والاستقرار».
والظاهر، على ضوء ما حملته مذكرة الميسري، أن حكومة هادي تحاول إبعاد التأثيرات المحتملة لأبو ظبي على القيادات الأمنية الموالية لـ«الشرعية»، والتي من شأنها سحب البساط من تحت الأخيرة، وتجريدها مما تبقى لها من عناصر قوة تحتجّ بها لدى الرياض. وما يعزّز مخاوف السلطة «الشرعية» في هذا الإطار الأنباء الواردة من جبهة الساحل الغربي، والتي تفيد بعودة قادة «ألوية العمالقة»، الموالين لهادي، إلى مواقعهم على تلك الجبهة، بعد زيارة قاموا بها إلى أبو ظبي، في مؤشر إلى احتمال رضوخهم للضغوط الإماراتية في اتجاه تولية نجل شقيق الرئيس السابق، طارق محمد عبد الله صالح، قائداً لعمليات الساحل.
(الأخبار)