الجديد برس : متابعات
شايف العين / لا ميديا
ما إن يتلقى تحالف العدوان ومرتزقته هزائم عسكرية في جبهات القتال على أيدي أبطال الجيش واللجان الشعبية، حتى يلجؤوا لاستخدام الورقة الاقتصادية في الضغط على القوى الوطنية، عن طريق تضييق الخناق على المواطنين في المناطق التي لم تطأها أقدامهم، مستغلين عدة عوامل فرضها العدوان والحصار على المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ.
وأزمة الغاز المنزلي التي يعاني منها سكان العاصمة صنعاء والمحافظات الواقعة تحت سيطرة القوى الوطنية، منذ فبراير الماضي، والتي ظهرت بعد الهزائم التي تلقاها العدو ومرتزقته في نهم ومأرب والجوف، تفضح مفتعليها والمتواطئين معهم، وتبرهن على مدى الوعي الذي بات يملكه أبناء الوطن، ويدركون به مخططات عدوهم الرامية لتفكيكهم وإضعافهم.
المساحة الضيقة للتصرف لا تعفي «الإنقاذ» من مسؤوليتها
بما أن العدوان ومرتزقته يسيطرون على مصادر الغاز والنفط، وأيضاً الممرات والمنافذ، فإن تصرف حكومة الإنقاذ الوطني تجاه أي فعل في هذا المجال محدود، حيث أكد خبراء اقتصاد لصحيفة “لا” أن عدم سيطرة الحكومة الوطنية على صادرات صافر الغازية المحتلة من قبل مرتزقة العدوان في مأرب، يجبرها على التعامل بحذر مع تجار المادة من أجل توفيرها للمواطنين.
ويرى الاقتصاديون أن القوى الوطنية لا تربطها علاقة جيدة بهؤلاء التجار، وإلا لما سمح لهم العدوان والمرتزقة بشراء الغاز من الآبار التي يسيطرون عليها أو باستيراد المشتقات النفطية من الخارج وبيعها في أسواق المحافظات المسيطر عليها من قبل الجيش واللجان الشعبية، لأنهم يتحكمون أيضاً بالمنافذ. غير أن كل ذلك لا يعفيها من المسؤولية الملقاة على عاتقها في التحرك لإيجاد حلول تفشل بها مخططات العدو الموجهة إلى صدر الجبهة الداخلية، كونها تساهلت كثيراً مع هؤلاء التجار منذ تشكيلها.
العدو ومرتزقته
يربحون من أسواقنا
مسؤول في وزارة الصناعة والتجارة أجاب على سؤال وجهته إليه الصحيفة فحواه “هل يربح العدو من سوق النفط والغاز في محافظات الجيش واللجان؟”: غالبية تجار المشتقات النفطية والغاز تربطهم علاقة وطيدة بتحالف العدوان، بل إن بعضهم على شراكة مع قيادات عسكرية وقبلية وسياسية كبيرة في صفوف المرتزقة، ويستحوذون على 60% من سوق المحافظات الواقعة تحت سيطرة القوى الوطنية.
ولخص المسؤول لـ”لا” الأسباب التي تقف كعراقيل أمام حكومة الإنقاذ لضبط السعر وتوفير المادة في: سيطرة العدوان ومرتزقته على المنافذ والممرات الخاصة باليمن، وبالتالي قدرتهم على حجز أية سلع خاصة بتجار ليسوا متواطئين معهم، وتحكمهم بمصادر الغاز والنفط للبلد، والتي تقع في مناطق تحت احتلالهم، وبالتالي يضغطون على السلطات الوطنية بكلا الأمرين، حيث يتحكمون بواردات السوق، ويسيطرون على مصادره، وأن التجار المتواطئين معهم يعملون على عدم مد السوق المسيطرين عليها بحاجتها من الغاز لخلق أزمة غايتهم منها تأليب الشارع على القوى الوطنية، وإضعاف تماسك الجبهة الداخلية.
مسؤولون في النفط والمعادن أكدوا أن التجار هم المتسببون بأزمة الغاز، فكثير منهم احتكروا المادة في خزانات محطاتهم، والبعض امتنعوا عن جلبها من صافر بمأرب بذريعة عدم توفر مادة الديزل اللازمة لناقلات الغاز بالتنسيق مع مرتزقة مأرب من الإصلاحيين بقيادة العرادة، وبالتالي يتعمدون ألا يأخذ السوق كفايته من الغاز لخلق الأزمة.
تجار تحالف العدوان يملكون 60 % من سوق الغاز
ألقت وسائل إعلام العدوان ومرتزقته مسؤولية أزمة الغاز التي افتعلوها نهاية الشهر الماضي، على عاتق القوى الوطنية، وقالت إنها تحاول خلق سوق سوداء للغاز، فيما أوضحت مصادر محلية في محافظة مأرب المحتلة لصحيفة “لا” توقف أكثر من 100 ناقلة للغاز بالقرب من محطة صافر بعد تعبئتها بالمادة، بحجة عدم توفر الديزل اللازم لوصولها إلى صنعاء وبقية المحافظات، وهذا يؤكد وجود مخطط تآمري معد مسبقاً بالتنسيق بين السلطات العميلة والإعلام التابع لها والتجار المتواطئين معها، الذين عللوا حدوث الأزمة في تصريحاتهم لوسائل الإعلام تلك بأن سلطات صنعاء فرضت عليهم سعراً محدداً لبيعها، بينما الحقيقة هي أن حكومة الإنقاذ حددت سعراً رسمياً لهم عند سقف 3000 ريال للأسطوانة 20 لتراً، لوضع حد لمضاربتهم بالأسعار كما فعلت مع البنزين الذي حددت له سعراً رسمياً بـ7200 ريال.
وهذا الإجراء من الحكومة وقع عليه عشرات من تجار الغاز؛ غير أن الكبار منهم والذين يستحوذون على 60% من السوق رفضوا التوقيع وقابلوا القرار بإخفاء المادة من السوق وعرقلة وصولها إليه.
تحرك الحكومة لتحديد سقف المضاربة أتى نتيجة للبلاغ الذي رفعه فريق قانوني إلى النائب العام يفضح امتلاك 42 تاجراً من تجار الغاز أكثر من 3000 صهريج تبلغ أرباح الواحد 7 ملايين ريال، والذي اعتبره الفريق إثراء غير مشروع على حساب استقرار المواطن البسيط، وفساداً يتهدد الاقتصاد الوطني. وأشار البلاغ إلى أن تجار الغاز يحددون لأنفسهم أجور نقل وعمولات وربحاً غير محدود يتحملها المواطن في ظل غياب رقابة الدولة.
لم يكتفِ العدوان ومرتزقته بافتعال أزمة الغاز، فالاثنين الماضي طرأت أزمة مفاجئة في البنزين داخل العاصمة صنعاء، وازدحمت طوابير السيارات في المحطات رغم توفر كميات كبيرة من البترول فيها، وارتفع سعر الدبة 20 لتراً إلى 9000 ريال، تزامناً مع تغريدة لسفير دولة العدوان «السعودية» لدى حكومة المرتزقة محمد آل جابر، في ذات اليوم، يتهم فيها أنصار الله بخلق سوق سوداء للمشتقات النفطية والغاز، وهو ما مهد الطريق أمام تحالف العدوان الأمريكي السعودي ومرتزقته لافتعال الأزمة الراهنة وبدعم من الأمم المتحدة التي تناول تقرير خبرائها عن اليمن أن القوى الوطنية تمول تكاليف الحرب التي تدافع بها عن الوطن ضد عدوانهم، من سوق الغاز والمشتقات النفطية.
وأشار التقرير الذي أعده فريق تابع للمنظمة الأممية، ونشر منتصف فبراير الماضي، إلى أن حكومة الإنقاذ الوطني «الانقلابيين» حد تعبيره تتحصل على الإيرادات بدرجة أساسية من السوق النفطية، مبشراً بعودة السوق السوداء في صنعاء والمحافظات غير الخاضعة لسيطرة تحالف العدوان ومرتزقته.
وبعد نشر التقرير بفترة وجيزة ظهرت أزمة الغاز المستمرة حتى اليوم، وكذلك محاولة لخلق أزمة في مادة البنزين انتهت بالفشل نتيجة تحرك جاد من المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ، مع محاولة لاحتواء أزمة الغاز والحد من تداعياتها السلبية.
محاولات “الإنقاذ” لمواجهة أزمة الغاز
بعد سبات طويل استيقظت حكومة الإنقاذ، وأول تحركاتها لمعالجة أزمة الغاز التي تسبب بها العدوان والتجار الموالون له الذين لم تتعامل معهم بحزم، هو التوجيه بفتح باب استيراد الغاز من الخارج أملاً في تخفيف معاناة المواطنين المصطفين في طوابير طويلة أمام محطات الغاز.
ويرى كثيرون أن هذا التوجيه أشبه بقرار تعويم لمادة الغاز يسمح للتجار باستيرادها من الخارج بعد أن كان ذلك حكراً على شركة الغاز التابعة لوزارة النفط. وكان وزير المالية في حكومة “الإنقاذ”، حسين مقبولي، لمّح في لقاء جمعه بكبار تجار الغاز في 27 فبراير الماضي، إلى أن الدولة قادرة على فتح باب الاستيراد من الخارج ووقف نشاط المتلاعبين بموجب القانون، وكل الخيارات مطروحة في سبيل توفير المادة بالسعر المعقول للتخفيف عن كاهل المواطنين، متوعداً باتخاذ إجراءات رادعة ضد المتلاعبين بالأسعار.
ومن ضمن التحركات الحكومية ما قامت به الأجهزة الرسمية للدولة الأسبوع الماضي، من عمليات ضبط لمفتعلي أزمة البنزين، والمضاربين بسعرها، وإفشالها مخططهم المنضوي تحت مشروع العدوان ومرتزقته، الذي يستهدف الجبهة الداخلية، ويسعى لزعزعتها وإثارة هلع المواطنين.
من جانبها، نجحت أمانة العاصمة، بالتعاون مع أجهزة الأمن والتجار الوطنيين،في تخفيف آثار أزمة الغاز، وكذلك تخفيف الطوابير المزدحمة أمام المحطات، وذلك بإنشاء آلية لتوزيع المادة على المواطنين.
وتمثلت الآلية في تقسيم حصص الغاز المتواجد في صنعاء على محطات محددة، كل محطة تغطي احتياج 3 حارات، ويقوم كل عاقل حارة بإعداد كشوفات بأسماء سكان حارته يصرف لكل بيت فيها أسطوانة 20 لتراً بسعر 3000 ريال.
وأكد عقال حارات ومواطنون التقتهم صحيفة “لا” في بعض محطات العاصمة، نجاح الآلية التي استدعت بذل جهود كبيرة من الجميع في تخفيف الأزمة، وتوجيه صفعة جديدة للعدوان ومرتزقته أفشلت أحلامهم في رؤية الشارع الوطني يحرف شوكة بوصلته عن مواجهتهم نحو القوى الوطنية، فإذا به يبذل الجهود إلى جانبها.