الجديد برس – رشيد الحداد
أعادت قوات من «الحزام الأمني» الموالية للإمارات، «برميل الشريجة» إلى مكانه، الأحد الماضي، الذي يحمل رمزية إنفصال الجنوب، وفك ارتباطه. الحادثة جاءت بعد تصاعد وتيرة الرفض للتواجد الإماراتي في الجنوب، خصوصاً وأن أبو ظبي لم تقدم موقفاً رسمياً واضحاً فيما يخص حل القضية الجنوبية، على الرغم من دعمها لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي»، إلا أنها تقتصر في تقديم الدعم العسكري للقوات التابعة لـ«الانتقالي»، وتستخدمه كورقة ضد حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي في الجنوب، وباتت أبوظبي – بحسب مراقبين – المعطّل الأول لعودة الحياة إلى المدن الجنوبية، بعد أن وضعت يدها على المطارات والموانىء ومناطق الثروة، إضافةً إلى دعمها للتشكيلات العسكرية خارج مؤسسات الدولة، وهي التي أقدمت أخيراً على احتجاز مرتبات الموظفين في ميناء عدن.
وبحسب مراقبين، فإن أبوظبي تحاول ترميم صورتها عند الجنوبيين، بتلك الخطوة الشكلية حين أوعزت للقوات الموالية لها رفع «برميل الشريجة» في المنطقة الحدودية بين الجنوب والشمال في كرش. خطوة، يضعها مراقبون بمثابة ذرّ الرماد في عيون الجنوبيين، لبعدها عن سياسات الإمارات الحقيقية في الجنوب.
البرميل الذي عاد إلى الشريجة صباح الأحد، بعد 28 عاماً على إزالته، جاء بعد تقدم محدود لقوات محسوبة على الإمارات في منطقة الشريجة، الواقعة شمال محافظة لحج، والتي تعد من المناطق الحدودية بين الشمال والجنوب سابقاً، وبحسب المصادر المحلية، قام ضباط وأفراد من «اللواء 127» بإعادة نصب البرميل، وإقامة نقطة عسكرية إلى جانبه.
وتداول عشرات الناشطين اليمنيين صوراً ومقاطع مصورة (فيديو) لجنود يعيدون برميل الشريجة التشطيري إلى مكانه القديم، وبجانبه علم الجنوب، وتبادلوا الاتهامات بشأن تداعيات إعادة البرميل، ومصالح الجهات التي تقف خلفه، خصوصاً وأن البرميل، يمثل رمزية، إذ عُرفت البوابة الغربية للشريجة عبر عقود زمنية بـ«البرميل»، الذي نصب وسط الخط العام الرابط بين محافظتي لحج الجنوبية سابقاً ومحافظة تعز شمال الوطن، وكانت منطقة تماس بين الدولتين قبل الوحدة، ومعبراً أمنياً يعيق التنقل بين الشمال والجنوب، وارتبط إسمها بـ«برميل الشريجة» الشطري، الذي تسبب بمعاناة لا حدود لها، قبل أن يتم إسقاطه صبيحة الـ 22 من مايو العام 1990، ونُقلت الكتلة الحديدة الممتلئة بمادة الإسمنت من الشريجة في محافظة لحج إلى العاصمة صنعاء، ووضعت في المتحف الحربي، نظراً لدورها في إعاقة التواصل بين فئات المجتمع في الشمال والجنوب.
معركة البرميل
أواخر فبراير العام 2015، هاجمت قوات جنوبية تتبع «المقاومة الجنوبية» في منطقة الشريجة، وتمكنت من السيطرة على مدرسة الشريجة بعد مواجهات عنيفة مع قوات رمزية من حركة «أنصار الله» كانت تتواجد لحماية المدينة، إلا أنها سارعت إلى نصب «برميل الشريجة». حينها، وكما تشير المصادر، حدثت خلافات كبيرة كادت أن تتسبب باقتتال بين تلك القوات التي كانت تتبع الجنرال الجنوبي، فضل حسن، وعناصر موالية لـ«الحراك الجنوبي» أصرت على إعادة «برميل الشريجة»، وهو الموقف الذي عارضته عناصر سلفية وإصلاحية كانت تتواجد ضمن تلك القوات.
ونتيجة الخلاف، انسحبت العناصر السلفية والتابعة لحزب «الإصلاح» من المعركة، وطالب عناصر «الحراك الجنوبي» المسلحة بحماية البرميل. وأكدت المصادر أن البرميل تسبب بتفكك جبهة الشريجة وكرش المواليتين لهادي، وعلى خلفية «برميل الشريجة»، شنت القوات الموالية لـ«أنصار الله» هجوماً كاسحاً على المنطقة، واستعادت الشريجة وأسقطت البرميل، ولم تكتف بذلك، بل تقدمت حتى وصلت إلى منطقة (الحويمي) في كرش، وغنمت عدداً كبيراً من الأسلحة والمدرعات، وقتلت عدداً كبيراً من أنصار عودة البراميل.
القذافي يركل البرميل
كان الشعب اليمني موحداً قبل «الوحدة اليمنية»، ومثلت مطالب الشعب دافعاً أساسياً للقيادات السياسية في شمال اليمن وجنوبه لإزالة الحدود الشطرية، ولذلك، أطلق على «الوحدة اليمنية» في حينها بالوحدة السياسية بين الشمال والجنوب. كانت البراميل الشطرية لا تقل برمزيتها ومآسيها عن «جدار برلين» الذي فصل ألمانيا الشرقية عن ألمانيا الغربية قبل العام 1990 أيضاً.
يتداول اليمنيون قصة الرئيس معمر القذافي مع «برميل الشريجة» في منطقة كرش، محافظة لحج، التي تعود إلى العام 1985، يومها، كان القذافي في زيارة إلى صنعاء لأيام عدة، ومنها قرر الانتقال براً إلى عدن، إلا أنه تفاجأ حال وصوله إلى منطقة كرش، بوجود نقطة أمنية يتوسطها برميل أكله الصدأ، وبعدما، مر موكب القذاقي بصعوبة من المعبر الذي يفصل الجنوب عن الشمال، أمر موكبه بالتوقف إلى جانب البرميل، ونزل من سيارته باتجاهه، ووسط ذهول الجنود والضباط والمواطنين ركل القذافي البرميل برجله، وخاطب الجموع المحتشدة بالقول: «هذا الذي يعيق الوحدة بينكم، أسقطوه تسقط كافة عوائق الوحدة».
المصدر: العربي