الجديد برس : رأي
عمر القاضي
عن رفيقي الأخجف الذي قدم من أقصى الجنوب إلى العاصمة صنعاء وهو مفتون بانفتاح شباب الإصلاح، قال: ما لك يا رفيق؟! مكانك تحشر الإصلاح وتحملهم كل الحاصل في البلاد؟! رددت عليه: ليس لهم علاقة بشيء. أيش رأيك نتحملها أنا وسفيان الهدش؛ لأن الإصلاح في تعز يوزعوا ورود، وفي الجنوب يدربوا المواطنين على فنون الرسم والرقص ويعلمونهم مبادئ السلام؟! طيب ليش فحطوا تركيا وماليزيا؟! جاء بيسرد لي خطوات انفتاحهم المزيف، قال: تعرف يا رفيق أن شباب ومنشدين الإصلاح قد تعدلوا كثير، وأصبحوا منفتحين بأفكارهم يغنوا ويدخنوا و… و… الخ؟! قلت: وأنت أيش عرفك؟! قال: أنا محتك معاهم كثير في الجنوب (ركزوا؛ نعم هو محتك معاهم!). الصدق أنا أمقت أي شخص يحتك، أيضاً؛ ضد احتكاك اليسار باليمين.
مرة واحدة كذا انفتحوا؟! وأنا إيش دخلنا ينفتحوا ولا يتغلقوا؟! انفتحوا بعد أيش يا رفيق؟! بعد أن فتحوا البلاد لغزاة أجانب، وفتحوا جهنم علينا! الله لا ألحقهم خير! يعني نقدنا لهم كان من أجل أن ينفتحوا؟! شلوك أنت وهم!
رفيقي الأخجف استمر يحدثني بلهفة كما لو أنني كنت أنتظر حديثه عن انفتاح الإصلاح بفارغ الصبر، على أساس أن انفتاحهم سيشكل نقلة كبيرة لصالح المدنية والتقدم! أنا حانب بالإيجار، أبحث عن الغاز، وبلا راتب منذ بداية الحرب… والأخجف حانب بانفتاح الإصلاح.
كان اشتراكي قبل أن ينزل الجنوب. رجع إصلاحي جاهز، كل هدرته مواعظ سامجة كمحمد الحزمي.
مستغرب أن الإصلاح قشطوه وأخونوه خلال فترة وجيزة. أقنعوه أيضاً أن المدنية والانفتاح متمثلة بارتدائهم فانيلة نص مضغوطة وبنطلون جينز مطرز بثقوب الموضة الحديثة، وحفظهم لأغاني إنجليزية يهتزوا عليها عصراً بشارع التواهي كما لو أنهم مجاذيب من أجل يثبتوا للأخجف هذا وأمثاله أنهم منفتحون.
ترك شغله وطلع صنعاء يجري يبشرنا بالمنفتحين! يعني من حلق شعره سبايكي وذقنه سكسوكة كبعض الخليجيين وارتدى بنطلوناً مقصوصاً، خلاص يُعتمد أنه منفتح!
المشكلة برفيقي الأخجف الذي احتك معاهم ودفخوا سيجارته المهربة عنوة، وهو لم يفهم ذلك. نفضوا سيجارته ليس لأنهم مدمنون أو محيرفون،
وإنما يطبقوا الحديث الشريف الخاص بمكافحة المعصية (فمن لم يستطع بيده فبلسانه). تتذكروا محمد المقبلي وهو يكافح معصية المدخنين بلسانه وشفايفه ليل نهار بالساحة! يطلب حبة سيجارة ثم يحرقها بالمقلوب عنوة لكي يرميها، ويطلب حبة أخرى ويشعلها ثم يخرج الدخان من بين ثناياه كمخارج الحروف، دون أن يشفط نخس واحد تجاه رئتيه! يعني تدخينه مقبول مرجوع!
الأخجف أخبرني أيضاً أن شباب الإصلاح ينتقدوا قيادتهم. ينتقدوا وإلا يقطّعوا لهم من سنت، ما دخلنا بأفكارهم؟! قال باقي شيء بقوله لك! رددت عليه: مش ضروري. قال: نحن يا رفيق من أثَّرنا عليهم وأصبحوا يقرؤون روايات عالمية وشعر… الأخجف مصدق أنه هو من أثر عليهم.
مش عارف أن الإخواني عندما يحاول ينفتح ويتثقف ليس لوجه الله، وإنما هدفه الاستقطاب ويجد منفذاً لترويج أفكاره وينال بالمسخرة من كل المثقفين الروائيين يساريين وعلمانيين.
يقرؤون قصائد درويش ودنقل والماغوط، يحدثونك عن شعراء اللحظة تميم البرغوثي ومروان الغفوري وعامر السعيد، وأنهم يحذون حذوهم.
يستدلون بالجابري كأفضل مفكر عربي، وأوغلو كمفكر عالمي… حتى يسخروا من مفكرين آخرين ليسوا تحت تنظيمهم. لقد تمادى الإصلاحيون بانفتاحهم وصولاً الى قراءتهم كتاب (رأس المال) حق (عبد الله ماركس)! هيا شاهدوا على تحرش واستفزاز للاشتراكيين! بس بيني وبينكم يستحقوا الاشتراكيين، لأن بعض الرفاق ابتدأوا يستفزون الإخوان بقراءتهم لـ(رياض الصالحين) وتطبيقه في تنظيراتهم التي تمجد الإصلاح.
نحن في أزمة وحرب وبدون رواتب، والإصلاحيين يقرؤوا لـ(ماركس)! يعني كان باقي مع الرفاق كتاب (رأس المال) و(الديالكتيك) جاء الإصلاحيون يزقوا عليهم المهرة.
كمل أبو الليم يا رفيقي الأخجف! مش عارف أن شباب الإصلاح يعتقدون أن الانفتاح معصية، لذلك يستغلونه ويوظفونه شكلاً وبطريقة زائفة في خدمة هدفهم الحزبي الضيق فقط! معاهم قاعدة فقهية تقول: (الضرورات تبيح المحظورات)، لذلك أجازوا كارل ماركس والانفتاح ليستقطبوا بقية أعضاء الأحزاب. لكن ستبقى الحبة السوداء والعسل وخلطة الحريو وزواج الصغيرات وتعدد الزوجات والجهاد، عندهم محظورة وخطاً أحمر!