المقالات

الله والشيطان وآل سلول

الجديد برس : رأي

محمد القيرعي

قالت [جماعة الباسك] قديماً، إنه متى ما بدأ الثعلب في الوعظ فقدت دجاجتك، وهذا صحيح نوعاً ما، وإن كان ينطبق من وجهة نظري على قمة الظهران ا?نبطاحية بامتياز.
وبما أن الشيطان يكمن في التفاصيل كما يقال، فيكفي في هذا الصدد الإمعان بشكل جلي بمضمون قراراتها ومخرجاتها التي جردت الأمة ولا شك من كل صفات العروبة والهوية القومية.. محولة إياها [أي القمة] وبفضل مهرجيها من معتمري الدشداشات وربطات العنق الزاهية والملونة، إلى ما يمكن وصفها بقمة الظهران الصهيوأمريكية بامتياز، نظراً ليس فقط لقراراتها ومخرجاتها التي عنونتها صحيفة (الرياض) الرسمية الناطقة باسم آل سلول في اليوم التالي مباشرة، بمانشيت عريض يقول: [قمة الظهران.. سلام مع إسرائيل.. مواجهة مع إيران].. الخ..
وإنما لكونها جعلت من عنصر العمالة والانبطاح العربي الرسمي [المبطن والمبهم سابقاً] مسألة علنية وسافرة، وجزءاً رئيسياً من مكون القومية والهوية العربية والإسلامية، هكذا عيني عينك، وإن كان الأمر الملفت والأكثر خزياً من القمة ذاتها هو أن القمة شكلت نوعاً من التتويج لزعامة الرياض على القرار السياسي العربي، على حساب الدور والزعامة المصرية التاريخية، ما يجعل من مصر السيسي الخاسر الأبرز في هذا السياق.
وعموماً، ومثلما باتت إسرائيل تنعم بوضع وامتياز الشقيقة الصغرى والوديعة للعرب، والأكثر استحقاقاً ربما من غيرها للسلام والتعايش الآمن معنا، كذلك تحولت [امبراطورية اليانكي] أي أمريكا، من عدوة تقليدية للبشرية جمعاء، الى راعية ومرشدة أمينة لأمن وسلام وتطلعات أمتنا العربية والإس?مية من أقاصي القارة السمراء في أفريقيا الى شرق وجنوب قارة آسيا، حيث ينعم مسلمو الروهينغيا وغيرهم بكل مظاهر السكينة والأمان.. الخ.
فيما العدو التقليدي للأمة وللإس?م والهوية والعروبة وفق قرارات ومخرجات [قمة الرذيلة]، بات يربض هناك متربصاً بأمن الأمة، بدءاً من طهران ودمشق وانتهاءً بصنعاء وحزب الله في لبنان وحركات المقاومة اليسارية في فلسطين السليبة ومن والاها من جياع الأمة وجائعيها ومضطهديها.. الموصومين ولا شك بالردة عن الله وأمريكا والسعودية ممن ينبغي صلبهم وقتلهم وتهجيرهم حتى لا يصبح كفرهم البواح إيذاناً ببلاء الأمة وضياعها.
ولذلك، ومثلما انعقدت قمة [السيسي وآل سلول وآل زايد] في الظهران، عقب قيام أمريكا وحلفائها الغربيين، وفي سياق مهمتهم المقدسة في الدفاع عن العروبة والإسلام، باستهداف الشقيقة سوريا، شعباً ودولة، فإن الأمور تزداد وضوحاً، خاصة إذا ما أمعنا النظر بصورة ثاقبة بطبيعة التطورات السياسية والأمنية التي أعقبت أعمال قمة الرذيلة تلك، ليس فحسب على صعيد بلادنا، وإنما أيضاً على امتداد المشهدين العربي والإسلامي، منها على سبيل المثال تصعيد العدوان لأعماله العسكرية والإجرامية ضد بلادنا، واغتيال الرئيس الصماد، وذلك بالتوازي مع قيام الموساد الإسرائيلي باغتيال العالم الفلسطيني فادي البطش في ماليزيا، وقيام النظام المصري بتوسيع حملاته العسكرية والأمنية ضد المناوئين لإسرائيل في شمال سيناء، بغض النظر عن هويتهم الأيديولوجية، وذلك بالتوازي مع تصاعد الحملات التحريضية في الغرب والعالم العربي أيضاً ضد حزب الله في لبنان وضد إيران وسورية.. بالتوازي مع سعي السيد دونالد ترامب للانسحاب من الاتفاق النووي المبرم مع إيران، بهدف وضعها في خانة المواجهة والاستهداف العدواني المباشر.. الخ.
الأمر الذي يعكس سعي [مهرجي قمة الظهران] إجمالاً لتهيئة الساحة العربية لس?م حقيقي وكلي مع شقيقتنا الصغرى والمدللة إسرائيل، بغية التفرغ بعدها لمواجهة مشروع التحرر العربي والإسلامي الذي تحمله كل من إيران وسوريا وحلفائهما في المنطقة، استناداً إلى قرارات قمة الظهران المخزية.. الخ.
الأمر الذي انعكس وسينعكس إجمالاً وبشكل سلبي على المدى الطويل، على ثبات وصلابة ومستقبل تيار التحرر والممانعة العربية والإسلامية بدءاً من طهران ودمشق وبيروت وفلسطين وانتهاءً بصنعاء..
وعليه، وبما أن الحل العسكري في اليمن بات أكثر صعوبة وتعقيداً مما كانت السعودية تعتقده، فإن تصوري لمجرى المفاوضات التي يروج لها المبعوث الدولي غريفث، ستكون نسخة مكررة للنموذج الليبي الممزق جراء تعددية الأقطاب الخارجة عن السيطرة، بغية خلق كيان وطني على مقاس مهرجي الخليج وسدنتهم.
وللحديث بقية…
@ عضو اللجنة الثورية العليا