الجديد برس : متابعات
إنَّ ما يجري على يد القوات الإماراتية أو المدعومة إماراتياً في اليمن، من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بما يخالف القانون الدولي، توجب المساءلة والمحاسبة أمام المحكمة الدولية كجرائم حرب حقيقية.
وتزايد حجم الانتهاكات لحقوق الإنسان والجرائم الإنسانية التي ارتُكِبت بحق الشعب اليمني بحجة محاربة الحوثيين وداعش والإرهاب، الأمر الذي أنكرته أبو ظبي وحكامها وتتهرّب منه، وستظل هذه الانتهاكات الجسيمة في اليمن محفورة في ذاكرة العار العربية، وفي تاريخ الشعب اليمني بشكلٍ خاص!
سجون سرية في اليمن:
يتعرض الشعب اليمني لأبشع أساليب القمع والتنكيل وممارسة التعذيب والاختفاء القسري في سجون الإمارات السرية باليمن، ما يعكس مدى الوجه الخفي والسلوك الإجرامي لدولة الإمارات في التعامل مع المعتقلين داخل الإمارات نفسها، بالإشارة إلى ما يحدث مع المحتجزين الإماراتيين والأجانب في “سجن الرزين” سيئ السمعة، ففي الفترة ما بين (2012- 2014م) وصلت حالات الاعتقالات والاختفاء القسري في الإمارات إلى 500 حالة، حيث رصدت منظمة العفو الدولية في تقريرها للعام 2016م، أن (عشرات المعتقلين وبينهم أجانب تعرضوا للاختفاء القسري على أيدي السلطات التي احتجزتهم سراً طيلة شهور دون الإقرار باحتجازهم، وذكر كثيرون ممَّن أُفرِجَ عنهم أنهم تعرضوا للتعذيب أثناء الاحتجاز)، وما جرى في الإمارات من حبس مئات الناشطين السلميين ومنتقدي الحكومة لاحقه تهم فضفاضة ترتبط بالأمن القومي، كالانتماء إلى تنظيم سري يهدف إلى قلب نظام الحكم، وقد انتقدت منظمات حقوقية دولية الانتهاكات البشعة في الإمارات، أثناء مؤتمر سويسرا لسماع شهادات بعض الناجين من سجون أبو ظبي، حيث كشف هؤلاء عن تعرضهم للتعذيب والصعق بالكهرباء خلال احتجازهم، ومن جانبها أوضحت المفوضية السامية لحقوق الإنسان أن الإمارات تواصل عمليات التعذيب والإخفاء القسري والسجن في مراكز إيقاف سرية.
وفي تقرير أصدرته منظمة “ريبريف” البريطانية أن (حوالي 75% من المعتقلين في السجون الإماراتية تعرضوا لأشكال مختلفة من التعذيب وسوء المعاملة والعنف الجسدي)، فيما تغضُّ الإمارات الطرف عمداً عن الانتقادات الحقوقية الدولية والأممية، وهو على ما يبدو نهج من سلطات أبو ظبي للاستمرار في أهدافها في بناء شبكة من المعتقلات السرية، ليس داخل أراضيها فحسب، بل امتدَّتْ تلك الشبكة حتى وصلت اليمن والصومال وإريتريا.
وقد أثارت فضيحة شبكة السجون السرية الإماراتية في اليمن، حفيظة العديد من المنظمات الحقوقية الدولية، خصوصاً بعد أن فتحت الأعين على الدور الإماراتي في المنطقة والمشروع العربي الجديد لبناء مزيد من (مراكز الاحتجاز والمعتقلات السرية) الأسوأ صيتاً في تاريخ الحروب، وقد وثقت تحقيقات ميدانية لوكالة “اسوشييتد برس” الأمريكية الجانب المظلم للدور الإماراتي المتعارض مع قوانين الحرب، حيث كشفت عن اعتقالات تعسفية واسعة لنحو 2000 شخص يمني وغير يمني، كما وثقت السجون السرية التي جرى إنشاؤها داخل قواعد عسكرية وموانئ ومطارات وحتى داخل ملهى ليلي!!
ونشرت الناشطة اليمنية الشهيرة “توكل كرمان” قبل أشهر، عدداً من القوائم لأشخاص معتقلين تمَّ إعدامهم في مراكز الاحتجاز السرية تلك، وتتسم أوضاع المحتجزين فيها بمشاهد الحزن والرعب، حيث يتعرض العديد من المعتقلين إلى أصناف مختلفة من التعذيب والضرب المبرح والصعق بالكهرباء والتجريد من الملابس والضرب على أخمص القدمين وغيرها.
وقد بعثت السيدة “سارة ليا واتسن” مسئولة منظمة “هيومان رايتس ووتش” للشرق الأوسط خطابيْن رسمييْن إلى “السلطات الإماراتية واليمنية” تطالب فيها بتفسيرات حول ظروف وملابسات الاعتقال في السجون السرية، ومن ناحيتها دعت “منظمة العفو الدولية” لفتح تحقيق دولي عاجل حول إدارة الإمارات للسجون السرية في اليمن، وتعهد المنظمة بالإعلان عن تحقيقٍ تقوده الأمم المتحدة لكشف الدور الذي لعبته الإمارات في شبكة السجون السرية المرعبة، وأدت إلى اختفاء آلاف اليمنيين!!.
ومن جهتها، طالبت “الشبكة العالمية لملاحقة مجرمي الحرب”، مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية بملاحقة العميد (عبد السلام الشحي) قائد القوات الإماراتية وقائد قوات التحالف في الساحل الغربي لليمن، وإدراجه على قائمة المطلوبين للعدالة الدولية لارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في اليمن، ورصدت التقارير نحو 15 سجناً سرياً في “عدن” و6 في “حضرموت”، كما نُشِرت قائمة موثقة بأسماء 28 يمنياً أُعدِموا أو قُتِلوا تحت التعذيب في السجون السرية!.
إدانات دولية واسعة:
منذ انطلاق عاصفة الحزم وانتشار الفضائح والجرائم الحقوقية فيها، صدر عدد من التقارير الدولية التي تتضمن الكثير من الإدانات الأُمميَّة لتحالف السعودية والإمارات، دون أن يمنعها ذلك من الاستمرار في إراقة دماء الأبرياء من نساء وأطفال، وأبرز تلك الإدانات والانتقادات الدولية ما يلي:
* في 5 حزيران 2016م، صدر أول تقرير أممي يدين تحالف السعودية، وصنَّفَ التقرير التحالف ضمن القائمة السوداء للدول والمنظمات التي تمارس انتهاكات ضد الأطفال في مناطق النزاع.
* في 27 كانون أول 2016م، أدان تقرير أممي آخر التحالف جراء الحصار الشامل الذي تفرضه السعودية على اليمن والذي يهدد حياة الملايين من الأطفال والنساء، ويمنع عنهم الدواء والغذاء.
* في 28 تموز 2017م، أدان تقرير أممي جديد التحالف لارتكابه أو تورّطه بشكل مباشر في انتهاكات لحقوق الإنسان باليمن، يرقى بعضها إلى جرائم حرب.
* في 17 آب 2017م، أدان تقرير أممي السعودية وتحالفها بقتل مئات الأطفال اليمنيين في الحرب، حيث أدت الغارات الجوية إلى قتل 349 طفلاً على الأقل وإصابة 363 طفلاً آخر.
* في 20 آب 2017م، أعدَّ فريق الخبراء التابع للجنة العقوبات الدولية على اليمن تقريرا، أدان فيه دعم الإمارات لجماعات مسلحة إضافة لممارستها الاحتجاز غير القانوني والإخفاء القسري للأبرياء في اليمن.
* في 5 أيلول 2017م، انتقدت المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ممارسات التحالف العربي في اليمن، كما أوضح تقرير سري أعده مراقبون في الأمم المتحدة أن التحالف السعودي الإماراتي يهدد السلام والأمن والاستقرار في اليمن، من خلال منع وصول المساعدات الإنسانية.
* في 18 كانون الثاني 2018م، انتقد تقرير للأمم المتحدة تدخل التحالف في اليمن، وقال إنَّ هجماته الجوية أودت بحياة الأغلبية من بين أكثر من خمسة آلاف مدني قتلوا في الحرب، وقد وجَّه تقرير فريق الخبراء الدوليين التابع للجنة العقوبات انتقادات قوية للسعودية والإمارات، وقال إن دعمهما لجماعات مسلحة مختلفة يقوض سلطة الحكومة “الشرعية”.
* في 15 شباط 2018م، خلص تقرير أعده فريق أممي إلى أنَّ “اليمن كدولة تكاد تكون انتهت من الوجود”، متهماً التحالف بدعم قوات تعمل بالوكالة لأهداف خاصة بها، في إشارة إلى القوات التي تموّلها الإمارات بالعدة والعتاد مالياً وعسكرياً واستخباراتياً.
إضراب المعتقلين:
قال عشرات المعتقلين، في مركز اعتقال تديره دولة الإمارات جنوبي اليمن، إنّهم (بدؤوا إضراباً عن الطعام، احتجاجاً على احتجازهم لأجل غير مسمى، من دون توجيه تهم أو محاكمات).
وأكد نحو 100 معتقل في سجن “بئر أحمد” في مدينة “عدن” جنوبي اليمن، في بيانٍ سُرّب إلى وسائل الإعلام، بحسب ما أوردت “أسوشييتد برس”، أنّ إضرابهم المفتوح سيستمر حتى تتم تلبية مطالبهم.
وأشاروا إلى أنّ النيابة العامة في “عدن”، أمرت بإطلاق سراح أكثر من 70 معتقلاً، لكنَّ القادة “الإماراتيين” في السجن رفضوا السماح لهم بالرحيل.
وكان المحتجزون، قبل نقلهم إلى “بئر أحمد”، من بين مئات تمَّ اعتقالهم بتهمة “الإرهاب”، واحتُجِزوا في مراكز اعتقال سرية تديرها دولة الإمارات في اليمن، حيث تعرّض السجناء للتعذيب، وكل أساليب الانتهاك البشري، وسط إنكار تام من حكومة الإمارات.
ردود فعل دولية:
* دعت منظمة “العفو” الدولية، في يونيو/حزيران الماضي، إلى فتح “تحقيق عاجل” بشأن إدارة الإمارات وقوات يمنية متحالفة معها شبكة من السجون السرية في جنوب اليمن.
* من جهتها، أكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، في نفس الوقت أنَّ الإمارات احتجزت تعسفاً وأخفت قسراً عشرات بل مئات الأشخاص خلال عمليات أمنية، لافتة إلى أنها تموّل وتسلّح وتدرّب هذه القوات التي تحارب في الظاهر الفروع اليمنية لتنظيم القاعدة أو تنظيم “داعش”.
ولفتت المنظمة إلى أنّ الإمارات تدير مراكز احتجازٍ غير رسمية، ويبدو أنّ مسئوليها أمروا بالاستمرار في احتجاز الأشخاص رغم صدور أوامر بإطلاق سراحهم، وأخفوا أشخاصاً قسراً، وأفادت تقارير بأنّهم نقلوا محتجزين مهمين إلى خارج البلاد.
وأضافت في تقريرها العالمي للعام 2018م، وهو أحدث تقاريرها الحقوقية بأن هناك 87 اعتداء غير قانوني مارسته الإمارات ضمن مشاركتها في تحالف الحرب على اليمن ومنها ما يرقى إلى جرائم الحرب ومنها عمليات تعذيب وإخفاء في اليمن.
وقالت “سارة ليا ويتسن”، مديرة قسم الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش”: (تحاول الحكومة وشركات العلاقات العامة المتعددة التي تموّلها، رسم الإمارات كدولةٍ حديثة سائرة في طريق الإصلاح، ستظل هذه الرؤية الوردية خيالية ما دامت الإمارات ترفض إطلاق سراح الناشطين والصحفيين والمنتقدين الذين سُجنوا ظلماً مثل “أحمد منصور”).
وبحسب التقرير فإن أبو ظبي “تورطت” في الاعتداءات باليمن، ومن ضمن ذلك من خلال دعم القوات اليمنية المسيئة التي تنفذ حملات أمنية جنوب اليمن.
وتتابع: (أبلغَ معتقلون سابقون وأفراد أسرهم عن تعرضهم للانتهاكات أو التعذيب داخل المرافق التي تديرها القوات الإماراتية والقوات المدعومة من الإمارات، وقد تعرض نشطاء يمنيون انتقدوا هذه الانتهاكات للتهديد والمضايقة والاحتجاز والإخفاء، حيث تعمل الولايات المتحدة بشكل وثيق مع الإمارات في اليمن).
وقد كشف تحقيق استقصائي لـ”أسوشييتد برس”، أنّ الإمارات وقوات يمنية متحالفة معها، تدير شبكة من السجون السرية بأرجاء جنوب اليمن، إذ اختفى مئات الأشخاص الذين تم توقيفهم أثناء تعقب مسلحي تنظيم “القاعدة”، مشيرة إلى عمليات تعذيب وإساءة معاملة.
وقبلها اتهمت منظمة “سام” الحقوقية اليمنية، دولة الإمارات “بإنشاء سجون ومعتقلات سرية مارست فيها أعمالاً بشعة ضد المدنيين باليمن”.
وقالت المنظمة، في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني إنَّ: (قوات إماراتية تشرف بالاشتراك مع تشكيلات يمنية مسلحة على عدد من السجون جنوب اليمن، من أهمها خور مكسر ومعسكر العشرين، ومعسكر الحزام الأمني وبئر أحمد وتشير إليها شهادات السجناء الناجين منها).
وأشارت المنظمة إلى أنها كشفت عن معتقل “بئر أحمد”، وهو بؤرة انتهاك أخرى في مدينة عدن جنوبي اليمن، ويعاني فيه الضحايا أشد وأقسى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي تديره تشكيلات مسلحة تشرف عليها وتمولها الإمارات العضو في التحالف العربي.
وأضافت إنَّ: (المعتقلين في تلك السجون يتعرضون لأشكال عديدة من التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية، كما يتعرض أهالي المعتقلين في السجون التي تديرها تشكيلات مسلحة -ممولة من قبل القوات الإماراتية في اليمن- لإجراءات قاسية موحدة، تُطبّق على جميع الأهالي عند زياراتهم للمعتقلات التي أنشأتها وتشرف عليها).
*تقرير: Emirati Affairs