الجديد برس : لا ميديا
تقرير / غازي المفلحي
إن استحالة التفكير حتى بالنصر، وحالة الانهزام واليأس الجمعي التي تعيشها العقول البربرية الخليجية المعتدية ومن وظفت معها من أقزام الارتزاق الداخلية في هجمتها الهمجية الصلفة على اليمن، جعلتها مرتبكة وحائرة وعاجزة في كل جبهات المعركة، من خطوط النار والتماس وحتى المطابخ الإعلامية التي ما عادت تجيد طبخ الكذب والشائعات والأراجيف ولا صنع الانتصارات والفتوحات، فكعادتها تناقضت أخبارها قبل أيام وتضاربت في ما بينها وفندت ونفت نفسها بشكل مثير للشفقة، وهي تغطي خبر استشهاد الرئيس صالح الصماد ومراسم تشييعه ودفنه، بطريقة كشفت عُري حالة اللاخطة واللاهدف، والتوهان التي تعيشها هي والحلف الذي خلفها.
محرك واحد وشيك السقوط
لم تعد قوى الارتزاق وإعلامها تعمل اليوم إلا بمحرك واحد، هو محرك الحقد والتشويه، بعد أن تلفت كل محركاتها الأخرى التي حملت كثيراً من ادعاءاتها وتهاوت تباعاً طيلة ثلاث سنوات ماضية. فبوصلتهم اليوم تائهة ومشتتة أكثر من أي وقت مضى، ويظهرون بمظهر الأضعف والأقل حيلة في المشهد؛ فبعد أن يئسوا من تحالف السبع عشرة دولة وبسلاح نصف الكرة الأرضية، أصبح سلاحهم الأخير الذي ينشدون به النصر هو الكذب والتضليل غير المرتب أو المنسق حتى، والحقد والغيظ الذي ماتوا به وهم يطلبون موتنا.
الفشل حتى في صناعة الكذب
في حادثة استشهاد الرئيس صالح الصماد كانت تلك الندوب المتقرحة المنتشرة على مواقع الانترنت والفضاء الإعلامي التابع لإعلام المرتزقة تمارس كالعادة ما كانت تبرع فيه سابقاً؛ ولكنها شاخت وترهلت مهارتها بعد أن بلغ الكذب الزبى. فالتضليل وقلب الحقائق وشن الحملات الإعلامية في تناولها لحادثة الاستشهاد منذ إعلان الخبر وقبل التشييع وأثناءه وبعده، وبأسلوبها المريض المعهود الذي لم يتغير، ظهر مفضوحاً ركيكاً يناقض بعضه الآخر.
استراتيجية العرافين
بدأت تلك المواقع والقنوات أولاً بنشر خبر ارتقاء الصماد شهيداً في معركة يتقدمها وهو يرى نفسه شهيداً، مع استخدام كلمة (مصرع) بفرحة تشبه فرحة النصر والفتح المبين، الذي لن ينالوه أبداً.
ثم انتقلت إلى نشر الفبركات وما تعتقده ويُمنّي تحالف العدوان به نفسه من تبعات الخبر وتداعياته على أنصار الله والجبهات وسير المعركة وكيف سيمثل هذا المصاب ضربة قاضية لهم.. بكل تأكيد لم ينسوا أن يخلقوا نصراً مؤزراً من معطيات تفسير ودراسة تقاسيم وجه قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، والحديث عن الحزن الطبيعي الظاهر على السيد بوفاة أخيه ورفيقه وصديقه وخير رجال اليمن، في خطابه الذي نعى فيه الشهيد الصماد. وربما يفكرون مستقبلاً باستبدال خبرائهم الاستراتيجيين والعسكريين بعرافين لقراءة الوجه والكف، فربما يكون النصر أقرب من هذا الاتجاه!
عودة على الأعقاب
بعدها قامت وسائل إعلام المرتزقة، وبشكل مثير للشفقة، بنفي كل أخبارها السابقة، لتشن حملة إعلامية هوجاء، تحدثت فيها عن انشقاق داخل القيادة الوطنية، لتنسب جريمة اغتيال الشهيد الصماد لخصوم داخل حركة أنصار الله وتنفيها عن تحالف العدوان الثمل بهذا النصر في مواقع وقنوات أخرى ومطابخ مجاورة.
وبعد أن كانت هذه المواقع الإعلامية قد قالت إن طائرات الإمارات، وبمساعدة استخبارات طارق عفاش الذي سُحق في أول مواجهة له مع الجيش واللجان بشكل أسوأ من بقية زملائه المرتزقة، هي التي نفذت عملية الاغتيال، تحولت هذه المواقع بغباء للترويج بأن الشهيد الصماد قد اغتيل من قبل محمد علي الحوثي بزعم أن الأخير يريد التخلص من أبرز منافسيه على الساحة.
ثم فسرت هذه المواقع الرخيصة السبب الذي جعل أنصار الله يعلنون بأنفسهم عن الحادثة بكون الصماد ليس هاشمياً. وبقدرة قادر علم بعض حمقى هذه المواقع أن الهاشميين كانوا محتكرين الحراسة المشددة على الشهيد الصماد دون غيرهم حتى يسهل لهم التخلص منه متى أرادوا ذلك! أبواق العدوان هذه لم تسأل نفسها: لماذا يوضع هذا الرجل غير الهاشمي كأكبر مسؤول على رأس السلطة والبلاد أساساً، ويوظف الهاشميين المتعالين حراساً لديه، في الوقت الذي تقول فيه إن النظام القائم عنصري سلالي؟! كما أنها لم تسأل نفسها: إذا كان تحالف العدوان دقيقاً في استهدافه ولديه استخبارات قوية نافذة فلماذا لم يعلن بنفسه نبأ اغتياله للصماد في نفس اليوم، وبقي كالأطرش في الزفة لأكثر من أربعة أيام بعد أن تلاعب به الإعلام الوطني وأربكه وأحرجه وأظهر أن تحالف العدوان أجهل من أبي جهل وكم هو فاشل في المعركة؟!
وبقي التناقض سيد الموقف لدى هذه الأبواق الإعلامية المنافقة، حيث كانت تنشر الخبر مرة على أنها تصفية، ومرة ثانية بغارة جوية، وثالثة تتحدث عن الدور الذي لعبه طارق عفاش وكتائبه الهاربة في رفع الإحداثيات ومشاركته وتورطه في جريمة الاغتيال…
جنون اليأس
وزعت هذه المواقع حملاتها الحاقدة المهزومة المتناقضة على أكثر من محور، فمنها ما استهدف شهيد الوطن الرئيس صالح الصماد، ومنها ما استهدف خليفته رئيس المجلس السياسي الجديد مهدي المشاط. فنال الشهيد النقي صالح الصماد التشويه والهجوم لكونه ظهر مرتاحاً من مصرع علي صالح وأنه تشفى به داخل منزله وما إلى ذلك. ومن جهة أخرى تناقضوا ولمعوه وهو غني كل الغنى عن تلميعهم، فكانوا يتحدثون عن أخلاقه وسماحته وأبوته للشعب وكيف كان مستهدفاً من حركة أنصار الله نفسها وكيف قامت بتصفيته، لأنه لم يتوافق مع منهجها.
المشاط يفاقم مخاوف العدوان وارتباكه
أما بالنسبة لحملتهم الإعلامية على رئيس المجلس السياسي الجديد مهدي المشاط، ورغم أنها استهدفته بالتشويه، إلا أنها أظهرت الخوف والقلق والجهل بالمجاهد الغامض والصارم والرئيس الجديد، فقد تطرقت إلى تاريخه ونشأته ودوره في تصفية علي صالح واختياره خلفاً للفيشي لما فيه من صرامة تتطلبها مرحلة التعامل مع علي صالح حينها، ودوره في دخول عمران وصنعاء والتوقيع على اتفاق السلم والشراكة… كما تحدثت تلك المواقع عن أنه محسوب على الجناح المتطرف وأحد الصقور ومدير مكتب السيد وصهره. ويبدو أن صف العدوان من القمة وحتى القاع (وجميعهم في القاع) قد أدركوا أن المشاط الرجل المحنك عسكرياً والسياسي ذو الشخصية الصلبة الحازمة، سيكون كابوساً حقيقياً لهم، ورجل المرحلة والبناء لليمن، مستكملاً خطوات الشهيد صالح الصماد.
حملة لضرب فعالية تشييع
الشهيد الصماد
ومع إعلان مكان وموعد التشييع بدأت هذه المواقع بإطلاق حملة أكاذيب للنيل والتقليل من قدسية الفعالية ودورها في توجيه رسالة الشعب إلى حلف المهزومين، فاستبقت تلك المواقع الحضور الهائل، الذي تعرف أنه متجه لتشييع الشهيد الصماد، بكثير من الشائعات في محاولة منها للحد من كثافة حضور المشيعين. وتناقلت أكاذيب مثل: (أنباء عن تأجيل فعالية التشييع، الحوثيون يضغطون على أئمة المساجد للتحشيد، الحوثيون يستنجدون بطلاب المدارس بفعالية السبعين…).
حقد على الرجل القريب من قلوب الناس
من زاوية حقد أخرى تحدثت هذه المواقع بغيظ وحنق عن إغراق شوارع صنعاء بصور الشهيد الرئيس الصماد، بطريقة يظهر منها حقدهم عليه كشخصية وطنية عظيمة تحظى بحب واحترام أحرار الشعب اليمني. كما حاولوا تخويف الناس من الخروج في فعالية التشييع باستغلال الغارات الهستيرية على العاصمة صنعاء في الليلة السابقة للتشييع، والتي قتلت بزعمهم شخصيات كبيرة مثل وزير الداخلية وأبو علي الحاكم وعدد من القيادات الكبيرة بلغ عددها 30 شخصاً. واستمر التثبيط أملاً منهم في أن تظهر الفعالية متواضعة قليلة العدد، ليظهروا بذلك صدق ادعاءاتهم بأن مكانة الصماد ضعيفة لدى الشعب، وعن دور محمد علي الحوثي في إخراج الفعالية بصورة غير لائقة لكونه لا يحب أن يظهر الصماد بشعبية واسعة حسب زعمهم.
كذب وتشفي الجبناء
ثم باركت تلك المواقع والوسائل الإعلامية الغارات الإجرامية التي وقعت جوار جماهير المواطنين المشيعين، وأدت الى استشهاد مواطن. وأوردت أخباراً عن أنها استهدفت قيادات كبيرة، منها رئيس المجلس السياسي مهدي المشاط ومحمد علي الحوثي، وأخباراً أخرى عن أنها استهدفت طقماً عسكرياً، ثم تداولت مقاطع مزعومة للحظة هروب الحشود من السبعين بسبب غارات الإجرام الجبانة، وهو ما لم يحدث.
ومن أوهن الكذب ما أوردته هذه المواقع من شائعات عن استخدام الشرطة النسائية باعتقاد أن النساء سيشاركن في مراسيم التشييع، وعن كيف رفضت فائقة السيد المشاركة في الفعالية…!
أما أغبى الكذبات وأشدها تيهاً فتلك التي قالت إن قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي قد هرب باتجاه صنعاء ليتحصن فيها بدلاً من صعدة، بينما لا تنفك تلك الوسائل تنشر أخباراً تتحدث فيها عن هروب قيادات أنصار الله باتجاه صعدة، وهو تناقض فاضح تقع فيه وسائل إعلام العدوان بغباء شديد.
ضريحه أيضاً كابوسهم
حتى بعد أن ووري جثمان الشهيد الطاهر الثرى مع مرافقيه الستة، في مراسم تشييع مهيبة تحبس الأنفاس بعظمتها وما أحدثته من شموخ واندفاع في نفس كل يمني حر حضرها أم لم يحضرها، ولم يشهد ميدان السبعين لها مثيلاً من قبل ولم تحصل لرئيس يمني قبل الصماد، استمر إعلام العدوان والارتزاق يحيك الإفك ويتنفس الحقد، فتناقلت وسائله الإعلامية بغيظ شديد دفن الرئيس الشهيد صالح الصماد عند نصب الجندي المجهول متسائلة وبخبث عن أسباب اختيار ذلك المكان، الذي يفترض أن يظل معلماً تذكارياً فقط.