الجديد برس – اخبار عربية
إلى الواجهة تعود قضية الجنوب السوري. خلال الأيام الماضية انتشرت أفلام فيديو تظهر قوات عسكرية رسمية سورية تتجه نحو محافظة درعا، اعتبر الأمر إشارة لإطلاق عملية عسكرية كبرى هناك بعدما نجح الجيش السوري في تأمين محافظة دمشق بكاملها مع استعادة السيطرة على مخيم اليرموك والحجر الأسود آخر معاقل المسلحين فيها.
سارع الجانب الإسرائيلي إلى الكشف عن مضمون محادثات إسرائيلية روسية وتحدث عن اتفاق يقضي بمنع القوات الإيرانية وحزب الله من الوصول إلى حدود “الجولان” والموافقة على استعادة الجيش السوري بمفرده السيطرة على الحدود مع احتفاظه بحرية توجيه ضربات داخل سوريا.
أما موسكو فأعلنت على لسان مصدر مطلع أن السيطرة على الحدود الجنوبية السورية بما في ذلك منطقة التنف ستسلم للحكومة السورية وفقاً لاتفاقيات جرت مناقشتها وأن مرتفعات الجولان سيتم تجديد الإتفاقية حول منطقة قوات الأمم المتحدة للمراقبة … ولا ينظر في تواجد قوات إيرانية في المناطق الحدودية.
ماذا يعني كلا التصريحين الإسرائيلي والروسي؟ هناك العديد من النقاط المهمة يجب التوقف عندها.
أولاً: في الميدان
- تريد إسرائيل أن توحي بأن الهدف من هذا الاتفاق هو إبعاد إيران وحزب الله عن الحدود وأن هذا يعد إنتصاراً لها، بينما الواقع يشير إلى أنها رضخت لعودة الجيش السوري للسيطرة على تلك المنطقة وصولاً إلى تخوم الجولان المحتل وإلى الحدود الأردنية وهو بحد ذاته إنتصار لمحور المقاومة التي تعتبر سوريا وجيشها الركن الأساسي فيه وهو الموجود أصلاً في مواجهة المجموعات المسلحة بتلك المنطقة في حين تلعب كل من إيران وحزب الله دور الداعم للجيش السوري.
- أن إسرائيل وغرفة الموك خسرت رهانها الأساسي الذي عملت عليه منذ اللحظات الأولى للأزمة السورية والقاضي بإنشاء منطقة جغرافية في الجنوب السوري تديرها مجموعات مسلحة عميلة مرتبطة بها وبغرفة الموك شبيهة بالمنطقة المحتلة التي أقامتها إسرائيل في جنوب لبنان والدور الذي لعبه العملاء فيها.
- أن مصير المجموعات المسلحة في تلك المنطقة بات سيئاً وفي وضع لا يحسدون عليه لا سيما في ظل حديث عن اتفاق روسي أردني أميركي وبالتالي فإن هؤلاء سيجدون أنفسهم قد تركوا لمصيرهم بعدما تخلت عنهم إسرائيل وغرفة الموك وأنهم استغلوا لمآرب دولية وباتوا اليوم بلا فائدة وبالتالي سيتم التضحية بهم.
- إسرائيل تحاول الترويج لوجود قواعد إيرانية في سوريا وأنها من خلال هذا الاتفاق حققت نصراً ومنعت وجود هذه القواعد بينما الواقع الميداني يشير إلى وجود حضور إيراني عسكري بما يحتاجه من مقرات ومراكز وعناصر وليس قواعد عسكرية على شاكلة قاعدة حميميم الروسية وأن هذا الوجود الإيراني أو الحزب اللهي جاء بطلب من القيادة السورية كما أعلن الرئيس الأسد أكثر من مرة وأنه عندما ينهزم الإرهاب وتعود سوريا إلى حضن الدولة سوف تغادر هذه القوات سوريا كما أعلن السيد نصرالله مراراً ومثله المسؤولون الإيرانيون، ناهيك عن أن الحضور الإيراني في سوريا يتجاوز العسكري إلى حضور سياسي وثقافي واقتصادي واجتماعي.
ثانيا : في السياسة
- إسرائيل تسعى للترويج بأن روسيا وإيران وصلا إلى نقطة خلاف كبيرة في سوريا وأن هناك شرخاً كبيراً بين روسيا وإيران كما تسعى لتحريف إعلامي مقصود حول لقاء بوتين بالأسد وأن لقاءات المسؤولين الإسرائيلين في روسيا نحجت في إقناع الروس وكسبهم إلى جانبهم وهو أمر غير صحيح بدليل أن الروس سارعوا لنفي هذا الكلام.
- يغيب عن بال الإسرائيليين أن روسيا ليست جزءاً من محور المقاومة لكنها حليفة له لا سيما في الأزمة السورية وفي مواجهة أميركا وأوروبا (الكل يعلم أن روسيا وحلف المقاومة شاركوا جنباً إلى جنب في قتال المجموعات المسلحة في سوريا ومن دون قوات محور المقاومة على الأرض ما كان ليستطيع سلاح الجو الروسي تحقيق الإنجازات لوحده)، كما يغيب عن بال الإسرائيليين أن ما يربط إيران بروسيا يتجاوز الأزمة السورية إلى حد العلاقة الإستراتيجية على مستوى الامن والاقتصاد والمجاورة.
- يتناسى الإسرائيليون أن هناك محادثات أستنة التي باتت هي الأساس لحل الأزمة السورية وأن هذا المؤتمر ولد من خلال تعاون روسي إيراني انضمت إليه لاحقاً تركيا وهو من دون إيران لا يمكن أن ينجح.