المقالات

سلاح الوهم الشامل

الجديد برس : رأي

مالك المداني

من لم يهزمك نفسياً لن يهزمك بأي وسيلة كانت !
هم يعرفون هذا الأمر جيداً كما نعرفه بدورنا أيضاً ،
ولكنهم يعملون بجد ودأب في هذا الجانب بينما نحن نكتفي بالمشاهدة
والجلوس داخل “حقل تجارب” هم إبتكروه ونحن فئرانه !
نفكر ونتربص أي تجربة جديدة تعد لنا خلف باب المختبر ذاك ، وفي أي يوم سنخوضها وكيف ستكون نتائجها ياترى !
نتائجها التي لطالما كانت مبشرة وناجحة بالنسبة لهم لعقود عدة !!
في المقابل مايفصلنا عن الحرية وحقيقة مانعيشه هو يوم تأمل واحد !!
يوم تأمل واحد فقط خال من جنون الحياة ومظاهرها المزيفة كاف لأن ندرك جميعاً بأنهم يقومون بتدمير نفسياتنا … سحقها … تحطيمها
منذ نعومة أظافرنا إلى ساعة تجعد جلودنا وبشتى الوسائل والطرق وفي كل مكان وزاوية !
في المدرسة … في الطرقات … في السوق … في مقر العمل
في الكتب والإذاعات وأمام شاشات التلفاز والهواتف الذكية !
تعليمهم … إعلاناتهم … أفلامهم … أغانيهم … برامجهم … أخبارهم …
في كل شيء … في كل شيء يحرصون على زرع شعور الضعف والهزيمة بداخلنا دون أن نشعر لنترعرع وننشىء كأمة خانعة تحمل قناعة تامة بأنها مهزومة قبل المواجهة حتى !
لقد هُزم العرب شر هزيمة أمام إسرائيل قبل إندلاع الحرب بسنين عدة ، أتعرفون لماذا ؟!
لأن أعدائنا هم من سن قوانين الحرب الحديثة ياسادة !!
ألفوا قواعدها … طرحوا معادلاتها … فرضوا نتائجها … أسسوا أكاديمياتها ثم قاموا بتدريسنا إياها هكذا بكل بساطة ، وما أن حفظناها عن ظهر قلب حرصوا على ألا نمتلك أي عامل من عوامل النصر التي درسناها بدهاليز محافلهم وعكفوا على ملء رؤوسنا بها حتى صدقناها وبتنا نضع حساباتنا وفقاً لما هي عليه !
في الواقع لقد كنا نقوم بإرسال أبنائنا إلى أكاديمياتهم العسكرية ليتعلموا ثقافة الهزيمة والخنوع فقط ثم يعودون بدورهم لتعليم من تبقى منا نفس الثقافة في دورة متكررة نتج عنها مانتج من قادة وجيوش ترفع الراية البيضاء قبل إطلاق أول رصاصة !!
الأمر أشبه بأن تأخذ طفل لم يفطم بعد وتعكف على تعليمه أن :
( 10 = 1 + 1 ) إلى أن يقتنع من ثمة تتركه يمضي بقية حياته وهو يبني حساباته على ضوء هذه المعادلة التي لا أساس لها من الصحة بتاتاً !
لقد تمكنوا من إقناعنا أن الحرب في ظل غياب الغطاء الجوي تعد إنتحار ومصيرها الفشل !
لقد تمكنوا من إقناعنا بأن أمريكا قوة مطلقة بوسعها أن تمحونا بكبسة زر إن ارادت ذلك !
تمكنوا من إقناعنا بأن فرض الحصار يعني الموت جوعاً !
تمكنوا من إقناعنا بأنهم يعرفون كل شيء … يراقبون كل شيء … لايفوتهم أي شيء … ونحن لاشيء !
أقنعوا الجيش العراقي بأن مطار بغداد يمثل حسم الحرب ، كما أقنعوا بقية جيوش العرب من قبل بأن لا فرصة لهم أمامهم !
أقنعونا بأن الجيش الإسرائيلي لايقهر … وأن أرتالهم لاتكسر وأسلحتهم لاتدمر وخططهم لاتخسر …. وانهم أكثر وأوفر واقدر وأكبر !
لقد تمكنوا من السيطرة علينا وإقتياد رقابنا بخزعبلات وتهويلات فارغة شكلت جدار رعب وهمي أقتنعنا به ولم نجروء على مجرد التفكير بان نتجاوزه أو نخترقه ،
إلى أن أتى ذلك الأشعث الاغبر حاف القدمين وأحرق مدرعاتهم بعود ثقاب وقداحة ، وتقدم وتوغل ببندقية وتمكن من إسقاط المروحية وكسر قاعدة غطاء الجو وعواقب الحصار وخيار النار وحجم الدمار وكل ما عكفوا على تأسسيسه من قواعد نفوذ وسطوة مكنتهم من حكم العالم من داخل مكاتبهم البيضاوية !
في الواقع نحن في حرب ضروس وجه لوجه مع أكبر كذبة وخديعة حيكت وانطلت على البشرية وقلة فقط هم من يعرفون حقيقة هذا الأمر!
حقيقة أن مطار الحديدة وميناء عدن ومصافي مارب وأسوار صنعاء
ومابعدها وماقبلها لاتمثل نهاية هذه الحرب كما راهن عليه دجالي الشيطان في واشنطن وتل ابيب وغيرها !
ضعوا قواعد حربكم بأنفسكم وأفرضوا معادلاتها وفق واقعكم ، ولاتسمحوا لكذبة بان تطيح بكم فهم بتوفيق الله أوهن من بيت العنكبوت !!