الجديد برس : رأي
رباب روحانا
لا أملك من المعرفة، الدراية، الإحاطة، والخبرة ما يُؤهِّلني للكتابة في الشق السياسي (وسواه)، في الشأن اليمني (وسواه)، أملك خافقًا يضطرب نبضه بموازاة مؤشر الأخبار الواردة من هنا وهناك “صَعْدَة” و مَنزَلًا، وأملك يمينًا هي أضعف الأَيْمان إذاما راودتني نفسي على قطع يدي اليسرى القصيرة المُقصِّرة، أَستعصم بطهر أيادي أحرار اليمن الموصولة برحم قضيتي، تأبى الانسلاخ.
أن تَكتب، عِوَضًا، نصًّا أَدبيًّا، من وحي الساحل الغربي، والحديدة البحر، على ضوء الأحداث في اليمن، يعوزك الكثير من الاستغفار، و لا استغفار إلا بذِكر صنعاء، و ما تيسَّر من “أسفار” نزار.
————-
كسمكة (هامور) في سوق البليلي*:
بلا زورق أو تجربة، خاض نزار قباني عرض البحر صيادًا ليعْلقَ عشرين ألف مرة في الشبك دون أن تضطر دمشقية واحدة (أو سواها) أن تبيع أساورها أو حتى تنزعها.
كانت تزدرده النساء تباعًا، دون أن تغصَّ به! أو يغصبها ، أو يغصَّ بها، أو تغصبه، تمامًا مثل تلك السمكة التي ابتلعت ذلك الخاتم وغاصت أعماق البحرغير أنه لم يكن ليخرج من الأجواف إلا مستغيثًا: “أخرجني من هذا اليم”, أو نادمًا: “لو أني أعرف… ما أبحرت”.
مع أن نزار لم يكن “خاتمًا” بل فاتحًا، يفضُّ عذرية عرائس البحر حافيًا، ماشيًا على الماء والأكباد، كقصيدة شعر، هو الذي لا يعرف فن العوم…
ترعرعتُ في بيت شِعرٍ لنزار، ومن لم تفعل، وأحاطتني رعاية القصيدة طالما أَحَبَّ وطالما أَحببت…وطالما تنفَّس الشَّرقيُّ تحت ماء عروقه، وطالما اختنقت.
نزار، هذا الدمشقي الواثق! هل عنده شك أنني، اليوم، لديَّ القرار دون حتى أن يكلف نفسه، هذه المرة، أن يُخيِّرني؟! وهل لا يزال الرَّجُل فيه يعتقد، أنني سأقبل أن تكون خاتمتي أن أغرق… أغرق… أغرق، وأموت كامرأة على صدره، بينما قدري أن أنجو، عالقةً، بشبكة أحد صيَّادي الحديدة، لأبدأ حياتي كسمكةِ (هامور) في سوق (البليلي)، حيث نصف ساكني صنعاء شعراء؟!
#يا_كل_الحاضر_والماضي_يا_عمر_العمر
—————–