الجديد برس : متابعات
اعتبر “معهد الأمن القومي الإسرائيلي” للأبحاث أن نجاح قوات التحالف في اليمن بات مصلحة واضحة لإسرائيل لمنع حدوث تهديدات تضر بالأمن القومي الإسرائيلي من قبل الحوثيين في حال نجحوا في الحفاظ على سيطرتهم على الساحل الغربي وبالتالي على البحر الأحمر وباب المندب، معتبراً أن ذلك سيجعل اليمن محطة لتهريب الأسلحة لحركات المقاومة الفلسطينية، ووجود قوة مهيمنة مناهضة لإسرائيل وهي جماعة الحوثيين.
جاء ذلك في تقرير نشره المعهد في موقعه الألكتروني باللغة الإنجليزية، وجاء بعنوان “البحر الأحمر: منطقة قديمة-جديدة ذات أهمية استراتيجية” وأعده الباحثان الاسرائيليان “يوآل غوجنسكي وعوديد عيران”.
ترجمة: وائل شاري
اصبح البحر الأحمر وخصوصا القطاع الجنوبي المطل على مضيق باب المندب, في السنوات الأخيرة موقع للمنافسة والصراع بين القوى الإقليمية الفاعلة والقوى العظمى على حد سواء , بالإضافة الى الدول المطلة على طول ساحل البحر الأحمر والقرن الافريقي والولايات المتحدة والصين وتركيا وايران وكذلك الجهات الفاعلة من الدول الفرعية التي لها موضع قدم هناك.
وإلى الآن لم يحدث أي تعطل في مسارات الشحن والطيران الإسرائيلية والتي تربط إسرائيل بالمحيط الهندي والشرق الأقصى وأفريقيا , ومع ذلك يجب على المنخرطين في صنع القرار بشأن القضايا الاستراتيجية في إسرائيل أن يدركوا هذه الساحة و يفكروا اذا كان يجب استثمار الموارد العسكرية والسياسية لمنع تحقيق التهديدات المحتملة ضد إسرائيل في المنطقة ، وخاصة من جانب إيران ووكلائها , ولتحقيق هذه الغاية ينبغي على إسرائيل ان تحدد الأطراف التي لها مصلحة في التعاون من بلدان البحر الأحمر والنظر في آليات للتعاون بما في ذلك منع تهريب الأسلحة ، واقتراحها بشكل مباشر وغير مباشر للجهات الفاعلة ذات الصلة. ويعتبر اشراك اللاعبين غير الإقليميين يخلق تضارباً في المصالح بينهم وبين البلدان الواقعة على طول ساحل البحر الأحمر ، الذي ينتج بدوره أرضاً خصبة للتعاون الأمني والاقتصادي والسياسي الرسمي وغير الرسمي مع إسرائيل.
الحرب في اليمن
من وجهة نظر إسرائيل فإن مصدر الخطر المثير للقلق هو إيران حيث زادت في العقد الماضي من تواجدها البحري في خليج عدن بدعوى مشاركة قواتها لمحاربة القرصنة , وعززت علاقاتها مع السودان وجيبوتي وإريتريا ، وتمكنت من الحفاظ على وجود عسكري نشط في البحر الأحمر ، مع خيار استخدامها ضد إسرائيل .
وبرغم أن التهديد الذي يشكله القراصنة في مضيق باب المندب تراجع في السنوات الأخيرة نتيجة للعمل الدولي ، إلا أن هناك تهديدا جديد لحرية الملاحة ظهر بسبب الحرب في اليمن ، والتي اكتسبت طابع إقليمي مع مع بداية الحملة السعودية ضد الحوثيين في عام 2015.
وقام الحوثيون بزرع الألغام على طول سواحل اليمن ، واستخدموا القوارب المتفجرة والصواريخ المضادة للسفن لمهاجمة السفن البحرية الأمريكية والسعودية في المقام الأول ، وفي مناسبة واحدة على الأقل (في أبريل 2018) ضربت ناقلة نفط سعودية.
مصلحة إسرائيل واضحة في ان يكون التحالف العربي في اليمن صاحب اليد العليا ، حيث تشكل قوة القدس الإيرانية وحزب الله في اليمن تهديدًا للمصالح الإسرائيلية ويمكن أن تشكل تهديدًا لحركة الملاحة البحرية من وإلى إسرائيل , وكذا في ان يتحول اليمن لوسيط في التهريب الى حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة بدلا من السودان. وفقا لمصادر أجنبية ، إسرائيل لديها أيضا وجود عسكري في إريتريا واستطاعت الوصول الى ساحة الاستخبارات اليمنية في.
تصاعد المنافسة الإقليمية
شهدت منطقة القرن الأفريقي ومنطقة البحر الأحمر تنافس متزايد بين دول الشرق الأوسط بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر وتركيا , حيث تسعى هذه الدول لتعزيز وجودها في الدول الإفريقية الفاشلة من أجل الوصول إلى ساحات بعيدة إلى ما هو أبعد من حدودها, ونتيجة لذلك يحاول العديد من الجهات الفاعلة بعضها معاد لإسرائيل اثبات وجودها على طول طريق الوصول الجنوبي إلى خليج إيلات وقناة السويس الأمر الذي قد يؤدي أيضا إلى تهديدات أمنية.
كجزء من نشاطها المتزايد في القارة الأفريقية ، بنت تركيا أكبر قاعدة دائمة لها خارج حدودها في مقديشو بالصومال وموقعا لأكبر سفارة تركية في العالم في عام 2018‘ حيث وقعت أنقرة اتفاقية مع الخرطوم سمحت لتركيا بالحفاظ على وجود عسكري في السودان والمياه الإقليمية السودانية ، بما في ذلك قاعدة في جزيرة سواكن وتجري مفاوضات لإنشاء قاعدة أخرى في جيبوتي, و في عام 2018 وقعت قطر اتفاقية مع السودان بشأن ميناء سواكن أدى هذا الانخراط المتزايد في السودان من جانب تركيا وقطر إلى أزمة في علاقات السودان مع مصر وإريتريا.
وتقوم المملكة العربية السعودية ببناء قاعدة في جيبوتي متاخمة لمضيق باب المندب ، في حين تقوم دولة الإمارات العربية المتحدة التي استأجرت سابقا قاعدة في جيبوتي ، بتأجير ميناء ومطار في الصومال وميناء ومطار في أساب بإريتريا , ويستخدم هذه القاعدة للهجمات في اليمن , كما تمتلك الإمارات العربية المتحدة قواعد في اليمن نفسها ، بما في ذلك جزيرة ميون او بيرم ، كجزء من محاولة لمنع إيران والحوثيين من تهديد الملاحة الحرة عبر مضيق باب المندب وتهريب الأسلحة إلى اليمن , و تتكون هذه القواعد من منشآت عسكرية محدودة بما في ذلك مدارج الطائرات ومناطق الربط وعدد من المباني والمعدات اللوجستية.
وفي الوقت نفسه استثمرت المملكة العربية السعودية وتركيا والإمارات العربية المتحدة ومصر في السنوات الأخيرة موارد متزايدة في الحفاظ على أساطيلها ؛الأمر الذي سيوفر لهم أيضا قدرة محسنة على العمل في هذا المجال.
تتنافس دول الخليج للحصول على قواعد والمنشآت في البحر الأحمر وقد أشارت التقارير إلى جهودها لعرقلة محاولات الآخرين لتأسيس موطئ قدم في عدد من الدول, ويبدو أن المنافسة بين عدد من دول الخليج وقطر انتشرت إلى البحر الأحمر ، ولكن هذه المنافسة لديها القدرة على إشعال النيران الحالية , إن توثيق اطر العلاقات بين قطر وتركيا من جهة ، والسودان من ناحية أخرى هي علاقة وثيقة هنا و شهدت السنوات الأخيرة ترسيخ العلاقات بين الخرطوم والرياض، وهو ما تجلى في جزء منه في طرد السودان سفير إيران من الخرطوم في عام 2016 وإرسال قواتها العسكرية لمساعدة السعودية في القتال في اليمن.
الأهمية الاقتصادية
تتمتع منطقة البحر الأحمر بأهمية اقتصادية كبيرة , و يبلغ طول مضيق باب المندب 29 كيلومترا ، ويشكل خطا بحريا وارتباطا استراتيجيا بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي ويمر عدد كبير من حركة النقل البحري عبر المضيق ، بما في ذلك معدل يومي يبلغ نحو خمسة ملايين برميل من النفط , وتشكل قناة السويس مصدرا هاما للدخل بالنسبة لمصر ، وكذلك ميناء العقبة للأردن وميناء جدة للمملكة العربية السعودية (أهم ميناء لها) ؛وهو أيضًا طريق المرور إلى ميناء إيلات.
تسعى المملكة العربية السعودية في خطة التطوير 2030 إلى تطوير حوالي 200 كيلومتر من ساحل البحر الأحمر ، بما في ذلك 50 جزيرة صغيرة ، لتعزيز السياحية التي تجذب الاستثمارات الأجنبية. و سيكون الخط الساحلي لموقع لمدينة نيوم السعودية المستقبلية ،بالإضافة إلى خطة مصرية سعودية لبناء جسر فوق البحر الأحمر ، مما سيسهل المرور المباشر للبضائع بين البلدين ويجلب أسواق العربية. شبه الجزيرة وأوروبا أقرب معا. هذه أيضا مشاريع يمكن لإسرائيل أن تشارك فيها ، حتى وإن لم يكن ذلك صراحة.
توصيات
وسواء كان التغيير في قوة استراتيجية الأمن الأمريكية من الحرب العالمية ضد الإرهاب إلى حرب المواجهة ضد المنافسين في الولايات وأبرزها الصين وروسيا ، سيقلل من اهتمام الإدارة الأمريكية بالقارة الأفريقية من المهم أن يبقى القرن الإفريقي والبحر الأحمر على جدول الأعمال في الحوار الاستراتيجي بين إسرائيل والولايات المتحدة وقد تساعد الولايات المتحدة في تسهيل الاتصالات بين إسرائيل ودول المنطقة.
يجب على إسرائيل تحديد مصالحها في البحر الأحمر ودراسة ما إذا كانت سياستها الحالية تخدم هذه المصالح , وان تحدد الأطراف التي لها مصلحة في التعاون من بين دول البحر الأحمر ، وكذلك الفرص والتهديدات التي يشكلها الحضور المتنامي لمختلف الجهات الفاعلة في الساحة واقتراحها بشكل مباشر وغير مباشر للجهات الفاعلة ذات الصلة, ووفقاً لتقارير أجنبية ، فإن هناك تعاونا كبيرا جار بالفعل حول قضايا اخرى مع بعض الممثلين على ساحل البحر الأحمر , ان إشراك اللاعبين غير الإقليميين يخلق تضاربا في المصالح بينهم وبين البلدان الواقعة على طول ساحل البحر الأحمر ، الذي ينتج بدوره أرضا خصبة للتعاون الأمني والاقتصادي والسياسي الرسمي وغير الرسمي مع إسرائيل.