الجديد برس – متابعات
لا يبدو أن أحداً من صنّاع السياسة في العالم الغربي يريدون أن تنتهي الحرب على اليمن التي تتسبب يومياً بمقتل وتجويع ملايين الأطفال والنساء وكلّه تحت عنوان “إعادة الشرعية”، ما هذه الشرعية التي تدفع الأمم المتحدة لتجاهل قتل الأطفال وتشريدهم وغضّ النظر عن جميع الجرائم والانتهاكات التي تمارسها كل من السعودية والإمارات يومياً في اليمن.
نعم لقد صدر مؤخراً تقرير أممي عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في 27 يونيو/حزيران 2018، التقرير كان من المفترض أنه يحمل عنوان “قائمة العار” وهو تقرير سنوي عن الانتهاكات ضد الأطفال أثناء الحرب، لكن تقرير هذا العام تحوّل إلى “عار” بحدّ ذاته فقد حيّد السعودية عن هذه القائمة، إذ أعلن غوتيريس أنه أخرج “التحالف العربي” في اليمن الذي تقوده السعودية من قائمة الأطراف التي شنّت هجمات على المدارس والمستشفيات.
يبدو أن غوتيريس يعيش في كوكب آخر أو أنه لا يعير أي أهمية لدور منظمة الأمم المتحدة في الدفاع عن المظلومين والمضطهدين في هذا العالم، فقبل 3 أشهر من الآن، أفادت الأمم المتحدة نفسها بأن عدداً من الأطفال كانوا بين قتلى سقطوا جرّاء ضربة جوية نفذها التحالف الذي تقوده السعودية يوم الاثنين 2 أبريل من العام الحالي واستهدفت مبنى في مدينة الحُديدة في اليمن.
وقال بيان صادر عن اليونيسيف إن “الأمم المتحدة تحققت من مقتل عدد من الأطفال خلال الهجوم على مدينة الحديدة الساحلية غرب اليمن”، واعتبرته من بين الأكثر دموية بحق القُصَّر في اليمن منذ سنوات، وأضاف بيان منظمة الأمم المتحدة للطفولة الذي يعود تاريخه إلى يوم الإثنين: “تم تسجيل العديد من الأطفال في عداد المفقودين فيما لا تزال عمليات انتشال المصابين والقتلى من تحت الأنقاض جارية”، ووصف البيان القصف حينها بأنه “بين أكثر الهجمات دموية التي تطول الأطفال منذ التصعيد الذي شهده النزاع اليمني في مارس / آذار2015″.
لكن ما نفع هذه الأرقام إن كان السيد غوتيريس لا يراها ولا يعنيه ما يجري لأطفال اليمن، وكان من الجيد أن منظمة هيومن رايتس ووتش لم تجارِ الأمين العام للأمم المتحدة في موقفه، إذ انتقدت التقرير الجديد لـ”غوتيريس” وقالت المنظمة في بيان لها عبر صفحتها بموقع التدوينات المصغر “تويتر” ” البارحة، مثل أيام كثيرة، ملأت هاتفي صور أطفال قُتلوا مؤخرا في اليمن في غارات جوية لقوات التحالف بقيادة السعودية، لكن البارحة أيضاً، أصدر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس تقريره الذي يلوم التحالف على مقتل وتشويه أطفال يمنيين عام 2017″.
وأشارت المنظمة، في تغريدة عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” إلى أن الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون رضخ لضغوط “إسرائيل” والسعودية فأزال قواتهما من قائمة المنتهكين، مضيفة: “والآن يبدو أن غوتيريس قد رضخ أيضاً”.
رضوخ غوتيريس سيكلّف اليمن كثيراً وكذلك الأمم المتحدة التي تخلّت عن دورها من أجل حفنة من الدولارات وتحوّلت إلى مكتب يتم من خلاله تمرير أي انتهاك بحق الإنسانية من قبل أي طرف لديه المال والسلطة والنفوذ “السعودية، إسرائيل” دون الأخذ بعين الاعتبار أي أهمية لحقوق الإنسان، ولو كان الأمر كذلك لوقفت هذه الحرب الإجرامية على اليمن أو الفلسطينيين منذ سنوات، ولكن ومع الأسف تحوّل دور هذه المنظمات الدولية إلى دور شكلي وصوري لا يقدم أي شيء لأصحاب الحق ويقدم كل شيء لمنتهكي حقوق الإنسان.
حصار اليمن
تحدث تقرير الأمم المتحدة الجديد عن أن “التحالف لاستعادة الشرعية” كما يروق للمنظمة الأممية تسميته، أنهى حصاره لليمن، ولكن لم يخبرونا من أي جهة أنهوا هذا الحصار من البرّ أم البحر أم من الجو، وعن أي شرعية تتحدث الأمم المتحدة، الشرعية يعطيها الشعب للحكومات ولا تستورد من الخارج.
تعاطف أممي مع السعودية
وإنه لمن المضحك المبكي أن يشير الأمين العام غوتيريس إلى “انخفاض كبير” في الهجمات على المدارس والمستشفيات، في حين أن التقرير نفسه وجد التحالف مسؤولاً عن 19 هجوماً على المدارس و5 هجمات على المستشفيات عام 2017، مقارنة بـ 28 هجوماً على المدارس و10 على المستشفيات عام 2016.
وهنا جاء رد منظمة هيومن رايتس ووتش التي قالت في بيانها: “لا يجوز مهاجمة المدارس والمستشفيات، ما لم يتم استخدامها لأغراض عسكرية. على الأمين العام أن يسعى إلى إنهاء قصف المدارس والمستشفيات، وليس تقليل وتيرة الهجمات إلى حدّ ما”.
لمن المؤسف حقاً أن يتكلم الأمين العام للأمم المتحدة بهذه الطريقة المستفزة لمشاعر ملايين اليمنيين، الذين يموتون كل يوم جراء القصف المتواصل عليهم من كل حدب وصوب تحت غطاء غربي – أمريكي – دولي يعشق المال والسلاح، ولو كان غير ذلك لكانت هذه الدول الغربية على الأقل حجبت بيع السلاح للسعودية، ولكن عوضاً عن ذلك تكالبت لبيع الأسلحة لها ضاربة بعرض الحائط جميع القوانين الدولية، متعاميةً عمّا يجري في اليمن بشكل مقصود خدمةً لرفاهية شعبها من المال السعودي والدم اليمني.