المقالات

استحالة التعايش مع الفساد

الجديد برس : رأي

حمير العزكي

 
كثيرة هي العوامل السلبية المؤثرة على تحرك الأمة ولعل من اهمها وابرزها ما ذكر السيدالقائد عبدالملك بن بدرالدين الحوثي حفظه الله في خطابه في ذكرى استشهاد الإمام زيد بن علي عليهما السلام في العام الماضي وهو عامل النقص في الوعي، والتفكير بإمكانية التعايش مع الطغيان وتجاهل ان الطغيان يتعاظم ويتمادى ولا يتوقف عند حد، وبهذا التفكير الهروبي التخاذلي يستطيع البعض من ابناء هذه الامة اصطناع شعور زائف بالطمأنينة والتصالح مع انفسهم اللوامة التي تستدعي العقل أمام مايحدث من طغيان وظلم واستبداد ليحدد موقفه فيهرب إلى تبريرات واهية تخلي عنه مسؤولية المواجهة الحتمية ولكنها تحمله تبعات مستقبلية باهظة الكلفة والثمن.
 
إن إستحالة التعايش مع الفساد كحقيقة ربما يصل إليها البعض متأخرا لا تختلف كثيرا عن إستحالة التعايش مع الطغيان، وكلما تأخر الوصول إليها والوعي بها زادت تكلفة محاولة القضاء عليه بل يصبح مجرد الحد من أضراره ولو حتى على الصعيد الشخصي أمرا غير ممكنا الا بتضحيات جسام، وما أكثر التبريرات التي نختلقها ونمنطقها لأنفسنا كي ننأى بها عن مواجهة الفساد ثم مانلبث ان نقتنع بها وكلما ابتعدت تأثيرات الفساد عنا زادت تلك القناعة اقترابا من تفكيرنا حتى تصل لدرجة التحكم به واعاقته، لنجد انفسنا غير معنيين بالأمر ومتى صار يعينينا صرنا أعجز عن مواجهته.
 
يكاد التشابه يصل حد التطابق في مايحدث عند تعيين المسؤولين في الدولة برغم تفاوتهم كثيرا في ملكاتهم وقدراتهم بين مسؤول يمتلك كل مقومات النجاح وحتى مسؤول لايكاد يفقه شيئا ولكن كلاهما يبدأ تجربته بالخوف من الفشل والفضيحة والذي سرعان مايبدده التطبيل والتقديس ويظل متحليا بالحذر حتى ينتهي من قياس ردة الفعل والتي تأتي في الغالب سلبيا لا مباليا نتيجة غياب الوعي ومارسخته ثقافة عقود من الاستبداد وبعدها يبدأ الشعور بأمان النفوذ و قوة السلطة فيرمي وراء ظهره ويزيح من امامه كلما يظن انه سيعيقه ولو حتى بمجرد النصيحة والتنبية.
 
لذلك عندما ظن الجميع في هذه المرحلة إمكانية التعايش مع الفساد بكل اشكاله استطاع الفساد ان يوفر له ولأربابه أسباب البقاء التي اوجد من خلالها بيئة خصبة جاذبة لكل مفسد وطاردة لكل شريف ونزيهة، فهو يستأثر لنفسه بكل متاح من الامكانيات ويتصرف بها كيف يشاء ودون ان يحقق اي انجاز يذكر ثم ينبري محاسبا ومعاقبا من يخالفونه بداعي التقصير مهما كان غير متعمد وخارج عن الامكان بل وفي اغلب الاحيات يكون هو المتسبب الرئيس فيه، وله العذر في ذلك ولغيره العتاب ان لم يكن العقاب.
 
ولو سألنا أنفسنا ونحن نضع المبررات للسكوت عن الفساد ونحاول التعايش معه والتي تتصدرها أولوية مواجهة العدوان ومراعاة ظروف المرحلة،، هل يضع أولئك الفاسدون في اعتبارهم العدوان والمرحلة أم انهم يعتبرونهما مناخا مناسبا لممارسة طقوس فسادهم بصلف والاستمتاع بهواية الفيد والنهب لكل ماتقع اعينهم عليه بفجاجة جاعلين من مواجهة العدوان واجهة يستترون بها عن عين الثورة،
وللحديث بقية مليئة بالتفاصيل المثقلة بالمظالم .