الجديد برس : رأي
حمير العزكي
لأكثر من نصف قرن والساحة السياسية اليمنية تعج بذات الوجوه وذات الأسماء التي ظلت تستأثر بالمشهد السياسي وتستحوذ على فصوله دون أي تغيير في ملامحه الشاحبة الإرادة والمشوهة بالوصاية والارتهان ولو صوريا بل إنها حتى عندما ثار الشعب انقسم بعضها ضد بعضها وأجهضت الثورة بصفقة أعادت توزيع الحصص بصورة أكثر عدالة في ما بينها وأفدح ظلما للشعب ، ولذلك لانستغرب ونحن نرى حراس المعبد القديم جميعا من رموز هذه النخبة (النكبة) السياسية البائدة الفاسدة يقفون في صف واحد مع العدوان مؤيدين للاحتلال رغم يقينهم بموقف قوى العداون المحتقر لبعضهم والمزدري للبعض الآخرواللامبالي بهم في أحسن الأحوال؟! ويقفون مع شرعية دنبوع الوضيع رغم احتقارهم له؟!! ورغم طعنهم في هذه الشرعية في فترات سابقة ؟؟!!! يقفون جنبا إلى جنب ورغم عداواتهم التاريخية و صراعاتهم المستمرة مع بعضهم ؟؟!!! فالسيادة أفيون الفساد والعمالة ضمانة الفاسدين.
و لأكثر من خمسين عاما تشاركت في حكم اليمن هذه النخبة (النكبة) السياسية المهترئة التي تجتمع اليوم بكل أطيافها المتباينة وتوجهاتها المتضادة تحت راية العدوان كسابق عهدها باعتباره الضامن الوحيد لعودتها للحكم والطريق الأوحد الذي سلكوه ولم يعرفوا غيره طيلة فترة حكمهم وهو ايضا جرب ذلك ويعرفه يقينا، ومَنْ ذا يجهل أو ينكر انها خلال نصف قرن لم تضمن للبلاد التي حكمتها واستغلت خيراتها ونهبت ثرواتها، لم تضمن لها حريتها ولا كرامتها ولا سيادتها ولا استقلالها ولم تحقق في إدارتها نجاحا حقيقيا ملموسا على الواقع في اي مجال من المجالات فلا نظام سياسي مستقر ولا وضع اقتصادي مزدهر و لا خدمات صحية جيدة متوفرة ولا تعليم ولامخرجات مؤهلة بل ولا حتى جيش وطني قوي يمتلك أبسط القدرات العسكرية الدفاعية.
طوال نصف قرن مضى لم تحقق أي شيء يستحق الإشادة بل والأسوأ أنها لم تحافظ على ما هو موجود فطريا في الشعب اليمني من وعي و قيم و مبادئ دينية وعروبية و وطنية، ولايوجد حقا مايمكن الإشادة به بصدق وموضوعية حتى تلك المنجزات التي يزايد بعضهم بها على بعض فالوحدة كانت للأسف سياسية ولم تكن وطنية ولم تستفد من الزخم والاندفاع الجماهيري لخلق وعي اجتماعي وحدوي ولذلك سرعان ما تعرضت للتشوهات لدرجة الإعاقة واما الديموقراطية فكانت شكلية وزائفة لم يعترف بنزاهتها بعضهم واستغلها البعض الأخر لشرعنة وتقنين الفساد وتلك البنى التحتية والمشاريع الخدمية كانت بوابة للنهب والثراء اللامشروع ووسيلة لتقوية النفوذ نتيجة انعدام عدالة التوزيع، والأمن والاستقرار لم يكونا أكثر من ممارسات قمعية واستبدادية تضمن الاستمرار في نهب الثروة وإعادة توزيعها بين مراكز النفوذ والتي بدورها تمنع الفوضى التي تهدد المصالح.
وعلى الرغم من كل ذلك مازالت تحاول العودة باستماتة للحكم بالتعويل على أمرين الأول العودة إلى حكمه والتسلط عليه على ظهر دبابات الغزاه والمحتلين وفوق أشلاء المدنيين والثاني ميراثها من الجهل والتضليل وتغييب الوعي الذي خلفته للشعب اليمني خلال أكثر من نصف قرن ومازالت أيضا تأبى أن تدرك حقيقة رهانها الخاسر فإرادة الشعب كسرت عدوان المحتل والغازي ووعي الجماهير خرج من دائرة التجهيل والتضليل بل وازداد إيمانا وثقة أنه على الحق وفي موقف الحق كلما تمايزت الصفوف واصطف كل من قهروه ونهبوا خيراته وباعوا حريته وخانوا سيادته وفرطوا في استقلاله من طغاة الباطل والظلم والفساد ودعاة التضليل والدجل والتكفير وسماسرة الارتزاق والعمالة والخيانة صفا واحدا في مواجهته ومعه الله ومعهم أمريكا وإسرائيل.