الجديد برس : متابعات
ماجي ميشال وتريش ويلسون ولي كيت
غلوبال نيوز
ترجمة خاصة لـ(لا): زينب صلاح الدين
لطالما ادعى تحالف عسكري تقوده المملكة العربية السعودية وتدعمه الولايات المتحدة الأمريكية، خلال العامين الماضيين، مراراً وتكراراً، أنه قد حقق انتصارات حاسمة دفعت بعناصر القاعدة إلى الرحيل من معاقلهم، وشلت قدرتهم على مهاجمة الغرب.
وإليكم هنا ما لم يكشفه المنتصرون: إن العديد من غزواتهم المتكررة أتت بدون أية طلقة، ذلك أن التحالف يقوم بعقد صفقات سرية مع مقاتلي القاعدة، ويدفع بالبعض نحو مغادرة المدن والضواحي الرئيسية، ويسمح لآخرين بالانسحاب مع أسلحتهم وعدتهم ورزم الأموال المسروقة، وهذا وفقاً لتحقيق أجرته (أسوشيتد برس)، وقد وجدت أن المئات قد تم تجنيدهم للانضمام إلى التحالف نفسه.
سمحت هذه التحالفات والتنازلات لعناصر القاعدة بالهروب لاستئناف القتال في يوم آخر، وخاطرت بتقوية أخطر فرع في الشبكة الإرهابية المتورطة في هجمات 11 سبتمبر.
كشف المشاركون الرئيسون في التحالفات أن الولايات المتحدة كانت على علم بالتحضيرات، وأنها نأت بنفسها عن تنفيذ أية ضربة من طائرات بلا طيار.
تعكس الصفقات التي كشفتها (أسوشيتد برس) المصالح المتناقضة لحربين تجريان بشكل متزامن في هذا الركن الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة العربية.
وفي أحد الصراعين تعمل الولايات المتحدة مع حلفائها العرب – وعلى وجه الخصوص مع الإمارات العربية المتحدة – بهدف التخلص من فرع المتطرفين المعروف باسم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، لكن المهمة الأكبر هي كسب الحرب الأهلية ضد الحوثيين، وهم مجموعة من المتمردين الشيعة تدعمهم إيران. وفي هذا الميدان نجد عناصر القاعدة حاضرين وبقوة في نفس الجانب الذي يقاتل فيه التحالف، وبالتالي أيضاً في جانب الولايات المتحدة.
أوضح مايكل هورتون، وهو زميل في مؤسسة جيمستاون، مجموعة تحليل تتبع ممارسات الإرهابيين، أن (هنالك أفراداً من الجيش الأمريكي يدركون جيداً أن جل ما تقوم به الولايات المتحدة في اليمن هو مساعدة القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وهناك قلق كبير بشأن ذلك).
ويقول هورتون: (ومع ذلك يأخذ دعم الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ضد ما تسميه الولايات المتحدة توسعاً إيرانياً، الأولوية على محاربة القاعدة أو حتى دعم استقرار اليمن).
اعتمدت استنتاجات (أسوشيتد برس) على تقارير من اليمن ومقابلات مع عشرات المسؤولين الذين من ضمنهم ضباط أمن يمنيون وقادة ميليشيات ووسطاء القبائل و4 أفراد من فرع القاعدة في شبه الجزيرة.
إن الجميع، ما عدا قلة من هذه المصادر، قد تحدث بشرط عدم ذكر اسمه خوفاً من أي إجراءات انتقامية؛ حيث إن الجماعات المدعومة من الإمارات كأغلب الجماعات المسلحة في اليمن، متهمة بخطف أو قتل نقادها.
ووجدت (أسوشيتد برس) أن الميليشيات التابعة للتحالف تقوم بتجنيد عناصر القاعدة أو أولئك الذين هم مجندون حديثاً بشكل نشط ومستمر، باعتبارهم مقاتلين استثنائيين.
تتألف قوات التحالف من مزيج عجيب من الميليشيات والجماعات وأمراء الحرب القبليين والعشائر، وتجمعهم مصالح ضيقة جداً، ومقاتلو القاعدة متشابكون مع العديد منهم.
أخبر معاونه الخاص (أسوشيتد برس) أن قائداً يمنياً لايزال موضوعاً في قائمة الإرهاب الأمريكية بسبب اتصاله بالقاعدة في العام الماضي، يتلقى الأموال من الإمارات كي يدير ميليشياته.
وتم منح قائد آخر مبلغ 12 مليون دولار لتقوية قواته المقاتلة، من قبل الرئيس اليمني، ولديه شخصية معروفة من عناصر القاعدة يعمل كأقرب معاون له.
في إحدى الحالات قدم وسيط قبلي كان قد توسط في صفقة بين الإماراتيين والقاعدة، للمتطرفين مأدبة عشاء وداعية.
قال هورتون إن جل الحروب على القاعدة التي تشنها الإمارات وميليشياتها المتحالفة معها، هي عبارة عن (مسرحية هزلية) وغير حقيقية.
وقال: (إنه على الأغلب صار من المستحيل الآن الفصل بين حقيقة من هو منتمٍ إلى تنظيم القاعدة، ومن هو ليس منتمياً إليها منذ أن تم عقد العديد من الصفقات والتحالفات).
أرسلت الولايات المتحدة أسلحة بمليارات الدولارات للتحالف كي يقاتل الحوثيين المدعومين من إيران، وكذلك يعطي المستشارون الأمريكيون المعلومات الاستخباراتية للتحالف، والتي تساعده في استهداف الخصوم على الأرض، وتقدم المقاتلات الأمريكية الوقود جواً للطائرات الحربية التابعة للتحالف. ورغم أن الولايات المتحدة لا تمول التحالف، إلا أنه لا يوجد أي دليل على أن المال الأمريكي لا يذهب لمقاتلي القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
أخبر مسؤول رسمي أمريكي مراسلين في القاهرة في بداية هذا العام، أن الولايات المتحدة على علم بتواجد القاعدة بين صفوف المقاتلين ضد الحوثيين؛ كما قال المسؤول واشترط عدم ذكر اسمه تحت بنود التلخيص: (ولأن أعضاء التحالف يدعمون الميليشيا بقادة إسلاميين ذوي اتجاه متشدد، من السهل جداً جداً للقاعدة أن تدسنفسها في المزيج). ومؤخراً أنكر البنتاغون وبقوة أي تعاون مع مقاتلي القاعدة.
كتب القائد البحري سين روبرتسون، وهو متحدث باسم البنتاغون، في إيميل موجه لـ(أسوشيتد برس): (منذ بداية 2017 قمنا بشن أكثر من 140 ضربة للتخلص من قادة القاعدة الرئيسين، وشل قدرتهم على استخدام المساحات غير الحكومية في التجنيد والتدريب وعمليات التخطيط ضد الولايات المتحدة وشركائنا عبر الإقليم).
وعلق مسؤول سعودي رفيع بالقول إن التحالف بقيادة السعودية (ملتزم بتعهده على محاربة التطرف والإرهاب).
ولم يجب متحدث باسم الحكومة الإمارتية على الأسئلة التي طرحتها عليه (أسوشيتد برس).
لكن في وقت لاحق غرد وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، أن استراتيجية مكافحة الإرهاب المدعومة من الإمارات سارية المفعول، وقال إنه (قام بتصفية المقاتلين، وأنه حرمهم من أي ملاذ آمن آخر لهم).
وكتب أن (القاعدة الآن في أسوأ حالاتها منذ 2012)، مضيفاً أن الإمارات وحلفاءها (جميعهم قد خسروا جنوداً في تلك المعارك).
بدأ التحالف القتال في اليمن عام 2015، بعد أن استولى الحوثيون على الشمال، بما فيه العاصمة صنعاء، وتعتزم الإمارات والسعودية وقف ما يعتبرونه حركة من قبل عدوتهم إيران للسيطرة على اليمن، وأن هدفهم المزعوم هو إعادة الحكومة المعترف بها دولياً، وهي حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي.
ترفع القاعدة من مستوى الفوضى وتستفيد منها
قالت كاثرين زيمرمان، زميلة باحثة في معهد الشركات الأمريكية إنتربرايز: (لا شك أن الولايات المتحدة تعيش مأزقاً في اليمن)، (وليس لتصنيف القاعدة كخطر من قبل الولايات المتحدة أي معنى أو أهمية، لكن أن يكون لدينا مصالح مشتركة داخل اليمن، وإن كان يبدو في بعض المقامات أننا ننظر في الاتجاه الآخر).
وفي نطاق هذا الصراع المعقد قالت القاعدة إن أعداد مقاتليها في تزايد – يقدرهم مسؤولو الولايات المتحدة بين 6000 و8000 مقاتل.
وقال قائد من تنظيم القاعدة يساعد في عملية تنظيم الإمدادات لـ(أسوشيتد برس) إن خطوط الجبهة الأمامية ضد الحوثيين تقدم بيئة خصبة لتجنيد أفراد جدد.
كما قال: (بمعنى أنه إذا أرسلنا 20 مقاتلاً سنعود بـ100).
تواصل القائد المعروف مع (أسوشيتد برس) عبر تطبيق مراسلات آمن، بشرط عدم ذكر اسمه، لعدم امتلاكه أية سلطة أو صلاحية من الجماعة للحديث مع وسائل الأخبار.
ذكرت (أسوشيتد برس) هذه القصة بمساعدة من منحة مقدمة من (بوليتزر سنتر) للإبلاغ ونقل الأزمات.
عشاء الوداع لتنظيم القاعدة
سارعت القوات الإماراتية وحلفاؤها من الميليشيات اليمنية، في فبراير، بنقل علامات النصر على كاميرات التلفزيون، كما أعلنوا عن استعادة منطقة الصعيد، وهي مديرية مؤلفة من القرى التي تقع وسط محافظة شبوة الجبلية، وهي منطقة قد هيمنت عليها القاعدة إلى حد كبير لما يقارب الثلاثة أعوام.
واعتبر ذلك نصراً مكللاً في هجوم استمر لمدة شهور، في عملية (سويفت سوورد)، حيث إن السفير الإماراتي لدى واشنطن يوسف العتيبة كان قد أعلن (أنه سيعطل شبكة التنظيم الإرهابي، ويضعف قدرته على تنفيذ أية هجمات مستقبلية).
وحاكى البنتاغون الذي أسهم بعدد صغير من القوات، ذلك الوعد قائلاً إن المهمة قد تضعف قدرة المجموعة على استخدام اليمن كقاعدة.
ولكن قبل بضعة أسابيع من دخول هذه القوات غادرت سلسلة من شاحنات النقل الخفيفة محملة بالمدافع الرشاشة ومقاتلي القاعدة المقنعين من مديرية الصعيد، وفقاً لوسيط قبلي مشارك في اتفاقية الصفقة لانسحابهم.
وكانت الولايات المتحدة قتلت أكبر قيادات القاعدة في سلسلة من ضربات طائرات بلا طيار (الدرونز) التي ازدادت في السنوات الأخيرة.
ولكن في هذا الانتصار -كما في غيره الذي زعمه التحالف- قال الوسيط إن طائرات الدرونز الأمريكية كانت غائبة رغم الإسناد الضخم والواضح، وبموجب بنود وعد التحالف عناصر القاعدة أنه سوف يدفع لهم مقابل مغادرتهم، وفقاً لعواد الدهبول، مدير أمن المحافظة، والذي أكدت روايته هذه من قبل الوسيط ومسؤولين حكوميين يمنيين.
قال الدهبول إن حوالي 100 فرد من القاعدة يتلقون أجورهم، ولم يكن يعرف بالضبط كمية المبالغ؛ لكنه عرف أن 100.000 ريال سعودي (26.000$) قد دفعت لأحد أفراد القاعدة في ظل تواجد الإماراتيين.
وقال الوسيط والمسؤولون إنه بعد الاتفاقية كان الآلاف من المقاتلين القبليين المحليين على وشك أن يتم وضعهم في القائمة التي تمولها الإمارات لميليشيات النخبة الشبوانية، ومن بين كل 1000 مقاتل سيكون 50 إلى 70 من أفراد القاعدة.
أنكر صالح بن فريد العولقي، زعيم قبلي مؤيد للإمارات، وكان مؤسس فرع إحدى قوات النخبة، أنه قد تم إبرام اتفاقات، وقال إنه وآخرين قد قاموا بإغراء أفراد القاعدة اليافعين في شبوة للفرار، ما أضعف الجماعة وما أجبرها على الانسحاب من مجموعتها، وقال إن حوالي 150 مقاتلاً ممن فروا سمح لهم بالانخراط في قوة النخبة الشبوانية، لكن فقط بعد أن اجتازوا برنامج (توبة).
ولم تتم تصفية القاعدة من شبوة ومن محافظات أخرى بدون قتال، فقد اشتعلت الخلافات في بعض القرى، وغالباً ما كانت مع فلول القاعدة الذين رفضوا المال الإماراتي لاستقطابهم.
قال فرد سابق في القاعدة لـ(أسوشيتد برس) إنه وزملاءه رفضوا عرض مال من الإماراتيين، وفي رد على ذلك قال إن فرقة من قوة النخبة قد حاصرتهم في مدينة الحوطة حتى انسحابهم.
وجدت (أسوشيتد برس) أن الاتفاقيات التي تمت خلال فترتي إدارتي أوباما ترامب قد ضمنت انسحاب مقاتلي القاعدة من عدة مدن رئيسية وضواحٍ كانت تسيطر عليها الجماعة في 2015، وقد سمحت أقدم معاهدة –في ربيع 2016- للآلاف من مقاتلي القاعدة بالانسحاب من المكلا خامس أكبر مدينة يمنية، وفيها ميناء رئيسي على البحر العربي.
وتم ضمان طريق آمن للمقاتلين، وسمح لهم بالاحتفاظ بالأسلحة ورزم الأموال المسلوبة من المدينة -وتصل قيمتها إلى أكثر من 100 مليون دولار بحسب التقديرات- وفقاً لخمسة مصادر بما فيها عسكرية وأمنية ومسؤولين من الحكومة.
قال أحد زعماء القبائل الكبار ممن شهدوا مغادرة القوات: (كانت مقاتلات التحالف وطائرات الدرونز الأمريكية متخاذلة، وكنت أتساءل لم لم يقوموا بضربهم؟).
وكان هنالك شيخ عشائري يتنقل بين قادة القاعدة في المكلا والمسؤولين الإماراتيين في عدن، لإتمام الصفقة، وفقاً لقائد يمني سابق.
تحركت القوى المدعومة من التحالف بعد يومين، معلنة أن مئات المقاتلين قد قتلوا، واعتبروا ذلك (جزءاً من الجهود الدولية المضافة للتغلب على التنظيمات الإرهابية في اليمن)، لكن لم يبلغ شهود عن مقتل المتشددين.
قال صحفي محلي محدثاً (أسوشيتد برس)، اشترط عدم ذكر اسمه، خوفاً من أي إجراءات انتقامية: (استيقظنا يوماً وقد تلاشت القاعدة من دون أي قتال).
وبعد فترة وجيزة، تم عقد اتفاقية أخرى للقاعدة كي تنسحب من 6 مدن رئيسية وضواحٍ في محافظة أبين، بما فيها عاصمتها زنجبار، وفقاً لخمسة وسطاء قبليين محليين مشاركين في المفاوضات.
قال وسطاء: (ومجدداً كان البند أو الشرط الرئيسي هو أن يوقف التحالف وطائرات الدرونز كل عمليات القصف أثناء انسحاب القاعدة بأسلحتها).
قال 4 مسؤولين يمنيين: (تضمن الاتفاق أيضاً شرطاً أن 10.000 من رجال القبائل المحليين -بمن فيهم 250 مقاتلاً من تنظيم القاعدة- يتم دمجهم في الحزام الأمني والقوة اليمنية التي تدعمها الإمارات في المنطقة).
ولمدة أسبوع في مايو 2016 غادر المقاتلون على متن شاحنات، وأخبر أحد الوسطاء (أسوشيتد برس) أنه قد قدم لآخر مجموعة مقاتلين مغادرة عشاء وداع وسط بستان الزيتون والليمون الذي يمتلكه عندما توقفوا في مزرعة ليعبروا عن احترامهم.
وقال وسيط آخر (طارق الفضلي)، وهو جهادي سابق تدرب في إحدى المرات على يد زعيم القاعدة أسامة بن لادن، إنه كان على تواصل مع مسؤولين في السفارة الأمريكية وفي التحالف الذي تقوده السعودية، حتى يبقيهم على اطلاع بالانسحاب.
وقال: (عندما غادر آخر فرد اتصلنا بالتحالف لإعلامه بأنهم قد ذهبوا).
سوف نتحد مع الشيطان
أن تعتبر القاعدة مجموعة إرهابية دولية هو أن تفقد واقعها الآخر، بالنسبة لكثير من اليمنيين إنها ببساطة مجموعة مقاتلة على الأرض -مجموعة ذات تأثير- مسلحة بشكل جيد ومعتادة على المعارك الضارية.
وأفرادها ليسوا متوارين عن الأنظار أو غرباء، وعلى مدى الأعوام أدخلت القاعدة نفسها في نسيج المجتمع عن طريق إنشاء العلاقات مع القبائل وشراء الولاءات والزواج من العائلات الهامة.
وغالباً ما ينظر لها لاعبو السلطة كأداة نافعة لهم، وقد اعتبر سلف الرئيس هادي، علي عبدالله صالح- الرجل القوي الذي مكث طويلاً في السلطة – النموذج لذلك، فقد أخذ مليارات من المساعدات الأمريكية كي يحارب القاعدة بعد هجمات 11 سبتمبر، حتى مع تجنيده لمقاتلين للتخلص من منافسيه، وكان النائب الحالي للرئيس هادي، علي محسن الأحمر، وقد كان قائداً عسكرياً طيلة عقود أيضاً، متهماً بتجنيد المقاتلين في صفوف القاعدة.
وفي ضوء ذلك سيكون الأمر أكثر غرابة إذا لم يكن المتطرفون مشاركين في القتال ضد الحوثيين، لاسيما مذ اُعتبر مقاتلو القاعدة متطرفين سنة يحاولون التغلب على المتمردين الشيعة.
قال خالد باطرفي، أحد كبار قادة الجماعة، في مقابلة نشرت له سابقاً في 2015، مع صحفي محلي، حصلت عليها (أسوشيتد برس)، إن مقاتلي القاعدة متواجدون في خطوط الجبهة الرئيسية يقاتلون المتمردين. وفي الشهر الماضي قال باطرفي في جلسة منعقدة أعدتها القاعدة (إن هؤلاء المتواجدين على خطوط النار هم على معرفة أكيدة بمشاركتنا سواء في القتال الواقع في صف إخواننا في اليمن أو دعمهم بالأسلحة).
قال باطرفي: (قللت القاعدة من هجماتها ضد قوات هادي أو القوات المرتبطة بالإمارات، لأن مهاجمتهم قد تخدم الحوثيين).
وقال قائد آخر في التنظيم في إجابات محررة لـ(أسوشيتد برس) إن: (الفرع يتبع أوامر الزعيم العام للقاعدة أيمن الظواهري، في التركيز على قتال المتمردين).
ووجدت (أسوشيتد برس) أنه في بعض الحالات ينضم المقاتلون إلى القتال بشكل مستقل؛ لكن في حالات كثيرة يضم قادة المقاتلين من القطاع السلفي المحافظ والإخوان المسلمين العناصر مباشرة إلى صفوفهم، حيث يستفيدون من دعم التحالف، وفرع الإخوان المسلمين في اليمن هو تنظيم سياسي إسلامي ذو توجه متشدد سلطوي متحالف مع هادي.
وقال فرد في تنظيم القاعدة إن اثنين من القادة الأربعة الرئيسين الذين يدعمهم التحالف على امتداد ساحل البحر الأحمر، هم حلفاء لتنظيم القاعدة، وقد حقق التحالف تقدمات كبيرة على الساحل، وهو حالياً يقاتل من أجل ميناء الحديدة.
أظهر فيديو عرضته (أسوشيتد برس) في يناير 2017، وحدة مدعومة من التحالف تتقدم في المخا كجزء من الحملات العسكرية الناجحة تدريجياً للسيطرة على المدينة الواقعة على ساحل البحر الأحمر.
وبعض من مقاتلي تلك الوحدة هم بشكل معلن ينتمون لتنظيم القاعدة، ويرتدون ثياباً أفغانية، ويحملون السلاح مع شعار الجماعة، كما صعدوا خلف المدافع الرشاشة على متن شاحنات نقل خفيفة، ويمكن رؤية تفجيرات من قبل ضربات التحالف الجوية على المنطقة.
في مقابلة شخصية مع أحد أفراد التنظيم مع (أسوشيتد برس)، في شهر مايو، كان قد شاهد الفيديو، وأكد أن أولئك المقاتلين ينتمون إلى جماعته، وكان انضمامه معروفاً منذ تورطه السابق في حكم تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية على المدينة الجنوبية.
ويظهر جلياً أثر إدماج مقاتلي القاعدة مع حملات التحالف العسكرية أكثر في تعز أكبر مدينة يمنية من حيث السكان، ومركز إحدى أطول معارك الحرب الجارية، وتعز هي العاصمة الثقافية لليمن، ومنبع تاريخي للشعراء والكتاب والخبراء الفنيين، ففي 2015 أطبق الحوثيون الحصار على المدينة، محتلين مدرجات الجبال المحيطة، ومغلقين المنافذ، وكانوا يقصفونها دون رحمة، وقد نهض سكان مدينة تعز للرد، وقد صبت عليهم الأسلحة والأموال من التحالف، كما فعلت القاعدة ومقاتلو الدولة الإسلامية، وجميعهم متوجهون ضد عدو واحد.
وكان ناشط ليبرالي حمل السلاح إلى جانب رجال آخرين من نفس الحي كي يدافع عن المدينة، فوجدوا أنفسهم يقاتلون مع أفراد القاعدة جنباً إلى جنب.
قال الناشط الذي تحدث مشترطاً عدم ذكر اسمه: (لا توجد غربلة في الحرب)، وقال إن القادة تلقوا الأسلحة والمساعدات الأخرى من التحالف، وقاموا بتوزيعها لجميع المقاتلين، بمن فيهم مقاتلي القاعدة.
وقال عبدالستار الشميري، مستشار سابق لمحافظ تعز، إنه علم بتواجد القاعدة منذ البداية، وأخبر القادة بألا يجندوا أفرادها.
وقال الشميري: (كان ردهم بشأن ذلك: سوف نتحالف مع الشيطان لمواجهة الحوثيين).
وقال إنه حذر مسؤولي التحالف الذي كان (مستاءً) من ذلك، لكنه لم يتخذ أي موقف.
وقال الشميري: (تعز في خطر)، (سوف نتخلص من الحوثيين، لكننا سنعلق مع المجموعات الإرهابية).
قال الناشط ومسؤولون في المدينة إن أحد المجندين الرئيسين من مقاتلي القاعدة يدعى عدنان رزيق، وهو عنصر سلفي تم تعيينه من قبل هادي ليكون قائداً عسكرياً كبيراً.
وأصبحت ميليشيا رزيق تشتهر بالاختطافات والقتل في الشوارع؛ حيث أظهر فيديو له على الإنترنت يعرض أفراده المقنعين وهم يطلقون النار على رجل معصوب العينين وراكع على ركبتيه، وتتميز فيديوهاته بأناشيد القاعدة وراياتها.
وكان أحد كبار مساعدي رزيق شخصية كبيرة من تنظيم القاعدة، كان قد هرب من السجن في عدن 2008، مع معتقلين آخرين من التنظيم، وفقاً لمسؤول يمني في الأمن، تعرض الصور التي شاهدتها (أسوشيتد برس) رزيق مع قادة القاعدة المعروفين في السنوات الأخيرة.
في نوفمبر عيَّن هادي رزيق قائداً لغرف عمليات تعز، ومنسق العمليات العسكرية، وقائداً أعلى لقوة مقاتلة جديدة ولكتيبة الحماية الرئاسية الخامسة، كذلك منحت وزارة الدفاع التابعة لهادي رزيق 12 مليون دولار لشن هجوم جديد ضد الحوثيين، وحصلت (أسوشيتد برس) على نسخة من ورقة استلام 12 مليوناً، كما أكد مساعد رزيق هذا المبلغ.
ولكن أنكر رزيق أي اتصال بمقاتلي القاعدة، قائلاً لـ(أسوشيتد برس) إنه (لا وجود للقاعدة في تعز).
وهنالك أمير حرب آخر يدعمه التحالف أيضاً، مضاف على قائمة الإرهاب الأمريكية بسبب علاقاته مع القاعدة، حيث تلقى تاجر الحرب وهو سلفي يعرف باسم الشيخ أبو العباس، ملايين الدولارات من التحالف ليوزعها للجماعات المقاتلة ضد الحوثيين، بحسب أقوال معاونه عادل العزيزي، وقال: (وبالرغم من وضعه على لائحة الولايات المتحدة للإرهاب في شهر أكتوبر، إلا أن الإمارات تستمر في دعمه).
ورغم أن المساعد قد أنكر أي ارتباطات بمقاتلي القاعدة، وتجاهل تصنيف زعيمه على لائحة الإرهاب، إلا أنه اعترف أن (القاعدة قد قاتلت في كل الجبهات إلى جانب الجماعات المقاتلة).
ومباشرة بعد أن تحدث فريق (أسوشيتد برس) معه في تعز، رأى الفريق العزيزي يقابل شخصية معروفة في القاعدة، ويعانقه بحرارة خارج منزل قائد سابق للتنظيم.
يدير أبو العباس ميليشيا مدعومة من التحالف تتحكم بعدد من المديريات في تعز، يعرض فيديو نشرته القاعدة 2016 مقاتلين بزي أسود إلى جانب الميليشيات الأخرى المعروفة بأنها تعمل تحت إمرته وقيادته، وقال مسؤول أمني سابق في تعز إن الميليشيات وقوات أبو العباس قد هاجمت مراكز قيادة الأمن في 2017 مرات عديدة، وحررت عدداً من المشتبه بانتمائهم إلى القاعدة، وقال الضابط إنه قد أبلغ عن ذلك الهجوم للتحالف فقط ليعلم أن ذلك حدث بعد أن أعطي لأبي العباس 40 شاحنة نقل خفيفة للمدافع الرشاشة.
وقال: (الحقيقة أننا كلما حذرنا التحالف أكثر من التنظيم الإرهابي، تمت مكافأتهم أكثر من قبله). وقال الضابط: (يملك قادة القاعدة عربات مدرعة أعطاهم إياها التحالف، بينما لا يملك قادة الأمن تلك العربات المدرعة!).
6 أغسطس 2018