الجديد برس : رأي
فضل عباس جحاف
لا يوجد تفسير لتأجيل مشاورات جنيف أو تعليقها الى أجل غير مسمى ومهما كانت الأسباب والمبررات التي دعت المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيت إلى تعليق المشاورات إلى موعد آخر و إعلانه قرار تأجيلها في المؤتمر الصحفي الذي عقده في جنيف الذي ذكر فيه نوع العراقيل التي حالت دون انعقاد المشاورات في موعدها ولم يسمِ الطرف المعرقل لإجراء المشاورات في موعدها وفق جدول الأعمال، واكتفى جريفيت بالإشارة والتلميح وتبرير موقف الأمم المتحدة وعجزها في تأمين طائرة تقل الوفد الوطني المكلف من قِبل المجلس السياسي في صنعاء للمشاركة في المشاورات في جنيف والتي كان من المفترض أن تعقد أولى جلساتها في 6 سبتمبر الحالي، وإن ظهر جريفيت مقتنعا بمنطقية مطالب فريق المجلس السياسي الأعلى في صنعاء المتعلقة بتوفير ضمانات تكفل مشاركتهم في المشاورات وعودتهم إلى صنعاء حتى لا يتكرر ما حدث في المفاوضات السابقة، ومما لاشك فيه أن رفض دول تحالف العدوان السماح لشركة الطيران العمانية إرسال طائرة تقل الوفد الوطني من صنعاء إلى جنيف واشتراطهم اختيار نوعية الطائرة وسعتها وتفتيشها بعد مغادرة صنعاء وعلى متنها الوفد الوطني في جيبوتي وكذلك الرفض غير المبرر واللإنساني لنقل جرحى ومرضى من صنعاء برفقة الوفد الوطني بذريعة أنهم خبراء إيرانيين ومقاتلين من حزب الله.
علماً أن ضعف الإمكانيات الصحية في صنعاء حال دون علاجهم في مستشفياتها التي تفتقر للإمكانيات بسبب الحصار الجائر الذي أدى إلى تفاقم حالتهم الصحية واستيائها مما استدعى ضرورة استكمال علاجهم في الخارج وبالرغم من عدم منطقية مبررات دول تحالف العدوان التي حالت دون انعقاد المشاورات في موعدها وكذلك ضعف ذرائعهم وقبحها إلا أن مارتن جريفيت لم يشر إليها أو يسمِ الطرف المعرقل لإجراء المشاورات ولم يجرؤ على الإشارة والتلميح للقوى الدولية التي تحرك الطرف المعرقل باتجاه افتعال العراقيل وازدياد حدة التوتر على المسار السياسي والتصعيد العسكري في مختلف الجبهات وبالذات جبهة الساحل الغربي إلا أن التطورات السياسية في المنطقة وخلفياتها تؤكد أن هناك خلف الكواليس ثمة دور أمريكي خفي يقف خلف تحرك دول تحالف العدوان لعرقلة مساعي المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيت الرامية إلى إحلال السلام في اليمن عبر المشاورات والحوار السياسي، حيث ظهرت تجليات الدور الأمريكي في واقع سياقات التحركات السياسية والعسكرية المتزامنة من دعوة جريفيت الأطراف السياسية اليمنية للمشاورات اللاحقة بعد إعلان جريفيت تعليق المشاورات، والتي كشفت طبيعة الدور الأمريكي وإبعاده وتأثيره الفاعل في تأجيل المشاورات، وما زيارة قائد القيادة المركزية في الجيش الأمريكي الجنرال ((جوزيف فوتيل)) إلى عدن واجتماعه بالمرتزق طاهر العقيلي المعين رئيساً لهيئة الأركان من قبل الفار هادي إلا إثبات للنوايا الأمريكية المبيتة لإفشال المشاورات قبل بدئها.
صحيح أن زيارة الجنرال ((جوزيف فوتيل))لعدن جاءت بعد إعلان المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفييت تعليق المشاورات لكن البيان المقتضب الذي نشرته السفارة الأمريكية على حسابها الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي تويتر كشف حقيقة الدور الأمريكي في الإيعاز لدول التحالف عرقلة إجراء المشاورات ومازيارة الجنرال ((جوزيف فوتيل)) إلى عدن إلا رداً على امتناع أنصار الله من المشاركة في المشاورات للإيحاء بأن أنصار الله امتنعوا عن المشاركة كما روجت وسائل إعلام دول التحالف بالرغم أن مارتن غريفيت أشار في تصريحاته إلى حماسة أنصار الله في حضور المشاورات، وأشار إلى عدم تمكنهم من السفر لأسباب لوجستية إضافة إلى إشادته المتكررة بمواقف أنصار الله الإيجابية في تذليل الصعاب أمام مساعي الأمم المتحدة ومبعوثها في إحلال السلام، وبنظرة خاطفة إلى أبرز ما تضمنه بيان السفارة الأمريكية لدى اليمن عن زيارة الجنرال ((جوزيف فوتيل)) إلى عدن ونشرعلى موقع السفارة في تويتر وعلى تغريدتين.
وقالت السفارة في تغريدة ((تمت خلال اللقاء مناقشة العلاقات التاريخية بين الجيش الأمريكي والجيش اليمني وأهمية استعادة الاستقرار والأمن والشرعية لكل أنحاء اليمن))
وأضافت في تغريدة أخرى ((كما تمت أيضاً مناقشة التعاون في مكافحة الإرهاب وأهمية حماية خط الساحل اليمني لمواجهة خطر تهريب الأسلحة غير المشروعة من إيران اليمن)) نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية هي من يحدد أولويات القضايا المطروحة على طاولة المشاورات، وأمريكا ذاتها هي تضع خطط العمليات العسكرية في جبهات القتال وتحدد أهم الأهداف التي ينبغي تحقيقها، وما فريق الشرعية المشارك في مشاورات جنيف وقوات الجيش اليمني المنظوية تحت الشرعية سوى أدوات تحركها دول تحالف العدوان.
كما أن البيان كشف عن نوايا أمريكا في أهمية استعادة الشرعية ولكن بالحسم العسكري كون البيان صدر عقب اجتماع عسكري نوقش فيها خطط التعاون في مكافحة الإرهاب وكذلك أهمية حماية خط الساحل اليمني ومواجهة خطر تهريب الأسلحة غير المشروعة من إيران إلى اليمن، وهو دليل واضح على دور أمريكا المباشر في تصعيد دول تحالف العدوان عملياتها العسكرية في ساحل الحديدة التي تسعى إلى اقتحامها من عدة محاور لاسيما أن هذا التصعيد تزامن مع توجيه مارتن جريفيت مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن دعوات إلى الأطراف اليمنية للعودة إلى المشاورات وارتفعت وتيرة التصعيد العسكري مع اقتراب موعد المشاورات وتضاعف التصعيد عند إرسال المجلس السياسي الأعلى في صنعاء قائمة بأسماء الوفد الممثل له في المفاوضات، ومهما حاولت أمريكا إخفاء نواياها المبيتة في عدم إيقاف العدوان على اليمن إلا إن تحركاتها على كافة الأصعدة كشفت حقيقة دورها المحوري في شن العدوان على اليمن ورغبتها في استمراره كونها المستفيد الأول منه،
وما دول تحالف العدوان وعلى رأسهم النظامين السعودي والإماراتي سوى بيادق تحركها الأيادي الأمريكية والإسرائيلية بناء على خطط مشتركة وضعت وفق أولويات حددتها مصالحهما المشتركة