الجديد برس : رأي
حمير العزكي
الرياح الباردة ليست سوى وجه بائس من أوجه الحرب الناعمة
وفصل مظلم من فصول المؤامرة ضد أبناء اليمن و جانب مؤلم من جوانب مأساة كبيرة يعيشها الكثير من شبابنا وهم لايعلمون أنهم يتعرضون لحالة فصل قيسرية عن هويتهم وثقافتهم وقيمهم وأخلاقهم …
وتحت تأثير مخدر الرعاية والدعم والتشجيع لايشعرون بألم تلك العمليات الجراحية التي تشبه عمليات التجميل التي تفقد الانسان ملامحه وسماته المميزة …
وفي رحلة البحث عن الذات ومسيرة تحقيقها بكل طموح الشباب وعنفوانه وبراءة المراهقة وعفويتها وتنامي الاحتياجات البشرية وضغوطها ينتظر شبابنا على مداخل مدائن الشخصية والطرق المؤدية لتكوينها عدو متربص يلبس ثياب المنقذ وذئب يتخفى في جبة الراعي ولص يظهر بصورة الداعم …..
ومن بداية مشوار المستقبل المأمول النجاح في جنبات طريقه ينصب العدو الأزلي الأبدي شراكه وأفخاخه لشبابنا المبدع فطريا والموهوب اجمالا ليختطف من استطاع منهم مستغلا حاجته للاهتمام وانبهاره بالعروض المغرية الثمينة شكلا والبخسة مضمونا …
ومن أبرز أساليب استغلال العدو لطاقات شبابنا في غير ما خلقت له أسلوب الإيهام بالموهبة المتفردة القريبة جدا من الوصول للعالمية بالقليل من التحدي والتمرد على قيم المجتمع وأسلوب الأغراء بالنجاح والرقي من خلال الانفتاح والثورة على كل ماهو تقليدي …
وعبر عدة مرحلة يصل شبابنا لمرحلة التغريب عن واقعه ومرحلة التدجين لإهتماماته فنفسه ثم نفسه ثم نفسه محور كل اهتماماته حتى يصل لمرحلة الحياة من اجل الحياة فقط وعندها يساق كالأعمى وراء احتياجاته ورغباته ونزواته …..
وهنا يبدأ بالصراخ باتجاه الداخل أوقفوا الحرب
ويبدأ بالتذمر بوجه واقعه نشتي نعيش
وتحترق روحه تصبح رمادا في مهب رياح سلام باردة !!!
الرياح الباردة هذا المسمى وغيره من المسميات كرياح السلام وبسمتي سلاحي ووووو تأتي على هيئة مبادرات وما أكثرها تلك المبادرات الشبابية كمايسمونها من هذا النوع وفي هذا الاتجاة وما اكثر المنظمات الداعمة لها وهذا كله كما قلنا يندرج في اطار الحرب الناعمة..
ولكن الملاحظ أن التيار الذي تجري به هذه الرياح في الأغلب من فئة عمرية محددة (الشباب) ومن مستوى اجتماعي واقتصادي محدد (الطبقة المتوسطة ) ومن سواهم من فئة المبدعين والموهوبين … وفي اعتقادي ان معظم هولاء الشباب ضحايا للحرب الناعمة تحولوا بعدها الى ادوات واسلحة لها..
فكيف تم ذلك ؟؟؟!!!
كان المستوى التعليمي المتقدم غير الملتزم لأولياء امورهم بوابة الدخول وبالذات من حظيوا منهم بفرصة اكمال الدراسة في الخارج فأنسلخوا من قيم وعادات مجتمعهم المشكلة لثقافتهم الاجتماعية وملامح هويتهم
ثم صارت اللغات الاجنبية عنصرا مهم لاكمال اناقتهم الشخصية فكان الاندفاع لمعاهد اللغات الممولة والمرعية من السفارات والقائمة على اساس الاختلاط والتعليم التفاعلي ….
ومن هناك يتم الاستيعاب اولا ثم الفرز والتوزيع حسب الامكانات ومن ثم الاستقطاب والتجنيد …
يأتي بعدها دور الكافيهات والمولات واللقاءات التكميلية للانشطة الدراسية وعمل المجموعات وتشكيلاتها بالاضافة للاعدادات الدقيقة لحفلات التخرج التي تضمن مساحة ووقت اكبر للمزيد من التعارف والتآلف …
وهنا يتم التطعيم بالعناصر المجندة مسبقا في اطار المنظمات الداعمة للشباب!!!!
ولكن …!!!
ماهو الدور الرسمي الحكومي لحماية الشباب من الاستقطاب والتجنيد السلبي ؟!
كان بإمكان وزارة التعليم الفني والمهني ممارسة دور رقابي اكبر على معاهد اللغات والتعاون مع الاجهزة الامنية المختصة لمعرفة الممولين والادارة وتوجهاتهم ومنع التدريس المختلط والاشراف على الانشطة
وكان بامكان وزارة الشباب والرياضة وصندوقها تنظيم البرامج المناسبة لاحتواء طاقات وتوجهات الشباب والرعاية المناسبة لمبادراتهم ذات القيمة
وكان بإمكان وزارة الثقافة وصندوقها اعداد برنامج فعاليات ومسابقات لاحتواء وتشجيع المبدعين والموهوبين بدلا من تركهم فريسة للحاجة للرعاية وسقوطهم ضحايا في احضان المنظمات المعادية
وكان بإمكان امانة العاصمة عدم منح التراخيص للكافيهات المختلطة والرقابة على مايتم من فعاليات بداخلها ولقاءات وانشطة
وكان بإمكان الجميع ان يستوعبوا خطورة الوضع واهمية توجيهات السيد القائد وتحذيراته
فكل أدوات العدوان الداخلية قد احترقت ولم يتبق امامه سوى أولئك الشباب لاستغلالهم في مخططاته لضرب الجبهة الداخلية.
وأخيرا… كيف يمكن اخماد الرياح الباردة في مهدها؟! والاجابة عن هذا السؤال تقودنا إلى سؤال اهم هو : كيف نواجه الحرب الناعمة ؟؟!!!..
عندما ظن البعض انه يكفي لمواجهتها أن نعد برنامجا وثائقيا من عدة اجزاء عن الحرب الناعمة واعداد وطباعة ونشر وتوزيع كتيب عنها ايضا وحملات منشورات وكتابات عنها؟؟!!!
للاسف الشديد لم يكن ظنهم في محله وكل مافعلوه وقاموا به حتى الان ليس أكثر من فعالية افتتاحية لتدشين المواجهة واذا لم يعوا هذه الحقيقة ولم يكن لديهم مايقدموه بعدها فهم يعلنون هزيمتهم المبكرة !!
ولكن لماذا كل هذا الاستخفاف بما تم تقديمه وبذله؟؟ لماذا كل هذا التشاؤم ؟؟!!! الاجابة بسيطة جدا وبديهية ايضا وهي : أن الشباب طاقات وامكانات واحتياجات … واذا لم يتم تفريغها وتوجيهها والاستفادة منها في المكان الصحيح فليس بالامكان كبحها وتقييدها مطلقا ..
لذلك فالتوعية مهما بلغت درجة استنفارها لاتكفي وحدها ولن تفلح وحدها ايضا
لذلك وبالاضافة للتوعية لابد من أمرين اساسيين
الأول : توفير البدائل الايجابية
كمعاهد لغات غير مختلطة وبمستوى تعليمي قوي وكادر متمرس وذو خبرة ولايمنع استقطاب كوادر المعاهد المعروفة والمعتمدة لنقل الخبرة وضمان الجودة
وكالكافيهات الملتزمة المخصصة لكل جنس على حدة وبمستوى خدمة راقي ومتميز يلبي كل احتياجات الرواد الترفيهية المباحة مع تقديم نشاط ثقافي حواري متحضر ومثمر
وكإقامة المسابقات الثقافية والرياضية والفنية لتشجيع ودعم ورعاية الموهوبين والمبدعين وتوجيه تلك المواهب في خدمة القضايا الهامة والعامة
أما الأمر الثاني : تكثيف الرقابة ا
الرقابة الرسمية والأمنية
من خلال الاشراف الدائم والمصاحب لاعمال وانشطة المنظمات والمؤسسات الأجنبية ومراجعة سياساتها وتوجهاتها والتحري والتدقيق في الشركاء المنفذين المحليين والمشاريع التي سينفذونها
بالاضافة الى وضع الجهات المعنية الضوابط والمعايير اللازمة لعمل المعاهد ومنح التراخيص لها ومنع الاختلاط فيها وفي الكافيهات ومراجعة تراخيصها
واخيرا ايقاف الاجهزة الامنية لأي انشطة مشبوهة تمس بالأمن والسلم الاجتماعيين دون تردد
