الجديد برس – متابعات اخبارية
تشهد السعودية في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أسوأ أيامها من كل النواحي، فهناك معاناة خاصة لدى السعودية من طرف ترامب، ذلك الرئيس الأمريكي الوحيد الذي لم يراعِ خصوصية السعودية ولا يكتم سراً عندما يتعلق الامر بالتطاول على السعودية والسخرية منها، ويكشف على الملأ ما هو المراد منها دون أن يخشى شيئاً، فهو لا يزال حتى اللحظة يكرر في خطاباته تسويق فكرة أن السعودية وثرواتها لا يمكنها الاستمرار في الحكم لحظة واحدة، حيث جعل ترامب منذ خطاباته اثناء حملته الانتخابية السعودية الهدف القادم والمادة الدسمة لمرحلة حكمة واطلق عليها “البقرة الحلوب”، حيث بدأ ترامب سلسلة إهاناته للسعودية بتغريدات ثم تصريحات ثم لقاءات ومؤتمرات، حتى وصل بإهاناته للسعودية أمام قادة دول العالم في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة.
قاعدة “الدفع مقابل الحماية”
في سياق تنفيذ مشروعة “حلب البقرة الحلوب”، المرتكز على قاعدة “الدفع مقابل الحماية”، قال ترامب خلال لقاءة مع ولي العهد السعودي بن سلمان: “إن السعودية ستعطينا بعضاً من ثروتها”، وكرّر هذا الكلام في عدة مناسبات، حيث كشف خلال تجمّع انتخابي في ولاية فرجينا عن تفاصيل اتصاله بالملك السعودي، وأنه خاطبه: “أنا أحب السعودية وقد أجريت مع الملك سلمان هذه الصباح حديثا مطولا، وقلت له إنك تمتلك تريليونات من الدولارات، والله وحده يعلم ماذا سيحدث للمملكة في حالة تعرضت لهجوم”، ومضى ترامب يقول: “قلت له: أيها الملك ربما لن تكون قادرا على الاحتفاظ بطائراتك، لأن السعودية ستتعرض للهجوم، لكن معنا أنتم في أمان تام، لكننا لا نحصل في المقابل على ما يجب أن نحصل عليه”.
وكرر ترامب تحذيره للملك السعودي من أنه لن يبقى في السلطة “لأسبوعين” دون دعم الجيش الأمريكي، وطلب منه “مكافأة” على خدماته وذلك في كلمته أمام تجمع انتخابي في ولاية ميسيسبي.
إن اسلوب الابتزاز من قبل الرئيس الأمريكي على السعودية لن سيتوقف عند هذا الحد، ويمكن ان يتطور الى أساليب أكثر جراءة، فاذا كان حب ترامب للسعودية بهذه الطريقة التي تحمل طابع السخرية والتهديد، فكيف سيكون حالها عندما يكرهها؟.
والسؤال هنا: لماذا ظهرت السعودية بكل هذا الضعف والهوان أمام خطاب ترامب، ولماذا لا تستطيع السعودية أن تقول نفس الكلام لأمريكا كما قالته لـكندا؟!، لاسيّما وأن وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير أكد في سياق حديثه عن الأزمة مع كندا بأن السعودية ليست جمهورية من جمهوريات الموز، وهذا يشير الى أن الازمة مع كندا يأتي في إطار موافقة أمريكا على ذلك.
لقد أراد الرئيس الأمريكي من خلال إهاناته المتكررة للسعودية وملكها التأكيد بأن السعودية لا تساوي شيئاً من دون أمريكا، وأنها ستكون عاجزة عن حماية نفسها بدون دعم أمريكا، وذلك في إطار الدعاية الانتخابية لانتخابات مجلس الشيوخ، لكي يبرهن للجمهور الأمريكي بأن هذا الدولة الغنية بالنفط لا يستطيع الانفكاك عن الحضن الأمريكي.
تقوم واشنطن بجّر السعودية الى تبني ملفات تخدم مشروعها في المنطقة ومنها “الناتو العربي” و”بعبع إيران” و”العدوان على اليمن” بحيث تكون مجبورة على تنفيذ جميع مطالب واشنطن، بالإضافة الى تفعيل قانون “جاستا”، ومن ثم استخدام هذه الملفات كالشماعة للاستحواذ على أموال السعودية وضمها للخزانة الأمريكية، دون أن تحقق للسعودية حماية مستقلة، بل الى تدميرها بعد ان يجف ضرعها.
تدمير الاقتصاد السعودي
إن التساؤل المثير للدهشة هو: كيف يطالب ترامب السعودية بالدفع مقابل الحماية ويطالبها في نفس الوقت بتخفيض أسعار النفط لاسيّما اقتصادها يرتكز على عوائد النفط بدرجة رئيسة؟!.
إن الهدف النهائي لمشروع ترامب في حلب البقرة الحلوب يفضي الى تدمير الاقتصاد السعودي، وهذا ما نجده في مطالبته لها بخفض أسعار النفط، حيث قال في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: ” إننا ندافع عن العديد من هذه الدول مقابل لا شيء، وهي تستفيد من ذلك لفرض أسعار نفط مرتفعة، هذا أمر غير جيد، نريدها أن تتوقف عن رفع الأسعار… والبدء في خفضها…”، وهذا الأمر سيجعل السعودية في حيرة من أمرها عندما يجبرها ترامب على خفض سعر النفط، والذي سيدخلها في أزمة اقتصادية قد ينتج عنها حملة تقشف جديدة، يؤدي بها في نهاية المطاف الى الانهيار الاقتصادي.