المقالات

هذا هو المطلوب من السعودية في اليمن

الجديد برس : رأي

د. محمد صالح المسفر

بعد منتصف ليل السادس والعشرين من شهر آذار/مارس 2015م انطلقت العملية العسكرية الجوية باسم “عاصفة الحزم” في اليمن، الهدف من تلك العاصفة كما أُذيع  في حينه “استعادة  الشرعية  من سيطرة الحوثيين” على مقاليد السلطة والبلاد.

شارك في تلك العاصفة في بادئ الامر عشر دول عربية وإسلامية، بعد ثلاث سنوات من بدء هذه الحرب الشرسة لم يبق من دول التحالف في الميدان غير الإمارات والسودان بقيادة السعودية.

السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: هل استطاع ثنائيي الحرب السعودية والإمارات تحقيق الهدف الذي أُعلن عنه عند انطلاق “عمليات عاصفة الحزم”؟

الجواب بكل عفوية أنه لم تحقق تلك الحرب في اليمن أهدافها المعلنة، فلم تعد الشرعية إلى أرض اليمن وبقيت في منفاها في عاصمة الدولة السعودية الرياض، وحتى غير مسموح بعودتها إلى أرض اليمن في الأراضي المسماة “الأراضي المحررة من سطوة الحوثيين، ولا في تلك الأجزاء التي لم تصلها الحرب مثل محافظة المهرة وحضرموت وجزيرة سقطرى، بمعنى آخر لم تعد القيادة الشرعية إلى العاصمة صنعاء ولم تعد إلى أي جزء من اليمن شمالا كان أم جنوبا .

(2 )

يتضح من سير المعارك التي تقودها السعودية في اليمن جوا أن أهدافها تتغير، فبدلا من تحرير الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون راحت السعودية والإمارات توسعان نفوذهما في أراضي جنوب اليمن بعيدا عن ميدان المعركة الحقيقي في شمال اليمن أي الأرض التي يسيطر عليها “أنصار الله”، وراح “ثنائي الحرب” السعودية والإمارات” يتنافسان على اليمن المفيد مواقع الثروة المعدنية والغاز والبترول والسواحل والمنافذ البحرية على امتداد شواطئ اليمن سواء المطلة على البحر العربي أو البحر الأحمر، وكذلك السيطرة على الجزر اليمنية وفرض اتفاقيات ومعاهدات على السلطة الشرعية اليمنية “المستضعفة” المقيمة في الرياض بقيادة عبد ربه منصور هادي، تُخل تلك الاتفاقيات، وهي في غالبها “اتفاقيات إذعان”، بالسيادة اليمنية.

وقد حذر سكان المهرة على سبيل المثال الحكومة اليمنية من توقيع أي اتفاق أو معاهدة مع أي طرف خارجي في الظروف الراهنة وأنهم سيتصدون لأي قرار يصدر بهذا الصدد، والحال في سقطرى وحضرموت ليس أحسن حالا  من المهرة .

 

(3)

لكي تحقق الدولة السعودية بقيادة الملك سلمان آل سعود أمنها جنوبا فإن ذلك لن يتأتى بالحرب أو بمعاداة اليمنيين والنظر إليهم نظرة دونية، وعليها أن توقف الحرب الحالية وأن تسلم السلطة الشرعية بقيادة “عبد ربه منصور هادي” السلطة الفعلية وتعمل على تأمين انتقاله إلى عدن العاصمة اليمنية الثانية متمتعا بصلاحيات رئيس الدولة وليس صلاحية “القائم مقام”، بمعني حق السلطة الشرعية  في السيطرة على الموانئ والمطارات وجمع التحصيل المالي وعائدات الغاز والبترول ودعم العملة اليمنية وفسح المجال لليد العاملة اليمنية لتعمل في أراضي المملكة العربية السعودية .

إن تشكيل مليشيات تتبع القيادة السعودية في أماكن تواجدها، المهرة على سبيل المثال، أو حضرموت أو سقطرى لن تكون مجدية بل ستزيد من وتيرة العداء في اليمن ضد السعودية. إن أمن الدولة السعودية جنوبا يتحقق بقيام دولة يمنية واحدة موحدة، لا يمن مُجزَّأ تُبنَى إدارته على أسس قبلية مدعوم مشائخها من خارج حدود اليمن وبلا مشروع تنموي يقضي على براثن التخلف .

نتفق جميعنا بأن الرئيس عبد ربه منصور ليس رجل المرحلة، وكان الإتيان به ابتداء خطأ سياسيا كبيرا، وقد عبرنا في حينه عن الرأي فيه وقدراته السياسية والتنظيمية، أما وقد وقعت الكارثة في اليمن فيجب على الدولة السعودية تصحيح المسار وفي أسرع وقت ولا تترك فئران الخليج العربي تعبث بأرض اليمن .