المقالات

صفقة القرن ووعد بلفور

الجديد برس : رأي

عدنان قفلة

وعد بلفور

يصادف اليوم مرور مائة وواحد عام على إطلاق وعد بلفور والذي كان في يوم 2/11/1917م وبموجبه منحت بريطانيا ما لا تملك (فلسطين) لمن لا يستحق (اليهود) , هذا الاتفاق الذي كان على هامش اتفاقية سايكس بيكو الموقعة بصيغتها الأولى في عام 1916م والتي كانت بين بريطانيا وفرنسا لتقاسم البلاد العربية بين هاتين الدولتين الاستعماريتين .

وبموجب هذا الاتفاق ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم عانى الفلسطينيون والمجتمعات العربية القريبة من فلسطين سواءً في لبنان أو سوريا وغيرها صنوف من العذاب على أيدي الجماعات اليهودية وأنواع من الجرائم التي ارتكبت بحق الأرض والإنسان من القتل والتهجير وتغيير الهوية وانتهاك الحرية الدينية والتغيير الديموغرافي للأرض وغير ذلك , جعلت من القضية العربية الفلسطينية قضية مركزية لكل العرب والمسلمين كيف لا !! واليهود يحتلون أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين .

إلا أنه ومع انتهاء المدة الزمنية لاتفاقية سايكس بيكو والتي كانت لمدة (100 عام) بعد تعديلاتها النهائية والتي كانت في العام (1923م ) بدأ الحديث عن ما يعرف ب صفقة القرن والتي تعني صفقة (100 عام قادمة ) لأن القرن يعني (100 عام) والتي يجري تنفيذها على أرض الواقع من خلال الكثير من المشاريع الصغيرة على الأرض بطريقة تجزيئية حتى لا يشعر الوعي الجمعي العربي بمرور الصفقة وآثارها الكارثية على المستوى الاجتماعي والعقائدي الديني والاقتصادي والسياسي وحتى الفكري والثقافي , إلى مستوى أن الأرض التي يتم فوقها إنشاء السفارة الأمريكية مدة عقدها بين الطرفين المعتدين (99 عام بصيغة الإيجار وليس التمليك) بخلاف ما تعمل به أمريكا بسفاراتها في الدول العربية .

صفقة القرن

ويعتقد الكثير أن صفقة القرن سيتم إعلان بدء تنفيذها وماهية بنودها عبر وسائل الإعلام هكذا وبكل سذاجة !!! غير مدرك لما يجري على الأرض من تنفيذ فعلي لهذه الصفقة منذ أكثر من عام , فمن تنازل مصر عن جزيرتي ( تيران و صنافير ) وإنشاء مدينة ( نيوم ) على الحدود المشتركة الأردنية السعودية المصرية بمساحة عملاقة تزيد عن (25,000 كم مربع) إلى فصل الضفة الغربيةعن قطاع غزة مروراً بنقل السفارة الأمريكية لدى عاصمة الكيان الإسرائيلي من تل أبيب إلى القدس إلى احتلال شرقي الفرات ودخول القوات التركية والأمريكية إلى شمال وشرق سوريا , وصولاً إلى تمكين داعش على الحدود العراقية السورية وليس انتهاءً بالخلاف الكويتي السعودي على الحقول النفطية بينهما .

وكل ما ذكرته سابقاً كفيل بدرجة كبيرة في تغيير الخارطة السياسية والجغرافية للكثير من البلدان العربية على نحو مذهل وخطير بهدف تجزيئ المجزئ وتقطيع المقطع وما هي إلا خطوات أولية سيتلوها العديد من الخطوات على الأرض على الصعيد الطائفي والعرقي والمذهبي والعقائدي وحتى المناطقي والاجتماعي (القبلي).

يجري هذا الحراك الكبير بكل هدوء وانسيابية وقد تمكن العدو من شغل التفكير العربي وإشغاله بقضايا هامشية مصطنعة كقضية قتل خاشقجي وقضايا مصيرية مثل (العدوان الغاشم على اليمن ) والأزمة الخليجية وشغل المواطن العربي في لقمة عيشه من خلال الأزمات الاقتصادية التي تعصف بالعديد من الدول العربية .

ليس هذا فحسب , بل وإدخال الدول العربية البعيدة جغرافياً عن المسرح المستهدف في هذه المعمعة قصراً (بالإكراه) بهدف فقدان الشعوب العربية الأمل في القادة السياسيين الحكماء وحتى لا تستطيع كل دولة أن تنأى بنفسها عن الجريمة , حتى تلك الدول التي تقف على مسافة واحدة من الجميع , وهذه ثمرة طبيعية من ثمار الحياد الغير أخلاقي .

وبهذا يتمكن اليهود والإسرائيلي من تمرير الصفقة التي يخطط لها منذ أكثر من مائة عام وصولاً إلى ما يخطط له بعد تمرير هذه الصفقة وبعد مرور المائة العام القادمة من تنفيذ المرحلة الثالثة والأخيرة من إنشاء دولة الكيان الإسرائيلي من النيل إلى الفرات والتي أتوقع أن تكون قبل (عام 2110م ) إذا ما استمر العرب في العيش بلا مبالاة , يتزامن ذلك كله مع شن حرب ناعمة على كافة المستويات وفي مختلف المجالات وسيكون ذلك بمسمى مختلف مشابه لمسمى سايكس بيكو 100 عام و صفقة القرن 100 عام أخرى .

شن الحروب المختلفة على مختلف الوطن العربي

إن ما نلاحظه من حروب مختلفة عسكرية واقتصادية وإعلامية و نفسية وحروب ناعمة وغيرها على العالم العربي لحريٌّ بكل إنسان عربي أن يتنبه إلى تلك المخططات بإدراك كامل ووعي شامل وبصيرة عالية , فإشغال الإعلام العربي وتوجيهه من قبل صناع الإعلام في العالم وهم اليهود في حقيقة الأمر , وبقضايا صغيرة لا تتعدى قتل أحد عملاءها , في مقابل نسيان القضايا الجوهرية والأساسية والكبرى والتي يجري العمل على تنفيذها على قدم وساق ليعد كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى , وهذا ما يريده العدو الصهيوني اليهودي (أن لا يشعر المواطن العربي إلا بعد يقع الفأس في الرأس كما يقال وكما هي عادة

العربي البسيط السطحي) مع رسم صورة ذهنية في الوعي الجمعي أن الصفقة ستمر بدون أي رادع ولا ينفع معها أي مواجهة هذا بالتزامن مع عمل مجموعة من الصدمات للمتلقي العربي والتي تعمل على امتصاص غضب الشارع وتقلل من ردود الفعل المضادة مع عقد مجموعة من اللقاءات بضغط أو بدون ضغط وكذا مجموعة من الزيارات لغرض امتصاص الصدمة الأولى , وإلغاء عنصر المفاجئة لكي يفقد الإنسان العربي ومن ثم المسلم – بطبيعة الحال – يفقد الأمل على من يعتبرهم سيكونون حامين للأمة كما هو مرسوم في ذهنية الكثير من السطحيين , ومن ثم يعتقد الناس بعدم وجود أي مجال للمواجهة مع العدو لغرض منع الصفقة لعدم وجود القادة السياسيين المؤمل فيهم ذلك.

ومع وجود الأمل الكبير للأمة بوجود قادة حكماء وشجعان على كافة الأصعدة وهو ما يدرك العدو اليهودي حجم خطورتهم عليه أكثر من غيره كحركات المقاومة والجهاد ضد الاحتلال الاسرائيلي على رأس تلك المكونات حركة أنصار الله وقائدها العظيم السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله وكذا سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يحفظه الله إلا أن الموطن العربي من المحيط إلى الخليج يجب أن يعرف أن عواقب الخذلان والهزيمة النفسية التي يتعرض لها لن تجعله آمناً من تبعات هذه الصفقات وما يحاك خلفها من مؤامرات .

الظريف في المسألة أن العدو استطاع أن يسمها صفقة وليس معاهدة !! أتدرون لماذا ؟

لأن من هو على رأس تنفيذها هو رئيس دولة بعقلية تاجر ينفذها لمستفيد واحد هم اليهود وبقية الشركاء مجرد عملاء بل هم أضل ؟ أي لا يوجد طرفين في المعادلة .