الجديد برس : رأي
حمير العزكي
لماذا يسعى الناس إلى السلطة؟ ولماذا تحتدم الصراعات وتنشب النزاعات والحروب عليها؟! لأن السلطة الوسيلة المثلى للوصول إلى النفوذ! والذي من خلاله يمكن تحقيق كل الاهداف التي يسعى اليها الانسان فردا او جماعة، بغض النظر عن طبيعة تلك الأهداف ومشروعيتها وقيميتها واخلاقياتها، لذلك فالنفوذ غاية والسلطة الوسيلة والنافذون بمختلف نواياهم و توجهاتهم هم المتحكمون بإيقاع المشهد العام
هناك الأوجه الأخرى للنفوذ كنفوذ المال ونفوذ الدين والنفوذ الاجتماعي والسياسي والثقافي ولكنها كلها مجتمعه لاتعدو كونها وجها اخرا لنفوذ السلطة الذي يستطيع وحده توسيع او تحجيم دوائر اثرها وتأثيرها، وهذا ما يرتب على من يحصل على هذا النفوذ السلطوي مسؤولية كبيرة تجعله تحت مجهر المحب والمبغض على السواء، ليبحث المحب عن اتفه الحسنات لمدحها ويبحث المبغض عن اتفه الزلات لنقدها والقدح فيه.
ولما كان الاستبدال للأمم والشعوب والجماعات وحتى الأفراد سنة الهية ثابتة لا مناص ولامفر منها وكذلك الوعد الرباني بالتمكين للمستضعفين كان ايضا الامر الالهي المحكم لمن يتمكن ( يمتلك النفوذ) بعد الاستضعاف بالتذكر المستمر لحال ووضعية الاستضعاف التي عاشها، لماذا؟! كي لا يمارس ماكان يرفضه ولايقع فيما كان يحذر منه ولا يأت ماكان ينهى عنه، فقال عز من قائل (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
عندما يستخدم النفوذ بلا وعي يُفضي إلى كوارث فظيعة مكتظة بالمظالم و متخمة بالمفاسد فيطغى استخدامه لتعزيز الجاه الشخصي او جمع الثروات الطائلة دون اكتراث بحقوق الآخرين وحرماتهم ولاحتى حدود الله، ولا يعني الزهد عن المال وهذا نادر جدا البراءة من ذنب النفوذ الطاغي المتسلط، والدليل ماذكره الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه حين قال (وجدنا في التاريخ من ظهروا بمظهر المتقشفين الزهاد من أجل أن يصلوا إلى السلطة. إن هناك من يحب السلطة فتبدوا لديه ألذ من كل مطائب العيش، ألذ من كل ملذات الدنيا كله) وحديثه بعد ذلك عن علي بن الفضل كنموذج على ذلك.
سيظل النفوذ اللاواعي معضلة كل المستضعفين الذين مكن لهم الله في الارض و في حدود ذلك التمكين الجغرافية والثقافية، فالنفوذ اللا منضبط والبعيد الارتباط بالمنهج الروحي المعنوي واللامتقيد بالأنظمة والقوانين المستمد منها قوته ومشروعية بقائه أسوأ بكثير من الطغيان وأقبح الاف المرات من الاستبداد وأشد ضررا على الامم المتحررة من اعدائها لأنه يدمرها من الداخل بتشويه مشاريعها النهضويه ويبيد الثقة التي تحتاجها للوصول إلى غاياتها السامية… والله المستعان.