الأخبار المحلية

القضية الجنوبية ليست مجرد صنماً يعبد ويسجد له الكثير من أبناء الجنوب..!

القضية الجنوبية ليست مجرد صنماً يعبد ويسجد له الكثير من أبناء الجنوب..!

الجديد برس

قضية الجنوب ليست مجرد صنماً يعبد , ويسجد له الكثير من أبناء الجنوب بغير وعي , كما هو حاصل الآن ويروّج له في بعض الأوساط , ولا يمكن بأي حال من الأحوال استبدال ما يسمونه (احتلال) باحتلال آخر مثلما هو حاصل اليوم , ولا يخفى على أحد , ان قضية الجنوب قد تحولت إلى كلمة حق يُراد بها باطل , و صارت مطية للمستغلين والمنتفعين وتجار النضال , و لدينوصورات الجنوب (التاريخية) في الخارج , ووكلاؤهم في الداخل , ومجرد وسيلة للابتزاز السياسي , و شعارات جوفاء فارغة , وقطعاً من القماش يرفعها الأطفال على أعمدة النور , و فعاليات مناسبية موسمية فقط , وحسب الطلب , فيما يطلقون عليها ب (المليونيات) , وبعد أن تشظت مكونات الحراك , كلاً يتبع جهة ما خارجية أو داخلية , وصارت تتصارع فيما بينها منذ الآن , فما بالك بعد تحقق ما يدعونه هم بحلم (استعادة الدولة ) , والأهم في كل ذلك هو غياب المشروع السياسي الواضح , لا أحد منهم يمتلك أي رؤية مستقبلية لشكل ذلك الجنوب القادم , كلهم يقولون : ( بعدين بعد الاستقلال با يقع خير ) , فهل هذا منطق معقول لأناس يدعون أنهم متحضرون ومنظمون ورجال دولة , ولا يتفقون فيما بينهم حتى على أصغر التفاصيل , ولا شيء يجمعهم سوى وهم كبير اسمه (هوية الجنوب) , كذبة كبرى هذه الهوية , ولا تقام الدول أصلاً على هذا المقوّم الواهي , فالعرب هوية واحدة ويعيشون في 22 دولة فاشلة , والأكراد هوية واحدة ويعيشون في أربع دوّل ,وامم كثيرة أخرى , هذا ان سلمنا جدلاً بوجود هذه الهوية المزعومة , وإلا في واقع الحال فأن هذه الهوية غير موجودة لا في ثقافة الجنوب ولا في تاريخه ولا حتى في الجغرافيا الطبيعية والبشرية فيه , لا شيء سوى كيان سياسي هجين انشأته بريطانيا في آخر سنوات احتلالها للجنوب ,للحفاظ على مصالحها في هذه البقعة من العالم , ثم بعد رحيل بريطانيا واستقلال الجنوب , ورثت ذلك الكيان جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية , التي استمرت 23 سنة , ثم تلاشى ذلك الكيان السياسي وذاب نهائيا في 22 مايو 1990 , أنتهى سياسيا وقانونيا وإدارياً , ولو كان كيان أصيل لما تلاشى بهذه السرعة القياسية , و أدهى ما في الأمر ان (قيادات) تلك الفصائل تدغدغ مشاعر جماهير العوام و الأطفال , اللذين طحنهم الواقع المرير المعاش والظالم بشعارات وهمية ليس لها وجود إلا في أذهانهم , حتى تحركهم كما تشاء وتستغل معاناتهم وعدالة قضيتهم , نعم بعضها كانت موجودة ولكنها قد انتهت ولن تعود , لن تعود مطلقاً لأن مقوماتها الأساسية قد ماتت واندثرت , فمثالية الاشتراكية التي ما زالت تحن اليها , وتحلم بعودتها الطبقة الكادحة التي ارهقتها الوحدة , قد أصبحت جزء من الماضي و في ذمة التاريخ ,لأنها قد ماتت في عقر دارها , و كثير من المتغيرات الدولية الكثيرة قد حصلت خلال الربع قرن الأخير ,وما زال هؤلاء متقوقعين على انفسهم ويحلمون , وتعالوا نحسبها من ناحية أخرى بالمرة , لماذا نريد ان ننفصل عن اليمن ؟ هل لأن الشمال متخلف كما ندعي ؟؟ إذا كان كذلك فنحن صرنا اليوم أشد تخلفاً منهم بمراحل , أنظر إلى كافة جوانب الحياة , المرأة مثلاً , تعيش اليوم في الشمال في أوضاع تعتبر متقدمة (مقارنة بنا طبعاً فقط) , وكذلك هو الحال في السياسة والادارة والخدمات وحتى في مستوى تفكير رجل الشارع البسيط . أم نريد ذلك لأن الشمال قبلي وهمجي ؟؟ فيكفيك حينها ان تلقي نظرة على واقع الجنوب الآن , فقد عدنا مأتيين سنة للوراء , وصارت القبيلة تتدخل في كل تفاصيل حياتنا , حتى التعينات الإدارية تتم وفق مراعاة هذا المكوّن الاجتماعي الذي يتدخل في كل شيء , مع التركيز على ان حتى دور القبيلة ليس مقنن ووفق معايير معينة واعراف متعارف عليها كما في الشمال , فعندنا كما هو دائماً الحال , كل شيء نفعله غلط ومقلّد ,حتى الأشياء السلبية للأسف نفعلها بغباء . ام هل نحاربهم لأنهم مناطقيين كما نزعم ؟؟ لقد أصبحت المناطقية عندهم مجرد نزهة مقارنة بما هو في واقعنا في الجنوب اليوم , كل شيء يتم وفق هذا المعيار المقيت والمتخلف والبغيض , حتى أن مؤسسات أمنية وعسكرية كاملة تُبنى وتُؤسس من الصفر , ثم تُدرب وتسلح على أساس مناطقي , وهذا يُنذر بكارثة كبرى قادمة لا محالة , ثم لا يخفى حتى على عين المراقب العادي , ما يتم الآن من تعبئة وحشد مناطقي جلي جداً , حتى أن عدن قد قسمت إلى مربعات نفوذ مختلفة بين مناطق بعينها تقليدية معروفة , وكل شيء معد جيداً للانقضاض على السلطة والاستحواذ عليها , لصالح منطقة او جماعة دون أخرى , وذلك عند مجيء اليوم الموعود , فالصراع مؤجل فقط إلى موعد قادم ,لأنهم يقاتلون حالياً (عدو) واحد مشترك ,ولأن الأوامر لم تصدر اليهم بعد . ام نريد الانفصال لأننا قد سئمنا من فساد الشمال المستفحل ؟؟ لقد أصبح كبار عتاولة المفسدين في الشمال مجرد تلاميذ مقارنة بمسئولي وناشطي الجنوب , اما امراء الحرب ومقاولو (المقاومة) وتجار النضال , فقد طفحت فضائهم , وازكم فسادهم الأنوف , فتأمل فقط كيف تدار مؤسسات الدولة في الجنوب خلال السنتين الأخيرتين , أي بعد بدء الحرب , و لاحظ كيف يتم التعامل مع موارد الدولة المالية , وكيف يكون التصرف مع المساعدات و معونات الإغاثة القادمة من الخارج إلى عدن على وجه الخصوص , لتصدمك الوقائع المريرة , نعم كان الفساد موجود ومستشر جداً من قبل الحرب , ولكن ما يجري الآن لا يقارن بشيء من ذلك , فقد فاق كل الحدود والضوابط . هل نريد ان ننفصل عن الشمال لاستعادة دولتنا المدنية العلمانية السابقة ؟؟ أنظر فقط بلمحة واحدة إلى مجتمعنا الحالي في الجنوب , الدواعش يتغلغلون في كل مفاصل الدولة والمجتمع , و في جميع المؤسسات الحكومية والمجتمعية الأخرى , حتى تلك الأمنية والعسكرية الخطيرة منها ,والقاعدة موجودة وتزدهر في الأرجاء , بل ان امارات اسلامية كاملة قد قامت على مساحات جغرافية شاسعة من الجنوب , في حضرموت وأبيّن وغيرهما , والجميع يعرف ذلك جيداً , ناهيك عن الحشد والتعبئة والتحريض الطائفي الموجود والمزدهر في الجنوب وعلى كل منبر , وذلك ضد باقي الطوائف والفرق الأخرى ان في الجنوب او في الشمال على حد سوى , ولا يعترف هذا الفكر بالمخالف كيفما كان نوعه ,كما انه عابر للحدود كما هو معروف , ولا ننسى كذلك حزب الإصلاح (الإخواني) ومليشياته المسلحة , ومختلف الجماعات الراديكالية المختلفة , التي يعج بها الجنوب , وتسرح وتمرح كيفما تشاء بتواطئ بل وبدعم صريح من دول الاحتلال , ومن سلطة الاحتلال المحلية القائمة في محافظاته المختلفة , والمسماة جزافاً ب (الشرعية) وهذا أيضاً مشروع صراع اسلامي – اسلامي رهيب قادم بين هذه الجماعات , المختلفة من حيث الفكر والأهداف , بينما لا تجد أياً من كل ذلك في الشمال . أم نريد الانفصال لأننا نرغب في استعادة سيادتنا وقرارنا كما كنا قبل الوحدة ؟؟ وليس مثلما يفعل الشمال (الانتهازي) المرتهن للامبريالية العالمية والصهيونية , والمرتمي في أحضان الرجعية العربية العميلة كما كنا نقول زمان ؟؟ صحوا النوم و تخلصوا من فصامكم المستفحل , وتأملوا المشهد السياسي كما هو في الواقع , وليس كما كان قبل ربع قرن , الشمال اليوم وبكل مكوناته , بما فيها بل وفي صدارتها تلك القبيلة (المتخلفة) , هو من يقاتل الغزاة الجدد اليوم , ويتصدى لمشاريع الهيمنة العالمية , ومراكز النفوذ الإقليمية ,و يقارع كل القوى الظلامية المتكالبة معها , بينما نحن (الأحرار) السابقون لسنا سوى أدوات لعينة لمشاريع السعودية الفاشلة في اليمن ,ومغامراتها المتهوّرة وغير المحسوبة , فنحن من فتحنا الجنوب , كل الجنوب أمام الاحتلال السعودي الإماراتي , ومنذ اليوم الأول للحرب , ليس ليستبيح الجنوب فحسب , بل والشمال أيضاً ,وكل الوطن , وارتضينا ان نكون مجرد مسامير صدئة لعينة تدور في دولاب السعودية كيفما دار , وبدون أي ثمن يذكر , أدوات رخيصة تستخدمنا المملكة بوعي او بدون وعي منا , بل و حتى حشدنا ابناءنا فلذات اكبادنا و دفعنا بهم إلى الجبهات للقتال في صفها , فأصبحنا رأس حرباء العدوان لطعن أخوتنا في الشمال , شركائنا في الوطن و الجغرافيا والتاريخ المشترك , وتطوعنا للقتال ضد أخوة الوطن في مختلف جبهات القتال الداخلية كمرتزقة أجراء , بل وحتى ذهبنا للقتال في الخارج , وتحديداً للدفاع عن حدود السعودية الجنوبية (نجران وجيزان .. الخ) , ولكون ذراعها المستأجرة الوسخة لتمكينها من غزو واحتلال شمال وطنا مثلما قد احتلت جنوبه , وصرنا وبكامل ارادتنا واقعون تحت احتلال بغيض كامل من قبل السعودية والإمارات , ولم يقدموا لنا نظير ذلك أي شيء يُذكر , نظير خدماتنا المجانية الكبيرة والمتعددة لها , بل حتى ان من واجبها تجاه البلد الذي المحتل , ان تتحمل مسئولية ادارة شئون الناس المختلفة , كما تنص القوانين الدولية المعروفة في مثل هذه الحالات , فالخدمات في الجنوب وبعد سنتين من عدوان السعودية الغاشم والمفتوح على الشعب اليمني , واحتلاله لجنوبه العزيز , في أدنى مستوياتها , وربما تتفوّق عليها كثير منها مناطق الشمال المنكوب , وغياب كامل للدولة , وتعدد مخيف للسلطات , ونشوء أشكال وانماط جديدة منها , والأوضاع المعيشية مأساوية للغاية , في حين تفتك الأمراض والأوبئة المتفشية بالسكان في كل مكان , وحتى مرتبات موظفينا وجنودنا المرتزقة ما زالت تأتي من الشمال الواقع تحت النار والحصار , و الأخطر من كل هذا نمو وتشكل مشاريع سياسية مختلفة في الساحة الجنوبية , متضادة و متناقضة فيما بينها , مما يهدد بتمزق وتشطي الوطن , وغرقه لا سمح الله في الصراعات الدامية والطويلة في المستقبل . اما من المسئول عن وصول الجنوب لهذا الوضع المتردي الشامل , فهذا موضوع طويل آخر تماماً ولا نناقشه هنا . ويظل السؤال نفسه قائماً , لماذا نريد ان ننفصل عن الشمال ؟؟ وبما نتميّز عنه ؟؟ لا شيء في الواقع سوى أوهام , و اطروحات ساذجة ليس لها أي أساس , و حتى أخلاقياً وهذا أعز ما تملك الأمم والأقوام , سقطنا سقوطاً أخلاقيا مزرياً , سوى كان ذلك بوقوفنا مع الغازي المحتل والقتال معه في جميع جبهاته العسكرية والاقتصادية والسياسية والاعلامية .. الخ , بل وحتى ينبري بعضنا للدفاع عنه كلما أقتضت الحاجة , او ارتكب جريمة حرب او مجزرة جديدة , حيث نحاول ان نبرر له افعاله الشنيعة , وتدميره المتعمد والحاقد لكل بنانا التحتية , كالمدارس والمستشفيات , والمواقع الأثرية والمعالم التاريخية والملاعب والطرق والجسور وصالات الأعراس … الخ , وكأن ذلك لا يعنينا بشيء , ولا تحرك فينا أي نخوة تلك المناظر البشعة للدماء التي تسيل كل يوم في كل أجزاء اليمن ومدنه وأريافه المختلفة , ولا القتل اليومي الحاصل بسبب العدوان وبالجملة , ولا مشاهد الدمار الرهيب في البيوت والمنشئات والشوارع , بل العكس , كثير منا يفرحون للأسف الشديد بذلك , او ذلك السقوط الأخلاقي المعنوي الآخر , كزرع وبث الشعور بالكراهية لكل ما هو منتمي للشمال , في شتى مناحي الحياة , حتى في الفنون والآداب , و أعني هنا ما يتم بصورة ممنهجة ومنظمة , وليس مجرد تصرفات فردية رعناء , حيث يتم ذلك بقصد وعن سابق تخطيط و تمويل , وتألف فيه القصائد والشعارات والأناشيد , بطريقة مخزية للغاية , ولا يقتصر الأمر على الجوانب المعنوية فقط بل ويتعداه للأفعال التعسفية ايضاً , فقد درج رعاع الجنوب على التنكيل بالعمال والباعة وأصحاب المهن الأخرى الشمالين المقيمين في الجنوب , بشكل فردي أحياناً , وجماعي في أغلب الأحيان , ويندرج ما قام به محافظ عدن المعيّن من سلطة الاحتلال من أعمال اعتقال , وتنكيل وترحيل جماعي لمئات من العمالة الشمالية في عدن , وبحجج واهية , وهي عدم امتلاكهم للبطائق الشخصية , يندرج ذلك تحت هذا العنوان البغيض , بينما يعيش مئات الألوف من الجنوبيين في صنعاء وباقي مدن الشمال , ومن مختلف الشرائح الاجتماعية , معززين مكرمين ومحترمين , ويشاركون في شتى نواحي الحياة هناك بشكل طبيعي جداً , ليس اليوم فقط ,بل ومن ما قبل الحرب بكثير , سوى كان بعد الوحدة في 1990 او ما قبل الوحدة , وخصوصاً اولئك المتضررون من الحكم الشمولي في الجنوب , او اولئك الهاربون من بطش السلطة بعد حصول كل صراع من الصراعات السياسية الدموية الرهيبة التي كانت مألوفة وشائعة في الجنوب قبل الوحدة , أو مجرد مهاجرون عاديون , او حتى أولئك الجنوبيون الموجودون هناك منذ ما قبل قبل الوحدة وعبر العصور , والعكس كان إلى قريب جداً صحيح ايضاً في الجنوب , فأي سقوط اخلاقي مخز كهذا السقوط ؟؟ . فهل نريد فعلاً ان نفصل ليحكمنا هؤلاء الرعاع المجرمون الجهلة والعملاء بل الموظفون لدى الجارة اللدودة ؟ فعن أي مشروع جنوب تتكلمون ؟ أنستبدل شراكة غير عادلة في الوطن , بتبعية وعبودية كاملة لدولة عدوة والجميع يعرف حجم وتاريخ عداوتها لكل اليمن , والتي لا تمتلك هي الأخرى أي مشروع سياسيي معين في المنطقة , سوى التمدد والالحاق , والاستخدام المذل والمهين لحلفائها ممن تخلوا عن شعوبهم وتنكروا لأحلامها وتطلعاتها , و باعوا انفسهم لها . ختاماً فمن نافلة القول ,ان عدالة القضية الجنوبية مسألة واضحة وجلية وغير قابلة للنقاش , حتى من خصومها أنفسهم , ولابد من الاعتراف ان انانية وانتهازية الشمال ومنذ اليوم الأول للوحدة وحتى اندلاع هذه الحرب الملعونة , ومركزيته الشديدة والمتعمدة , وفساده الذي تجاوز كل الحدود , و توليته مسئولين شماليين , او حتى من ابناء الجنوب أنفسهم , كمحافظين وقادة و مسئولين فاسدين على المحافظات الجنوبية عموماً , قد تسبب في تكوين موقف سلبي من الوحدة , لدى أغلبية الجنوبيين , هذا أمر محسوم , و لا يمكن بأي حال من الأحوال انكار او جحد ما تعرض له الجنوبيين من تهميش واذلال واستغلال دنئ , وفي كل المجالات بدون استثناء , من قبل المركز الظالم والفاسد في صنعاء , و رغم فهمنا ان الفساد والظلم يعم كل اليمن من اقصاه الى اقصاه , ولكن عندما يتعلق الأمر بالجنوبيين تصبح المسألة حساسة أكثر وذات دلالة , فهم يعتبرون انفسهم (وهم بالفعل كذلك) , انهم قد جاءوا للوحدة طوعاً وتخلوا عن دولة كانت منظمة ونظامية جداً مقارنة بالشمال , جاءوا كشركاء حقيقيون وانداد في الدولة الجديدة (الجمهورية اليمنية) , فتم الالتفاف عليهم , و خداعهم ثم اقصائهم شيئاً فشيئاً بحكم انهم كانوا الشريك الأضعف , هذا شيء مفهوم جداً ومقدر , ولكن الشمال في واقع الأمر ليس هو سلطة علي عبدالله صالح السابقة فقط , ولا هو مراكز القوى القبلية الجاهلة الكريهة , ولا هو عسكر فاسدون او موظفون لصوص , او مشايخ منافقون دجالون فجرة , ولا تجار جشعون اوغاد , ولا كل باقي الأنماط المجتمعية الأخرى القبيحة , الشمال هو وطن وشعب كامل ,هو جغرافيا وتاريخ طويل مشترك , هو أخوة لنا في الوطن , لا يوجد أي مبرر سياسي او ديني او أخلاقي او وطني او حتى انساني يبرر ما يتعرضون له من ظلم وعدوان وحصار وتجويع , وتدمير كامل , وبشاعة لا توصف , وتمزيق وطن لازلنا نحن شركاء فيه , على الأقل حتى الآن , في حين تظل قضية الجنوب العادلة قائمة , واستحقاقاته مهما ارتفع سقفها , اوكيفما كان شكل ونوع خياراته الأخرى , كل هذا شيء مكفول وحق محترم , ولكن الاختلاف السياسي شيء , والخيانة الكاملة الاشراط الموجودة الآن على أرض الجنوب شيئاً آخر !! آخر سطر , حتى لو سلمنا جدلاً واخترنا الانفصال الكامل عن الشمال , فببراغماتية شديدة أقول ان هذا سيكون كارثياً جداً وبكل معنى الكلمة على الجنوب , للأسباب أعلاه , ولأسباب كثيرة استراتيجية أخرى أعمق وأشمل من التناول البسيط في هذه العجالة , خصوصاً في الأوضاع الراهنة على الساحة الجنوبية , فالوضع اليوم غير ما كان عليه في 1967 عند استقلال اماراته ومشيخاته المختلفة عن بريطانيا , كان حينها بسيطاً ومرتباً أكثر , اما اليوم فالزمان غير الزمان , والظروف غير الظروف , فوضى عارمة تجتاح الجنوب حالياً , والفراغ هو المسيطر على المشهد , وحتى هذا الفراغ المسيطر ذاته يتصارع ويتنازع مع الخواء الشامل في محيطه , ولا توجد أبسط المقومات الاساسية لقيام كيانه السياسي من جديد ,و تنعدم بالتالي حظوظ وجوده , وذلك الجنوب الذي كان قائم قبل الوحدة في مايو 1990 , جميلاً كان ام سيئاً , قد مات وانتهى وانقضت ايامه , ولن يعود مجدداً بنفس هيئته ,لأنه ببساطة ما عاد له وجود في الواقع , و لا احد حتى يدعي او يزعم من زعاماته انه يستطيع ان يضمن عودته مثلما كان . (انتهى)

عدنان باوزير