الجديد برس : رأي
اسماعيل المحاقري
ما أشبه السودان في هذه المرحلة بدول ما سمي الربيع العربي كتونس وليبيا مصر واليمن، وما أحوج الرئيس عمر البشير في ظل الاحتجاجات المناهضة له المطالبة بإسقاطه لحشد جماهيري أيا كان حجمه ليكرر معزوفة من سبقوه متفوقا عليهم برصيد كبير من الارتهان للمال الخليجي. تشابه المطالب وسياسة القمع والإضطهاد قد تضع السودان المنكوب بالحروب والأزمات والمذبوح بديكتاتورية البشير على خطى دول أدرك حكامها بعد فوات الآوان ما تريده شعوبهم من أبسط مقومات الحياة وما تكابده وتعانيه من جور وقهر وظلم وضياع على مدى عقود من الزمن.
عقود تذكر بعدها البشير أن رعيته لا يحيون حياة كريمة وخرج متجاوزا كل الأعراف ليقدم وعودا بتحسين الأوضاع الاقتصادية وانفاذ عدد من المشاريع التنموية. وفي حضرة البشير ليس بجديد تلبسه بلباس الورع والتدين فتاريخه يقول إن الرجل يجيد ذلك، لكنه في الوقت ذاته يجيد صناعة القتل والتدمير التي شارك فيها ضد اليمن كسبا للمال وإرضاء لأمريكا.
وحين تضيع البوصلة يطلق على من يشارك في قتل الطفولة في اليمن بالحر والمجاهد والمدافع عن الدين وأرض الحرمين ويصبح الثائر في وجه الظلم المطالب بحق العيش الكريم في الخرطوم وغيرها من المدن السودانية خائنا عميلا مارقا يستغل ضائقة الناس المعيشية إلى السعي نحو التخريب. وهذا ديدن كل حكام العرب وآخر تقليعات وتنظيرات سايس الخليج عمر البشير لدى مخاطبته حشد من مناصرية بولاية الجزيرة ، مبررا الأزمة والضائقة المالية في بلاده تارة بالحصار وتارة أخرى بتمسكه بالدين، والدين منه براء.
لا بالقمح ولا بالدولار يقول البشير إنه لن يفرط بعزته ودينه، والحق يقال ألا كرامة ولا حرية يتحلى بها شخص باع كل قيمه ومبادئه وأرخص جيشه في معارك لا ناقة لهم فيها ولا جمل. والأنكى والأغرب أن ثمة ما يشير إلى خروج الرئيس السوداني من الحلف السعودي خالي الوفاض ودون حتى إزاحة اسمه من قائمة المطلوبين لمحكمة الجنايات الدولية. يقول التاريخ إن من ارتهنوا لخيارات واشنطن سرعان ما تتركهم في أقرب مفترق.. فالغضب متصاعد في الداخل وعيون مفتحة من قبل الخارج، فهل حانت لحظة استبدال البشير؟ أم حانت لحظة الشعب في السودان؟
- نقلا عن رأي اليوم