الجديد برس
تغطية: أمة الرحمن العفوري، ثريا طاهر
قصص ومواقف بالغة القسوة ترويها زوجات وأمهات المخفيين قسرا والمختطفين في عدن، وتسردها ممزوجة بالدموع على مسمع عدد من الشخصيات الحقوقية في جلسة استماع لأهالي المختطفين والمخفيين قسرا نظمتها صباح اليوم في عدن مؤسسة دفاع للحقوق والحريات.
زوجة لأحد المعتقلين تعسفيا في أحد أقسام الشرطة في عدن، تحول زوجها إلى مخفي قسرا، تقول إن زوجها كان يعمل على دراجة نارية، وتعرض للاختطاف ولم تكن تعلم أين هو، وبالصدفة رأت دراجته النارية مع شخص يعمل عليها، اندفعت نحوه لتسأله، وفوجئت به يخبرها أنه اشتراها من أحد الضباط في أحد أقسام الشرطة بمديرية “الشيخ عثمان”، وكانت هذه المعلومة الدليل الذي أوصلها إلى زوجها “أحمد سعيد زين” الذي تمكنت من زيارته ولقائه..
تسترسل في وصف حالته وآثار التعذيب التي وجدتها عليها في السجن، ويقطع البكاء حديثها، وتتعرض لحالة انهيار في القاعة قبل أن تعود لتواصل حديثها عن زوجها الذي أصبح بعد ذلك مخفيا قسرا، وعن معاناتها في البحث عنه والعمل من أجل الوفاء بمتطلبات حياتها وأسرتها.
في القاعة، تؤكد المحامية هدى الصراري رئيسة مؤسسة دفاع، وجود العشرات من السجون الرسمية والأخرى غير الرسمية في عدن، وتعبر في كلمة افتتاح الجلسة عن أسفها لتعامل الأمن في عدن الذي لا يتعامل بمصطلح قانوني مع بعض الإجراءات التي شابها التقصير وشابها أيضاً بعض الانتهاكات كمسألة القبض والمداهمة حسب تعبيرها. وتؤكد أن هناك منظمات توقفت عن العمل في هذا المجال نتيجة الضغط والتهديدات الذي تلاقيه.
وتتحدث عن الألم من حدوث هذه الاعتقالات غير القانونية وحالات الإخفاء القسري في مناطق محررة توجد فيها مؤسسات دولة رسمية، وتتواجد فيها مؤسسات حقوق الإنسان والنيابة والقضاء، موجهة انتقادها لوجود جهات أمنية وضبطية تتخاذل عن مسؤليتها في التصريح والكشف عن مصير بعض المخفيين حسب قولها. مطالبة الجهات الضبطية والمؤسسات الرسمية بالكشف عن المخفيين قسر وإحالة المعتقلين تعسفاً إلى القضاء والتحقيق في قضاياهم.
وتتحدث إحدى أمهات المخفيين عن محاولاتها التي باءت بالفشل للوصول لطرف خيط يوصلها إلى ابنها، تقول إنها عصرت على شخص ينتمي لإحدى الجهات الأمنية كشف لها عن مكان ابنها، ووعدها بإيصالها إليه، لتفاجأ بعد أيام بتعرض هذا الشخص للاغتيال قبل أن يبدأ معها خطوة باتجاه ابنها المخفي. تتابع حديثها بألم وحسرة، وتحمّل رئيس الجمهورية وإدارة أمن عدن مسؤولية ما تعرض ويتعرض له ابنها.
تتواصل جلسة الاستماع لأمهات وزوجات وأطفال المخفيين لما يعانونه جراء غياب من المعتقلين تعسفيا والمخفيين قسرا، والصعوبات التي يلاقونها خلال البحث عنهم، والعيش بعيدا عنهم، لتقول “أم البراء” من جانبها: “ما نتعرض له هو الإرهاب بعينه، ابني طالب سنة رابعة تم إخفاؤه قبل حفل تخرجه بأيام وقتلوا الفرحة التي كنا ننتظرها جميعاً بحفل تخرجه، فنحن كأمهات نموت في اليوم ألف مرة.. لا أحد يستطيع الإحساس بما نعانيه إلا من يتذوقه.. طرقنا كل الأبواب للبحث عن أبنائنا لكن للأسف لم يستجب لنا أحد”.
واستعرضت زوجة التربوي والناشط الإنساني “زكريا قاسم” معاناة أسرتها في البحث عن زوجها، وطريقة اعتقاله غير القانونية من قبل إدارة أمن عدن في السابع والعشرين من يناير من العام الفائت، ومن ثم إخفاؤه قسرا، وأنها وأسرته لم يعرفوا عنه شيئا حتى اللحظة سوى معلومات متداولة بأنه قد توفي تحت التعذيب.
ومن جهتها، توجهت “رندا فهد” ممثلة رابطة أمهات المختطفين في عدن بالشكر لمنظمي الجلسة، وكل المساندين لأمهات المختطفين والمخفيين قسراً. مؤكدة أهمية مثل هذه الفعاليات لمناصرة ومساندة قضايا المخفيين والمختطفين والانتهاكات التي يتعرضون لها.