الجديد برس : متابعات
على عكس المملكة العربية السعودية، التي تم انتقادها بشدة بسبب اغتيال “جمال خاشقجي”، وضرباتها ضد المدنيين في اليمن، نجا حليف الولايات المتحدة الرئيسي الآخر في الخليج العربي، الإمارات العربية المتحدة، من الانتقادات إلى حد كبير، لكن قد يكون هذا على وشك أن يتغير.
وترتكز النسخة المثالية للعلاقة بين الولايات المتحدة والإمارات على تاريخ من التعاون العسكري والاستخباراتي، يتضمن القتال جنبا إلى جنب في أفغانستان وسوريا، والصراعات الأخرى. وقد وصف وزير الدفاع السابق “جيمس ماتيس”، الإمارات بـ”إسبرطة الصغيرة”، اعترافا بقدراتها العسكرية. وقد عمل “ماتيس” كمستشار لجيش الإمارات قبل توليه مهام منصبه في البنتاغون.
وإلى جانب تعاونها العسكري والاستخباراتي مع الولايات المتحدة، استثمرت الإمارات مبالغ كبيرة في تلميع صورتها كدولة خليجية صالحة، أكثر تسامحا وأكثر حداثة، وأكثر تطلعا من الحكومات الأخرى في المنطقة. ولقد قامت بعمل ممتاز من وجهة نظرها الخاصة، ولكن صورتها المصنوعة بعناية تخفي مجموعة واسعة من الأنشطة التي تتعارض مع المصالح الأمنية الأمريكية طويلة المدى.
أولا وقبل كل شيء، يتعارض دور الإمارات كشريك للسعودية في حربها الوحشية في اليمن بشكل مباشر مع مصالح السلام والاستقرار في الشرق الأوسط. وقد أثار التدخل السعودي الإماراتي معاناة هائلة، وفتح المجال لنمو “القاعدة في شبه الجزيرة العربية”، وشوه صورة الولايات المتحدة، التي دعمت السعودية والإمارات بالأسلحة والتدريب والدعم اللوجستي. ويوثق تقرير جديد من مركز السياسة الدولية أكثر من 27 مليار دولار من مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى الإمارات على مدى العقد الماضي، بالإضافة إلى تدريب 5 آلاف جندي إماراتي. وقد تم استخدام جزء كبير من هذا التدريب في الحرب السعودية الإماراتية في اليمن، حيث تعتبر الإمارات القوة البرية الرئيسية، وتعمل مع الميليشيات المحلية التي تمولها، كما تزودها بالأسلحة والتدريب.
وتشير التقارير الأخيرة، التي نشرتها “سي إن إن” ومنظمة العفو الدولية، إلى أن الإمارات “قامت بتهور” بنقل الذخائر الأمريكية والمدرعات والصواريخ المضادة للدبابات والبنادق إلى الميليشيات الموالية لها داخل اليمن. كما وصل جزء من هذه الأسلحة إلى أيدي الجماعات المتطرفة داخل اليمن، وتسرب بعضها إلى الائتلاف الحوثي الذي يقاتل حلفاء الولايات المتحدة هناك، وإلى المقاتلين من تنظيم “القاعدة في شبه الجزيرة العربية”. وتنتهك مشاركة الأسلحة الأمريكية مع مجموعات خاصة القانون الأمريكي. وينبغي على الكونغرس ووزارة الخارجية إجراء تحقيقات فورية في عمليات النقل هذه، وإيقاف بيع الأسلحة إلى الإمارات إذا تبين أنها خرقت القانون فعلا.
وهناك أيضا ادعاءات حول أعمال تعذيب بشعة ارتكبتها الإمارات وحلفاؤها في اليمن، يعود تاريخها إلى عام 2017. ويعتقد أن هذه الممارسات لا تزال مستمرة، وفي بعض الحالات ربما كان أفراد القوات الأمريكية حاضرين خلال جلسات التعذيب. وحتى الآن، كان تحقيق البنتاغون في هذه الاتهامات مجرد روتين في أحسن الأحوال.
ووظفت الإمارات أيضا خبراء استخباراتيين أمريكيين لمساعدتها على تطوير القدرات السيبرانية، الدفاعية والهجومية، الأمر الذي منحها القدرة على مراقبة ليس فقط مواطنيها، ولكن أيضا الصحفيين والنقاد الآخرين المقيمين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وهذا تصرف غير مقبول من بلد يزعم أنه حليف للولايات المتحدة.
ولا بد أن تدفع الإمارات ثمن الإجراءات التي تتعارض مع مصالح الولايات المتحدة وإساءتها لحقوق الإنسان الأساسية. وهناك جهود جارية في مجلسي الكونغرس لإنهاء الدعم العسكري الأمريكي للتحالف السعودي الإماراتي في اليمن، بموجب قرار سلطات الحرب. وكانت نسخة مجلس النواب من القرار قد تم تمريرها قبل أسبوعين، بأغلبية 248 صوتا مقابل 177 صوتا، وستظهر نسخة مجلس الشيوخ برعاية “بيرني ساندرز”، و”مايك لي”، و”كريس مورفي” للتصويت قريبا. وقد ينتهي الأمر إلى إنهاء عمليات نقل الأسلحة الأمريكية إلى السعودية والإمارات بسبب تصرفاتهم في اليمن، بما في ذلك التوقف التام عن بيع القنابل من النوع الذي تم استخدامه في الحرب حتى الآن.
ويجب على الولايات المتحدة حجب الأسلحة والتدريب والدعم العسكري لدولة الإمارات، إلى أن تدعم وقف إطلاق النار في اليمن، وتتفاوض بحسن نية من أجل التوصل إلى تسوية سلمية لذلك النزاع، وأن تورد تقارير عن الانتهاكات التي ترتكبها قواتها وأولئك الذين قامت بتسليحهم وتمويلهم وتدريبهم. وهذا ليس وقت العمل كالمعتاد في إطار التحالف الأمريكي الإماراتي.