المقالات

سجون الحوثي

سجون الحوثي

الجديد برس : رأي

عبدالحفيظ معجب

يُعرف علماء النفس الاجتماعي الصورة النمطية بأنها تعميم الفكرة على نحو واسع، تجاه مجموعة من الأشخاص أو سلوك معين. بعض هذه الصور النمطية يمكن أن يكون بها قدر من الصحة، والبعض الآخر يمكن أن يكون خاطئاً. وتهدف الصورة النمطية إلى حصر مجموعة كبيرة من السلوك والأشخاص في إطار واحد وتعميم صفات بعينها وربطها بهم. ويأتي مصدر الصور النمطية من التحيز والتمييز ضد فئة بعينها، وغالبًا ما يترتب عليها حرمان هذه الفئة من صلاحيات وحقوق تحظى بها المجموعة الأخرى. وبعيداً عن الفلسفة والتنظير أختصر لكم حكاية الصورة النمطية، وهي رسم صورة سيئة للسلطة “الحالية” في صنعاء وتعميمها على كل مؤسسات الدولة والمجاهدين لتحقيق مكاسب لصالح دول العدوان التي تخوض الحرب ضد اليمنيين منذ ما يزيد عن أربعة أعوام.
كثيرة هي الجهات والأفراد الذين تم تنميطهم منذ بداية العدوان على اليمن، وذلك باستخدام “ماكينة” إعلامية ضخمة وأبواق وطوابير متعددة ومليارات من الدولارات، وفي المقابل لم يبذل الكثير من “المنمطين” أي جهد لتوضيح الحقائق وإزالة الصورة “السيئة” التي بلا شك لها الكثير من الأضرار داخلياً وخارجياً.
لا يكاد يمر يوم واحد لا نسمع فيه عن “سجون الحوثي” والاعتقالات التعسفية وخطف المواطنين والصحفيين وتعذيبهم حتى الموت… ومع تكرار ما نسمعه ونقرؤه بدأنا نصدق تلك الروايات ونرددها على النحو الذي أراده لنا الرسام والمصور، لاسيما وأن المساعد الأساسي لخلق الرأي العام …
حول ذلك هم أولئك المتهاونون بعملهم والمقصرون بواجباتهم إما “بخسة ونذالة” وموت ضمير، أو خدمة للعدوان بشكل مباشر، والجميع يعرف أن أغلب العاملين في أجهزة الضبط القضائي والنيابات والمحاكم من بقايا النظام البائد ورموز فتنة “ديسمبر” اللعينة.
وعلى سبيل المثال لا الحصر يقوم أحد “أغبياء” أجهزة الأمن بإلقاء القبض على صحفي أو ناشط أو حتى مواطن عادي على خلفية مقال رأي أو خبر صحفي أو حتى أحياناً بسبب منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، وهات يا إدانات وبيانات تنديد ومراسلات مع المنظمات الدولية لإدانة هذا التعسف والتضييق المتعمد لما تبقى من هامش للصحافة في البلاد. وبعدها بيومين ثلاثة تقوم الأجهزة الأمنية المخلصة والوفية بإلقاء القبض على خلية إرهابية تعمل مع دول العدوان ومن بين أعضاء الخلية صحفيون أو ناشطون، وقد الصورة المرسومة في الأذهان المحلية والدولية والإقليمية أن الأمن يلاحق الصحفيين، وما عد أحد يصدق أن هؤلاء متورطون فعلاً بجرائم يعاقب عليها القانون.
أضف إلى ما سبق أن النيابات والمحاكم، والتي يتقاضى أغلب العاملين فيها رواتبهم من دول العدوان، تكدس قضايا المواطنين في الأدراج والآلاف يقضون أعمارهن داخل السجون ظلماً وعدواناً، والصورة النمطية جاهزة: “الحوثيون” يعتقلون الناس ولا يفرجون عنهم.
هذه الصورة النمطية حولت الدولة بكل مؤسساتها ورجالها إلى كلمة واحدة: “الحوثيين”! صحيح أن أنصار الله هم جزء من السلطة القائمة، ولكن مؤسسات الدولة وكادرها الوظيفي لم يتغير منذ عشرات السنين، يعني إذا كان الوزير أو نائبه من حصة أنصار الله في إطار الشراكة القائمة فهذا لا يعني أن كل العاملين في الوزارة هم أنصار الله، ولا يعني ان من يرتكب التجاوزات أو المخالفات هم أنصار الله، لأن القوة البشرية والكادر الحقيقي للأنصار موجود في الجبهات وليس في المؤسسات.