الجديد برس : راي
عبدالمجيد التركي
الانفتاح الذي تدعيه السعودية، بزعامة محمد بن سلمان، سيضرها أكثر مما ينفعها، وسينطبق عليها المثل القائل: “إذا أعطيتَ الأحمق سكيناً فقد قتلتَه”.
حين تسجن شعباً وتكمِّم فمه وتصادر حريته وتمنعه من كل شيء، لا يجب عليك أن تفتح له الباب على مصراعيه دفعة واحدة، لأنه يحتاج أن يتدرَّج في مفهوم الحرية وفي مفهوم حقوق الإنسان التي حُرم منها طويلاً، فهذا الشعب يشبه سجيناً في قبو أخرجوه إلى الشمس بعد سنوات من الظلام فأصابه العمى.
قبل يومين صدر قرار سعودي بعدم ملاحقة المفطرين في رمضان، احتراماً لحقوق الإنسان، وهذا شيء جيد وصحي، بدلاً من ملاحقة الناس بالهراوات وملاحقتهم إلى دكاكينهم وفي الشوارع وجرِّهم إلى الصلاة تحت تهديد هراوات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الشيء السيئ والقبيح ظهور عايض القرني يعتذر للناس عن التشديد الصادر عنه والأخطاء التي خالفت الكتاب والسنة… بمعنى أن رحلته في سوق الوعظ وكل ما قاله وأفتى به كان مخالفاً للكتاب والسنة ما دام بن سلمان قد اتخذ نهجاً جديداً! يا لهذا الرجل القبيح الذي يدور دون بوصلة سوى بوصلة الحاكم التي يتوجه معها كيفما توجهت!!
فقهاء السلطة ووعاظ السلاطين يغيرون وجوههم باستمرار حسب مزاج الحاكم. وكلنا يتذكر كيف كان هؤلاء متشددين في ما يخص قيادة المرأة السعودية للسيارة…
حتى أنهم تحولوا إلى أطباء نساء وولادة وقالوا إن قيادة المرأة للسيارة تؤثر على المبايض، بعد أن قالوا إن قيادتها عار وحرام وتفتح باباً للرذيلة. وحين تم السماح بقيادة المرأة تحولت فتاواهم إلى النقيض، وهلَّلوا وكبَّروا وامتدحوا رؤية بن سلمان الثاقبة في السماح للنساء بقيادة السيارة، رغم أن قيادة المرأة السعودية لسيارتها أفضل من بقائها مع السائق الباكستاني أو الهندي، وتغلق كل نوافذ الرذيلة التي فتحها فقهاء بلاط بن سلمان.
هناك فتوى مخزية وتافهة أصدرها الشيخ محمد العريفي بخصوص عدم جواز بقاء الأب مع ابنته إلا في حضور أمها، وعدم معانقة الأب لابنته خشية أن يشتهيها والعياذ بالله، كما قال هذا الشيخ الشاذ، الذي يعتقد أن كل الآباء ينظرون إلى بناتهم كنظرته هو! ومحال أن تأتي هذه الفتوى من فراغ! فهل سيعتذر هذا الشاذ عن فتاواه المشبوهة إن قال الحاكم خلاف هذه الفتاوى؟!
بإمكان أي شخص أن يدخل موقع “يوتيوب” ويكتب: “أغرب الفتاوى”، وسيجد فتاوى سعودية يخجل منها الشيطان نفسه، وسيجد أيضاً فتاوى لا يمكن تصنيف أصحابها إلا أنهم يعيشون خارج العصر وخارج العقل والمنطق.
الانفتاح مضرٌّ لمثل هؤلاء الذين يحتاجون سنوات طويلة من الترويض والتمهيد لدمجهم في القرن الحادي والعشرين، وإقناعهم بضرورة التخلي عن شرب بول الإبل أولاً، واحترام إنسانيتهم التي يلوثونها بهذا البول.