الجديد برس: متابعات
قال الصحفي العربي عبدالباري عطوان إنه من غير المستبعد “أن تكون الوجهة القادمة للصواريخ الحوثيّة هي ميناء إيلات أو “أم الرشراش” الفِلسطيني المُحتل، فمن يملك صواريخ مُجنّحة تُصيب أهدافها بدقّةٍ في الرياض والدمام، لن يتردد عن قصف هذا الميناء “الإسرائيلي” وبث الرّعب في نُفوس المُستوطنين الإسرائيليين”.
وأكد عطوان في مقال على صحيفته “رأي اليوم” أن حركة “أنصار الله” الحوثيّة والتحالف الذي تقوده أصبح هو صاحب اليد العُليا في هذه الأزمة، وبات يُملي وقائعها على الأرض، وانتقلت السعوديّة من موقع المُهاجم إلى موقع المُدافع، وإذا كانت لم تنجح في الهُجوم الذي ارتد عليها سلبيًّا، وهزّ صورتها في العالم بعد اتّهامها بجرائم حرب، فإنها لن تنجح في الدفاع بعد تنامي قوّة الخصم الحوثي، وتطوير قُدراته الهُجوميّة، ووصول صواريخه إلى الدمام، وشلّ حركة الملاحة الجويّة في ثلاثة مطارات رئيسيّة سعوديّة في الجنوب (جازان، نجران، أبها).
وأضاف عطوان:أن تصِل الصواريخ الحوثيّة إلى مدينة الدمام، مقر شركة “أرامكو” المركز الأساسي لعَصب الصناعة النفطيّة السعوديّة، فهذا يعني أن هذه الصناعة التي تُشكّل الرّكن الأساسي والأهم للاقتصاد السعوديّ، باتت غير آمنة، وأنّ سبعة ملايين برميل من النّفط هي مجموع الصادرات السعوديّة الآن، باتت مُهدّدةً فِعلًا.
وأشار إلى أن “القِيادة الإماراتيّة تُدرك هذه الحقائق، بل وما هو أخطر منها، ولهذا قرّرت الانسحاب من الحرب اليمنيّة والتحالف السعودي أيضًا، وإذا كانت قد “جاهَرت” بالأولى، وتكتّمت عن الثانية، فإنّ هذا التصرّف هو من قبيل مُحاولة إبقاء شعرة معاوية مع الشّريك السعودي، ولكنّها مجرّد شعرة معاوية، وقد تنقطع في الأيّام القَليلة المُقبلة، في ظِل الغضب السعوديّ المُتفاقم تُجاه هذه الخطوات الإماراتيّة المُفاجئة والصّادمة معًا”
وأكد أن “الحوثيون الذين كانوا يوصفون من قبل خُصومهم بالتخلّف، وسكّان الكُهوف في صعدة، أثبتوا دهاءً سياسيًّا غير مسبوق، عندما تجنّبوا أيّ هُجوم على الإمارات وركّزوا كل هجَمات صواريخهم وطائِراتهم المُسيّرة والمُلغّمة على العُمق السعودي، ونجَح هذا الدّهاء، اتّفقنا معهم أو اختلفنا، في إحداث الشّرخ بين الحليفين الإماراتيّ والسعوديّ وتوسيعه بحيثُ بات يستعصِي على الالتِئام”
وأردف: كلمة على درجةٍ كبيرةٍ من الأهميّة وردّت في خطاب النصيحة للسيّد الحوثي إلى الإماراتيين تُلخّص الأسباب الحقيقيّة للمُراجعات الإماراتيّة الحاليّة في حرب اليمن، وهي “نصيحتي للإمارات أن تستبدل كلمة الانسحاب بإعادة الانتشار لقوّاتها، وأن يكون هذا الانسحاب جديًّا وصادقًا، لأنّ هذا يصُب في مصلحتها على المُستوى الاقتصادي وكُل المُستويات الأخرى”.
المستوى “الاقتصادي” يعني أن الانسحاب الجدّي سيحمي الاقتصاد الإماراتي من الصواريخ الحوثيّة، وعلينا أن نتصوّر هُبوط هذه الصّواريخ على ناطِحات السّحاب والمطارات في دبي وأبو ظبي، والنّتائج الكارثيّة التي ستترتّب على ذلك من بينها هُروب الاستثمارات والمُستثمرين ورؤوس أموالهم.
وعدد عبدالباري عطوان ستة أسباب قال أنها هي أسباب قوة الحوثيين التي غابت عن ذهن خصومهم وهي مايلي:
الأوّل: أنّهم يملكون القُدرة على اتّخاذ قرار الرّد دون أيّ تردّد.
الثاني: أنّهم يُدافعون عن أرضهم وكرامتهم وعرضهم.
الثالث: أنّهم غير مدعومين من العرب ودول نفطهم فلم يدعم هؤلاء أيّ دولة أو حركة إلا وكانت الهزيمة مصيرها المَحتوم.
الرابع: الوقوف في خندق فِلسطين ومحور المُقاومة للهيمنة الأمريكيّة الإسرائيليّة في وقتٍ انحرف فيه الكثيرون من العرب نحو التّطبيع والاحتماء بالعدو.
الخامس: الإدارة الذكيّة للأزمة اليمنيّة، واتّباع سياسة النّفس الطويل، وكظْم الغيظ، واختيار بنك للأهداف بعناية يضُم أكثر من 400 هدف لم يضربوا إلا أقل من عشرة منه حتى الآن.
السادس: عدم الكذب، وترك الأفعال هي التي تتحدّث نيابةً عنهم.
وختم عبدالباري عطوان مقاله بالقول: نختِم هذه المقالة بنبوءةٍ ربّما تكون مفاجأةً للكثيرين وموضوع استهجانهم، وهي أننا لا نستبعِد أن تكون الوجهة القادمة للصواريخ الحوثيّة هي ميناء إيلات أو “أم الرشراش” الفِلسطيني المُحتل، فمن يملك صواريخ مُجنّحة تُصيب أهدافها بدقّةٍ في الرياض والدمام، لن يتردد عن قصف هذا الميناء “الإسرائيلي” وبث الرّعب في نُفوس المُستوطنين الإسرائيليين.
ربّما يُجادل البعض بالقول إنّ الجيش الإسرائيلي سيرُد بقصف صنعاء وصعدة ومُدن أخرى، وهذا غير مُستبعد، ولكن هذا القَصف سيُعطي نتائج عكسيّة، علاوةً عن كونه لن يُحقّق أيّ جديد، فطيران التحالف السعودي الإماراتي الذي قصف اليمن طِوال السنوات الخمس الماضية لم يُبقِ أهدافًا جديدةً يُمكن قصفها، ولم تنجح في تركيع اليمنيين.
القصف الحوثي للعُمق الفِلسطيني المُحتل، والرّد الإسرائيليّ عليه، سيُحوّل الحوثيين إلى أبطالٍ يتزعّمون قوّةً إقليميّةً كُبرى، يلتَف حولها مِئات الملايين من العرب والمُسلمين.
هل ستتحقّق هذه النّبوءة، ومتى؟ نترُك الإجابة للأسابيع والأشهُر المُقبلة.. والأيّام بيننا.