الجديد برس : رأي
كمال خلف
مشهد استعراضي وكأنه مسرحية من النوع الهابط، كان المؤتمر الصحفي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وقف ترامب أمام الجمهور المحتفل بإنجاز لم ينجز إلا على الورق، ليعلن عن “صفقة” بين طرفين الأول هو من وضعها وفق شروطه ورغباته وكان حاضراً، والثاني لم يسمع بها إلا عبر تسريبات الصحف وكان غائباً ورافضاً بالمطلق لها. ولكن ترامب والرهط ممن معه أعلنوا أنها “صفقة” ممتازة.
وكأي ممثل كاوبوي من النوع الرديء في الأفلام الأمريكية، شاهد العالم ترامب يتحدث ويلوي جسده بين الفينة والأخرى، موزعاً غمزات من عينه على الحضور بشكل مكرر ومبتذل يميناً وشمالاً، ويؤدي حركات الكاوبوي عندما يهزم خصمه ويتحدث عن ميزاته وبراعته بمبالغة بعد منازلة سهلة.
يتوقف عن الكلام في الموضوع ليبتسم ويهز برأسه بعجرفة ويوزع التهاني. وزاد المشهد سخرية وسماجة، الحضور الذي كان يصفق بعد كل جملة كأنهم في حفل الانتصار، وأن الأمور تمت وانتهى كل شيء، ولم يبق سوى التهاني والتصفيق ودموع الفرح.
عتاة قادة المستوطنات المتطرفون يصفقون بحماس ويفركون أكفهم فرحا، فقد حصلوا على أرض الرب في “يهودا والسامرة”. هذا ما قاله بنيامين نتنياهو في خطابه بوضوح. مهندسو الصفقة من أعضاء إدارة ترامب الصهاينة يصفقون لما اعتقدوا أنه الدور الذي كلفهم به الرب خدمة لشعب إسرائيل، وفائض القوة بعد تمزيق العالم العربي وتجويع شعوبه وحصار دوله.
وثلاثة سفراء عرب ومسلمين صفقوا على طلب ترامب منهم الاعتذار لإسرائيل عن حرب 48 التي هزمتهم فيها العصابات الصهيونية وقتلت خيرة شبابهم العربي وأخذت منهم جزءا من أرض عربية عزيزة، صفق الثلاثي العربي المسلم لمنح ترامب مقدساتهم لإسرائيل، وأعطاهم بالمقابل غمزة سمجة عن بعد ليتقاسموها.
الوحيد الذي نال التكريم في هذا الاحتفال بصفقة لم تتم بعد ولن تتم، هو الجنرال قاسم سليماني. فعندما يربط كل من نتنياهو وترامب اغتيال الجنرال سليماني بـ”صفقة القرن”، وعندما يذكران اغتيال سليماني كإنجاز عظيم في خدمة إسرائيل وأطماعها في فلسطين والمنطقة، فهذا يعني أن الرجلين قدما لقاسم سليماني وسام تكريم من الدرجة الرفيعة. كل الشعوب العربية والمسلمة التي كان مستفزة من مشهد إعلان سرقة الحق الفلسطيني والعربي ومقدسات المسلمين والمسيحيين في القدس، سمعت بآذانها كيف يحتفي اللصوص بقتل من كان عقبة في طريق عملية السطو، وعلى كل من فرح من أبناء جلدتنا بمقتل سليماني أن يعيد حساباته جيدا، فلا يمكن أن تتلاقى مصلحة الأمة مع مصالح إسرائيل. ولا يمكن أن تصفق الضحية لما صفق له القاتل في لحظة الجريمة الموصوفة.
* كاتب وإعلامي فلسطيني.