الجديد برس : رأي
فضل جحاف
ليست المرة الاولى التي يعلن فيها التحالف العربي بقيادة السعودية عن ايقاف العمليات العسكرية في اليمن او يدعو الي هدنة وتعليق العمليات العسكرية..استجابة ودعم لمبادرات قدمتها الامم المتحدة ولكن اعلان التحالف العربي هذة المرة يختلف عن المرات السابقة وان كانت دوافع اعلان التحالف العربي وقف العمليات العسكرية في اليمن هي ذاتها..
الا ان توقيت اعلان التحالف العربي بقيادة السعودية وقف العمليات العسكرية في اليمن لدعم مبادرة الامم المتحدة لوقف اطلاق النار كما افادت وكالة( رويترز ) جاءبعدان شهدت السبعة ايام الماضية التي سبقت الاعلان تصعيدا عسكري كبير من قبل مقاتلات دول التحالف التي شنت اكثر من ثلاثمائة غارة على عدد من المحافظات اليمنية من ضمنها العاصمة صنعاء وعلى إثرها رد المتحدث الرسمي لقوات صنعاء العميد يحي سريع الذي وصف الغارات المكثفة بالتصعيد الخطير للعدوان الذي لن يمر دون رد مناسب ..وعلي مايبدو ان اعلان وقف العمليات العسكرية من قبل التحالف العربي بقيادة السعودية من حيث المضمون لا يقدم الكثير مما يمكن اعتباره جديدا الا أن اهمية الاعلان تكمن في توقيته المرتبط بالمستجدات في الوقائع الميدانية وتطوراتها في محافظة مأرب التي شهدت ايامها الاخيرة انتصارات عسكرية كبيرة حققتها قوات الجيش واللجان الشعبية في سياق معارك تحرير المحافظة التي تكمن اهمية حسمها في تخطيها البعد العسكري نظرا لتداعياتها المتوقعه اقتصاديا علي الشرعية التي ادخلت ملف النفط في آتون الصراع واستخدمته كورقة سياسية استراتيجية اعتمدت عليها كثيرا في الضغط على حكومة الانقاذ في صنعاء…ومن المؤكد ان حسم الجيش واللجان الشعبية معركة مأرب وتحرير المحافظة وانهاء سيطرة مرتزقة الاصلاح على حقول النفط سيفقد الشرعية ومرتزقة الاصلاح أحد اهم نقاط القوة للتأثير والنفوذ في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم حيث كانت تغطي عائدات النفط اكثر من ٩٠٪ من نفقات حكومة المرتزقة المنعوته دوليا بالشرعية بالاضافة ان سيطرتهم علي حقول النفط في مأرب مكنت الشرعية من التحكم في كميات النفط واسعاره داخل اليمن واحتكار توزيعه في المناطق التي تحت سيطرتهم فقط وهو ما ادي الى مضاعفة معاناة الشعب اليمن وحرمانه من الانتفاع بالمشتقات النفطية ومن توليد الطاقة الكهربائية بواسطة الغاز وكذلك من عائدات النفط المالية في صرف مرتبات موظفي الدولة….ولاشك ان حسم الجيش واللجان الشعبية لمعركة مأرب وتحريرها سيفرض واقعا جديدا وتغيرات في الخارطة العسكرية والسياسية لحرب الخمسة اعوام في اليمن واهدافها اذ لم يعد السيطرة على العاصمة صنعاء واسقاط( الانقلاب الحوثي ) هدفا رئيسيا للتحالف العربي كما كان عشية العدوان على اليمن بعد انتقال المعارك الى مشارف محافظةمأرب التي بات التحالف العربي بقيادة السعودية يخشى سقوطها بيد الجيش واللجان الشعبية في هذا الوقت اكثر من اي وقت مضى لاعتبارات استراتيجية امريكية صرفة اهمها ان تحرير محافظة مأرب يعني كسر مرحلي لمشروع التقسيم الامريكي لليمن الى سته اقاليم سياسية ادرجت محافظة مأرب ضمن اقليم سباء الي جانب محافظتي البيضاء والجوف بحيث تكون مدينة مأرب عاصمة الاقليم وقد جعل هذا التقسيم من مدينة مأرب منافساً سياسيا للعاصمة صنعاء نظرا لقربها منهاوتفردها بخصائص تأريخية واقتصادية واحتلالها مكانة استراتيجية متعددة الابعاد السياسية والعسكرية والاقتصادية شكلت في مجملها دوافع دفعت بالولايات المتحدة الامريكية الي تحويلها حاضنة سياسية وعسكريةواقتصادية واجتماعية لمؤيدي المشروع الامريكي الرامي لتقسيم اليمن الي سته اقاليم سياسية تشكل فيه مأرب مع المحافظات الجنوبية والشرقية مصفوفة جغرافية وسكانية داعمة لمشروع التقسيم وعلينا ان ندرك أن ابعاد الاستراتيجية الامريكية من اختيار محافظات مأرب والبيضاء والجوف ضمن اقليم واحد وفق المشروع الامريكي لتقسيم اليمن الي ستة اقاليم سياسية ترمي الى استخدام مأرب كمحطة اساسية ونقطة ارتكاز لفرض مشروعها في اليمن بالقوة العسكرية التي تشكل فيها قوات التحالف العربي ومرتزقة الشرعية و التنظيمات التكفيرية في اقليم سباء والمحافظات الجنوبية الركيزة الاساسية في تنفيذ المشروع الامريكي..في اليمن…ونستطيع القول ان التأثيرات المنتظرة لمعركة مأرب بدأت بالظهور على ارض الواقع قبل حسمها وتجاوزت حدود اليمن .وبدأت الخشية السعودية تظهر بشكل واضح من سقوط محافظة مأرب بايدي الجيش واللجان الشعبية فتحرير محافظة مأرب يعني للنظام السعودي سقوط كل مايليها كأحجار الدمينو ولذلك لم يكن التصعيد الاخيرالذي نفذته مقاتلات التحالف العربي مفاجئا في نوعه وتوقيته لقوات الجيش واللجان الشعبية والسيناريو المعد كان انجاز عملية عسكرية واسعة لخلط الاوراق في صنعاء وخلق قاعدة مساومات تكون للسعودية القوة فيها لتدارك سقوط اداوتها في مأرب ومع فشل التصعيد العسكري الكبير اضطر الكيان السعودي مجبرا على الاعلان عن مبادرة وقف العمليات العسكرية في اليمن للحيلولة دون سقوط مأرب وايقاف تقدم الجيش واللجان الشعبية المتسارعة نحو محافظة مأرب من اكثر جهة و للخروج من المأزق السياسي والعسكري الذي تواجهه السعودية و الشرعية في اخر معاقلها السياسية في محافظة مأرب التي تضاعفت اهميتها السياسية بالنسبة للشرعية عقب سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم اماراتيا علي مدينة عدن وسقوط محافظة مأرب يعني سقوط الشرعية في الشمال والجنوب وسقوط المشروع الامريكي لتقسيم اليمن الي ستة اقاليم….ومن زواية اخرى اراد الكيان السعودي من اعلان وقف العمليات العسكرية في اليمن من جانب واحد في هذا التوقيت اظهار التحالف العربي في صورة المنتصر الذي يطرح مبادرات السلام من موضع قوة خاصة ان اعلان وقف العمليات العسكرية في اليمن جاء في اعقاب التصعيد الكبير من قبل مقاتلات التحالف العربي التي شنت اكثر من ثلاثمائة غارة علي عدة محافظات ومن المؤكد ان السعودية تضع في حساباتها ان رد صنعاء علي تصعيد التحالف لن يتأخرولذلك فإن المبادرة المعلنة من قبل التحالف العربي بقيادة السعودية والتي ربطت باطار زمني لمدة اسبوعين قابله للتجديد من شأنها التأثير على رغبة صنعاء القيام بعمليات عسكرية ضد الكيان السعودي ردا على التصعيد الاخير وليست استجابة لمبادرة الامم المتحدة.التي دعت اطراف الصراع ..وقف ..العمليات العسكرية في اليمن لمواجهة جائحة كورونا حيث كشفت مستجدات الجبهات الميدانية في الايام التي تلت اعلان التحالف العربي بقيادة السعودية وقف العمليات العسكرية في اليمن ودخولها حيز التنفيذ استمرار التحالف في التصعيد العسكري في اكثر من محافظة يمنية..وفي المحور المقابل اعلنت صنعاء في ذات السياق رفضها للمبادرة السعودية وقدمت وثيقة للامم المتحدة تتضمن خطة لانهاء الحرب في اليمن بشكل كامل….وفي النتيجة وبصرف النظر عن دوافع قيادة التحالف العربي في الاعلان عن وقف العمليات العسكرية في اليمن في هذا التوقيت فإن الكيان السعودي يدرك ان التحولات الميدانية وانتقال المعارك الي مشارف محافظة مأرب التي باتت قوات الجيش واللجان الشعبية تطوقها من اكثر جهة ستكون لها تأثيراتها على اي مبادرات او تسويات للحل السياسي. وسوف .تتعاطي صنعاء معها وفق شروطها التي لن تكون بعد تحرير محافظة مأرب كما كانت قبل فمدخلات الميدان هي مخرجات السياسية..