الجديد برس : رأي
عيسى المساوى
أعلن العميد سريع انتهاء عملية “فأمكن منهم” عقب السيطرة الكاملة على معسكر اللبنات الذي يعد مفتاح مأرب وآخر معقل للمرتزقة في الجوف، محذرا من خيارات استراتيجية ستجعل العدو يندم على تصعيده.
في تفاصيل التصريح وبين سطوره نصائح وتهديدات ورسائل مبطنة تنطلق من موثوقية عالية باستعادة مأرب، فيا مرتزقة مأرب قد فرض عليكم التسليم كما فرض على الذين من قبلكم، فالأجدى والأنفع لكم ان توفروا على انفسكم خسارة ترسانة السلاح وآلاف القتلى والجرحى وتدخروا قوتكم لمعركة الجنوب مع المجلس الانتقالي، لأن عودة ما تبقى من مأرب بات قضاء مبرما لا مناص منه وأمر أبرم بليل، و “العقل حفظ التجارب”، وتجاربكم مع المجاهدين تصرخ فيكم وترفع عقيرتها أن يكفيكم قتلا وتشريدا من معارك دماج وعمران وصنعاء الى حروب تحالف العدوان الممتدة على أكثر من جغرافيا وفي أكثر من زمان، فعلى امتداد هذه السلسلة الطويلة من الصراع وانتم مهزومون على الدوام لا تملكون نصرا واحدا أكان معكم دبابات القشيبي وعلي محسن أم طائرات التحالف وترسانته، وما نهم والجوف عنكم ببعيد إن بقي فيكم أثارة من عقل، فلماذا الانتحار على أبواب مأرب في معركة خاسرة؟! أم أصابتكم لعنة القتل والتيه كما أصابت من كان قبلكم؟!
اللهم لا شماتة ولكن نصيحة صادقة يجسدها الواقع وتشهد بها حقائق الأحداث التي لا لبس فيها ولا غموض، فإن أبت نفوسكم المهزومة ان تضعوا يدكم بيد صنعاء الممدودة بالمصالحة الوطنية، فأمامكم خيار وحيد هو ان تتركوا شعرة معاوية في مأرب وتتجهوا صوب خصومكم الذين طردوكم بالأمس من الجنوب وكنتم قاب قوسين أو أدنى من الغلبة ليس لقوتهم ولكن للأسباب التي تعرفونها وان نسيتم فاسألوا الميسري، وهاهم يطردونكم اليوم على مرأى من التحالف والمجتمع الدولي الذين تستصرخونهم ولا مجيب سوى بيانات لا تسمن ولا تغني من جوع.
ففي الجنوب كفتكم أرجح وقاعدتكم أرسخ وتجاربكم أجدى وأنفع وخصمكم ألين عودا منذ أغسطس 2019م فكيف به اليوم وقد غادرت قوات الامارات ميدانيا ورسميا لتقي نفسها بالستيات صنعاء، وان افترضنا عودة الامارات فإن العودة لن ترجح كفة المعركة بل ستكون فرصة لا تعوض للافراج عن بالستيات صنعاء وطائراتها المسيرة التي تنتظر بفارغ الصبر أي نكوص اماراتي لاحتضان مدن الزجاج الأمر الذي سيجعل ثمن العودة باهظا جدا وبأيدي غيركم وهذا منتهى الدهاء.
معركتكم الحقيقية هي في الجنوب وليس في مأرب على الأقل تنتصفون لثاراتكم من الامارات التي تسومكم سوء العذاب في اليمن ومصر وليبيا، وستلتقون في هذا المسار مع كل القوى المدافعة عن الوحدة وفي المقدمة نصفكم الآخر المتروك لقطر وتركيا والذي يرفع في الجنوب شعار خروج قوات الاحتلال من اليمن، وستكون الفرصة مناسبة للمّ الشّمل بإخوتكم في الشتات وتوحيد الجبهة للدفاع عن وجودكم في الجنوب الذي تعيشون به فهذه معركة تستطيعون حسمها، وكما يقول المثل: “عصفور بالجنوب ولا عشرة في مأرب” لأن هزيمة مأرب المحققة ليس بعدها نصر وستقود حتما الى خسارتكم للجنوب ليتحول اتفاق الرياض الى حائط مبكى الى جانب الشرعية المستباحة.
أما إن تركتم شعرة معاوية في مأرب فستكون خلفية صلبة لمعركتكم مع الانتقالي وخط رجعة لا غنى عنه ان بدت لكم العودة يوما ما لأن ما بعد مأرب كما قلنا لكم في الأسبوع الماضي سيكون بداية مرحلة بالغة الأهمية وأخطر بكثير من كل ما مضى، وهو ما ألمح اليه سريع بالخيارات الإستراتيجية التي ستجعل العدو يندم، والعدو هنا ليس أنتم بل المرتزق الأقليمي القديم لواشنطن الذي يدفعكم للانتحار على أسوار مأرب ويجعل منكم دروعا بشرية وخط الدفاع الأخير عن نفسه، لأنه يعي جيدا أن استراتيجيتكم القديمة في تقاسم الأدوار بين الرياض والدوحة وأنقرة ستؤول في نهاية المطاف لصالح الأجندة التركية والقطرية وهنا مكمن الخطر المستطير الذي يدفع بن سلمان وبن زايد لنحركم على أبواب مأرب بعد أن سلبوكم الجنوب، فاحزموا أمركم قبل فوات الأوان.