الأخبار المحلية

ما قبل الحرب: صالح يطلب أموال الإمارات ويعرض على السعودية مخطط ضد أنصار الله والإصلاح (2)

ما قبل الحرب: صالح يطلب أموال الإمارات ويعرض على السعودية مخطط ضد أنصار الله والإصلاح (2)

الجديد برس: متابعات

منذ تسليمه السلطة لنائبه وحتى إعلان الحرب على اليمن ظل صالح يعمل بكل الوسائل على استعادة السلطة التي فقدها ويمكن القول من خلال مراسلاته مع السعوديين والإماراتيين أن عودته للسلطة ظلت الشغل الشاغل له وبموجب ذلك أدار تحركاته بهدف واحد هو الإثبات للسعودية أنها أخطأت حين جردته من السلطة بالمبادرة الخليجية وبنفس الوقت كان حريص جداً على عدم مساعدة هادي في المواجهة مع أنصار الله وفي نفس الوقت حريص أكثر على عدم إغضاب السعودية بل إقناعها بأنه الخيار الوحيد لتحقيق مصلحتها في اليمن والقادر على كبح جماح أنصار الله، فكيف أدار صالح تحركاته المعقدة لتحقيق كل ذلك؟

 

 

صالح يطلب دعماً مالياً ويعرض خدمات نجل شقيقه

قبل الحرب على اليمن وبعد تسليمه السلطة بموجب المبادرة الخليجية كان اتصالات صالح مع الإمارات متصاعدة وكان الأول يشعر بتأثير الاتهامات الموجهة له سواء بعرقلة السلطة الجديدة أو التحالف مع الحوثيين وكان حريصاً على توضيح وجهة نظره للإماراتيين وعرض خدماته عليهم.

في الوثيقة التي حصلت عليها “صحيفة المراسل” عبارة عن رسالة خطية من صالح للإمارات تعود لما قبل الحرب على اليمن قدم فيها عدة نقاط أولها تأكيده أنه قد سلم السلطة طواعية وبعد ذلك ينتقل لتبرير حقه في التواجد بالواجهة من خلال قوله إن حزب المؤتمر هو حزب الوسطية والأكثر حضوراً على مستوى الشارع.

ولكي يؤكد أنه ليس هناك خيار لدى الدول الخليجية سوى الاعتماد عليه من خلال وصمه للأطراف اليمنية الأخرى بالتطرف والإرهاب..الخ فهو يقول إنه “يخاف الشعب اليمني من تطرف حزب الاخوان المسلمين كقوة إرهابية أخرجت من عبائتها القاعدة والجهاديين والسلفيين أيضاً” ويضيف أنه “يخاف الشعب اليمني من الحوثيين الإماميين الذين يعتقدون أن الولاية في الحكم في سلالة النبي وبني هاشم”.

 

وبعد أن برر صالح سبب أنه الخيار الوحيد في اليمن بعدما قدم تلك التوصيفات ضد أبرز قوتين منافستين للمؤتمر وهما الإصلاح وأنصار الله قدم مطالبه المالية لوسائل إعلامه قائلاً “نتطلع منكم دعم المؤتمر الشعبي العام فلدينا ثلاث قنوات فضائية هي اليمن اليوم وآزال والعقيق وتكلفة التشغيل 12 مليون دولار+ مليون دولار للإذاعة والصحف”.

ولكي يوضح خطورة عدم دعم وسائل إعلام المؤتمر يذكر صالح في رسالته أن “الإصلاح يستلم دعماً من قطر والمؤسسات الخيرية السعودية وتركيا وأما الحوثيين فهم مدعومون من إيران وقطر وحزب الله أما الحراكيين (الحراك الجنوبي) في النظام الحالي في صنعاء فتدعمهم إيران والمخابرات البريطانية “.

ويشير صالح إلى أن النظام الحالي (نظام هادي في ذلك الحين) يقع تحت سيطرة حزب الإصلاح وأنه قد قطع الاعتمادات المالية التي كانت مخصصة له ولحراسته وأكثر من 150 شخصية قيادية وعسكرية وقبلية والتي كانت قيمتها 2 مليون دولار شهرياً.

ثم يقدم صالح حزب المؤتمر وكأنه دولة بحد ذاته وأحيانا كمخبر لدولة أجنبية حيث ختم رسالته بالقول “نحن على استعداد للتعاون بين المؤتمر الشعبي العام والأجهزة الأمنية في الإمارات وتزويدهم بالمعلومات اللازمة لمكافحة الإرهاب والتطرف وسيكون من جانبنا هو عمار محمد (نجل شقيقه) وإذا ترغبون أن يكون مستشار فليس عندنا أي مانع”.

الجواد الرابح: صالح يحاول إقناع السعودية بأنه القادر على مقارعة أنصار الله

من خلال الوثائق ظل صالح متمسك بتحميل هادي والإصلاح مسؤولية توسع أنصار الله وبالتالي يؤكد للسعودية مجدداً أنها أخطأت بإزاحته عن السلطة كما إنه يؤكد أيضاً قدرته على مقارعة أنصار الله ولكن عندما يتم الاعتماد عليه هو والاعتراف بأحقيته بالسلطة كي لا تذهب جهوده، التي يفترض أن يبذلها خدمة للسعودية ضد أنصار الله، لصالح نظام هادي وتعزيز مكانته.

وحين شهد العام 2014م تحولات كبرى زاد منسوب القلق لدى صالح من تأخر السعودية بالاتصال به وقلقه من أن تكون قد غضبت عليه وبالتالي تزايدت عدد الرسائل التي وجهها للسعودية، وبينها الرسالة التي حصلت عليها “صحيفة المراسل” عقب دخول اللجان الشعبية إلى محافظة عمران وسقوط اللواء 310 في يوليو 2014م حيث وجه صالح مذكرة للسعودية يوضح موقفه مما جرى خصوصاً أن وسائل الإعلام كانت تتهمه بمساعدة أنصار الله وهو ما حرص على نفيه للسعوديين بل وتقديم خطة شاملة لمواجهة أنصار الله ولكن كالعادة أن يكون بعد إقرار السعودية بخطأ اعتمادها على هادي وتجاهلها له.

أحداث عمران: دعوا الحوثيين يتصارعون مع الاخوان ولنعمل على إضعافهما

في كل مراسلات صالح قبل الحرب على اليمن ظل ثابتاً على رؤيته بتجنب إغضاب السعودية وكذلك إقناعها بالعودة للرهان عليه، فعقب دخول اللجان الشعبية إلى محافظة عمران بعث صالح رسالتين، حصلت عليهما “صحيفة المراسل” إلى الأمير محمد بن نايف الذي كان وزير للداخلية آنذاك، تضمنت الأولى ما وصفه صالح بالتقرير التفصليلي ” حول موقفي للمملكة العربية السعودية وما اكنه لها من حب واخلاص ممثلة في خادم الحرمين والشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظة الله وقيادته الرشيدة” وتكون التقرير من خمس نقاط.

في النقطة الأولى يكرر صالح بشكل غير مباشر تأكيده للسعودية بخطئها بإبعاده والرهان على هادي والإصلاح حيث يقول “موضوع محافظة عمران وسقوطها وما جرى فيها يتحمل سقوطها رئيس الجمهورية ووزير دفاعة وغالبية قيادات الاخوان المسلمين الذين تخاذلوا واعتبروه شيئاً يخص قبيلة حاشد ولو انهم صادقين كان 25% من الذين حضروا مراسم دفن الجنائزي للشهيد القشيبي في ميدان السبعين كانت واجهت الحوثيين وغالبيتهم في عمران ولكن ماكانت لديهم جدية في موجهة الحوثي”.

كان صالح في ذلك الوقت قد دعا لمصالحة وطنية ولكنه في رسالته لابن نايف يوضح أن الدعوة كانت بهدف جمع القوى اليمنية تحت قيادة ضد أنصار الله فهو يقول في النقطة الثانية من تقريره للسعودية “: القرار الذي اتخذته حول المصالحة الوطنية هو في خدمة السعودية واليمن وتحديد قوة الحوثي امام كل القوى وجمهرتها على الحوثي لان بعض القوى الملتقية مع الحوثي والمتعاطفة معه عندما يكون اجماع للمصالحة الوطنية، اعرف ان الحوثي لدية مشروع وغير قابل في الدخول للمصالحة الوطنية من خلال رفضه للمصالحة الوطنية نستطيع توحيد مل القوى ونقرعه في زاوية الرفض لكافة القوى السياسية وسوف تكون هذه القوى بالكاملة ضده”.

وبعد ذلك يحاول صالح إخافة السعودية من حزب الإصلاح بعد الحوثيين ليقول إنه الوحيد القادر على ضمان مصالح السعودية ويدعوها للموافقة على خطته لاضعافهما حيث تضمنت النقطة الثالثة من رسالته قوله إنه “: من خلال تجربتي وقيادتي لهذه البلد فترة طويلة اعرف ان الحوثيين والاخوان المسلمين هم آفة واحدة على الوطن العربي في ومقدمتها المملكة العربية السعودية وعلية قمنا بهذا الدور ويجب الاستمرار فيه حتى اضعاف القوتين وقتل رجالها الأقوياء من خلال المواجهة الميدانية بينهم وفي الاخير يتم تفتيتهم وتقسيمهم إلى شلل مثلما عملنا مع القوى القومية كالبعث والناصريين وتقسيمهم إلى جماعات ضعيفة غير ضارة”.

وفيما يجدد صالح التأكيد على مسؤولية هادي ووزير دفاعه في وصول الحوثيين إلى محافظة عمران في النقطة الرابعة، ينتقل للخطة الشاملة التي أراد أن تقرها السعودية لينفذها بهدف تفكيك الإصلاح والحوثيين معا حيث نصت النقطة الخامسة على ” ننصح بتجنيد قوى من كافة الفئات واستقطابها وتنظيمها في صنعاء- صعدة – عمران – حجة – الجوف – مأرب – ذمار – ريمة – إب كخطوة ومرحلة أولى لتنظيم هذه القوى من الشرائح التالية مشائخ وعقال ووجهاء القبائل والعلماء والمثقفين والشباب وأبناء القبائل ذوي الحاجة والعسكريين المتقاعدين والعاملين وإطلاق عليهم تسمية (المعتدلين المنقذين لهذا البلاد) واعتماد كافة الامكانيات لهم وتجهيزهم كقوى ضد العناصر المتطرفة سوى الحوثيين او الاخوان المسلمين وهذا يحتاج إلى وضع الخطط والبرامج السريعة حتى يتم انقاذ اليمن والمملكة من المخططات الرامية بهما إلى الهاوية وتواصل اضعاف القوى التي اسلفنا ذكرها كما ننصح بزج كثير من العناصر الموثوق بها في صفوف الحوثي حتى نستطيع ايجاد الخلاف والتناحر داخل هذه القوى المؤدية للانشقاق الداخلية فيها والتي تؤدي إلى اضعافها”.

 

وقبيل 20 يوماً فقط من الحرب على اليمن كان قلق صالح من عدم تجاوب السعودية معه وإصرارها على أن يكون دوره داعماً لهادي وليس بديلاً عنه فقد أرسل رسالة أخرى إلى محمد بن نايف وقد أصبح وليا لولي العهد حصلت عليها “صحيفة المراسل” يقدم فيها حزب المؤتمر كشريك للسعودية ويتفاعل مع مخاوفها آنذاك من إمكانية استهدافها بعد سيطرة اللجان الشعبية على معظم اليمن، وبعد المقدمة يقول صالح في رسالته “لأننا في المؤتمر الشعبي العام نتمسك بالحرص على دورنا ومسؤوليتا من أمن واستقرار اليمن وعلى الحفاظ على علاقات اليمن بأشقائها في مجلس التعاون لدول الخليج العربية وفي مقدمتها المملكة العربية سعودية ورفض وجود أي تهديد لأشقته من أراضي الجمهورية اليمنية. وانطلاقاً من ذلك فأننا في المؤتمر الشعبي العام كتنظيم سياسي عميق الجذور في المجتمع اليمني وقادر على التحرك السياسي السلمي لتغيير مسار الاحداث سواء الآن او بعد انتهاء المرحلة الانتقالية فأننا نتطلع لدور السعودية في بلورة مبادرة للحل السياسي للازمة السياسية في اطار المبادرة الخليجية مع توفير الضمانات الكفيلة لعلاقة حسن الجوار مع دول مجلس التعاون الخليجي”

ثم يختم صالح رسالته بالقول “اننا اخي ولي ولي العهد نعول كثيراً عليكم وعلى مبادرة المملكة لإنقاذ اليمن من الانزلاق نحو العنف وستجدوننا في المؤتمر سنداً وعونا وشريكا لكم وهذا ما نأمل بلورته مع مبعوثنا اليكم مؤكداً لكم صدق توجهنا وجديتنا بالعمل معاً على ما يعزز علاقة بلدينا ويحمي مصالحهما المشتركة”.

بعد ذلك تنطلق الحرب على اليمن وتضع السعودية صالح في قائمة أهدافها ما يؤكد أن كل محاولاته السابقة لإرضائها قد فشلت نظراً لرفض السعودية آنذاك إعادته إلى السلطة كما كان يطمح. أما ما حدث بعد ذلك فسيتم التعرف عليه في السطور التالية الموثقة لما بعد إعلان الحرب على اليمن.

إقرأ أيضًا: علي عبدالله صالح مخاطباً زعيم أنصار الله: لنعلن استسلامنا للتحالف! (1)