الجديد برس: متابعات
قبيل أحداث ديسمبر، وجهت صحيفة الشرق الأوسط السعودية سؤالاً لعبدربه منصور هادي في حال اندلعت مواجهات بين الحوثيين وقوات صالح من سينتصر؟ أجاب هادي بكل ثقة قائلاً “الحوثيين” وحين سألته الصحيفة لماذا يرى ذلك؟ قال هادي: الحوثيين أصبحوا الآن أقوى بكثير من صالح. لعل هذه الإجابة كانت الحدس الصحيح الوحيد الذي يحسب لهادي منذ بدء الحرب إلى اليوم، أما علي عبدالله صالح فكان ما يزال متعلقاً بهواياته التي تولدت لديه بسبب بقائه في السلطة لـ33 عاماً فكان ما يزال يرى أنه “الراقص الوحيد على رؤوس الثعابين” وكان أيضاً يفتخر عندما يتم وصفه بالمراوغ، دون أن يعرف، وهو الذي ظل يبرر انقلاباته على حلفائه بأنهم كروت استخدمها وانتهت، أنه أصبح الكرت الأخير للتحالف السعودي الإماراتي، بل والكرت الأخير الخاسر.
وقبيل 24 أغسطس 2017م قال محمد بن سلمان في مقابلة تلفزيونية إنه واثق تماماً أن علي عبدالله صالح لو يتمكن من الخروج من مناطق سيطرة الحوثيين فإنه سيغير موقفه تماماً، لم يكن ابن سلمان قوي الحدس فقد أثبتت التجارب عمق غبائه، ولكنه كان يتحدث بناء على معلومات واتصالات وصفقة مع صالح قد تم توقيعها برعاية الإمارات.
في ذلك الحين شهدت خطابات علي عبدالله صالح الوصول إلى ذروة التناقض فاليوم يهاجم اللجان الشعبية وملازم السيد حسين بدر الدين الحوثي وفي اليوم التالي يعود ليتحدث عن الوفاق مع أنصار الله واتصالاته مع السيد عبدالملك الحوثي وانه تحدث معه عن احتفالية 24 أغسطس وأن الأخير قال لا مشكلة وبارك الاحتفالية…الخ ولكن بعد أن يتلقى رسالة علنية شديدة اللهجة تمثلت في بيان اللجان الشعبية الشهير والذي نشر على مختلف وسائل الإعلام.
وبناء على معلومات أمنية سيجري التعرف عليها لاحقاً، دعت اللجنة الثورية العليا إلى مسيرات في مداخل العاصمة تحت عنوان “رفد الجبهات” غير أن هدفها الرئيسي كان احباط مخطط كان قد تم اكتشافه لإسقاط العاصمة صنعاء تحت غطاء احتفالية المؤتمر بذكرى تأسيسه وبالتنسيق مع التحالف.
قبل الانفجار الكبير: إفشال مخطط إسقاط العاصمة في اللحظات الأخيرة
فيما كانت المجاميع الشعبية والقبلية قد تمركزت بأعداد هائلة على مداخل العاصمة كان صالح قد أدخل مجاميع مسلحة بأعداد كبيرة إلى العاصمة وبدأ بإخراج الآليات التي كان يخفيها لتنتشر نقاط أمنية وتشهد العاصمة توتراً كبيراً متزامناً مع دعايات إعلامية في الشوارع ووسائل الإعلام التابعة لصالح تتهم أنصار الله بأنهم سبب تدمير اليمن وفي المقابل تعيد صالح إلى الواجهة بأنه الأمل الوحيد لاستعادة الاستقرار.
في ذلك الوقت كانت الأجهزة الأمنية قد توصلت إلى معلومات خطيرة من خلال رصد التحركات المضادة والتحقيقات التي أجريت مع من تم القبض عليهم، كشفت أن هناك مخطط أمني وعسكري متكامل لإسقاط العاصمة صنعاء وهو ذات المخطط الذي تم تنفيذه في أحداث ديسمبر ولذلك سنترك تفاصيله إلى الجزء الخاص بتلك الأحداث، غير أن ما حدث بعدها أجبر صالح على تغيير بيانه وخطابه الذي كان سيعلنه في فعالية 24 أغسطس وكان سيعلن فيه الانقلاب على انصار الله والمجلس الأعلى وهو أيضاً ما فعله في 2 ديسمبر، لكن المهم الآن أن فعالية 24 أغسطس مضت بسلام وتم اجهاض المخطط.
كان إنهاء التوتر في أغسطس مجرد تأجيل للانفجار الكبير وفي تلك المرحلة انهالت وسائل إعلام التحالف بالهجمات على عبدالله صالح تصفه بأنه جبان بعد أن مرت فعالية 24 أغسطس بسلام، فيما كشفت مصادر مطلعة لـ”صحيفة المراسل” أن صالح تعرض للتوبيخ من قبل الإمارات لتراجعه عما تم الاتفاق حوله، لكن صالح أكد أنه لم يكن جاهزاً وأن ما حدث لا يعني أنه تراجع وبالتالي أفهم الإماراتيين أنه سيمضي في الاتفاق والخطة ولكن بتوقيت آخر.
وبعد مرور أغسطس رصدت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية واللجان الشعبية التابعة لأنصار الله تحركات مثيرة للشك في صنعاء وعدد من مديريات طوق العاصمة، وفي تلك المرحلة تم القبض على قيادات عسكرية وقيادات بحزب المؤتمر بينها قيادات من الحزب في مديرية همدان، حيث توضح مصادر أمنية لـ”صحيفة المراسل” أن التحقيقات مع من تم القبض عليهم وما عثر بحوزتهم كشفت مخططاً كبيراً ينوي صالح تنفيذه للانقلاب على انصار الله وضمن ذلك المخطط كان المخطط الأخطر الذي تضمن تقسيم العاصمة صنعاء إلى أربع مناطق وتم تعيين قادة عسكريين كبار لقيادة تلك المناطق من المقربين من صالح على رأسهم اللواء مهدي مقولة.
كما أوضحت اعترافات من تم القبض عليهم أن هناك عمليات رصد واسعة للأطقم العسكرية التابعة للأجهزة الأمنية والتابعة للجبهات ورصد لعدد النقاط الأمنية وعدد الأفراد فيها وكذلك مسارات طرق الإمداد إلى الجبهات بالتزامن مع عمليات تسليح واسعة كان يشرف عليها طارق صالح.
أردك أنصار الله أن صالح لم يتراجع عما كان يخطط له في وقت كانت عمليات القبض على بعض القيادات المؤتمرية تثير حساسية الكثير من القيادات بالحزب على رأسهم الشيخ يحيى الراعي والشيخ صادق أمين أبوراس واللذين لم يكونا على علم بما يخطط له صالح وبالتالي كانت حيرتهم من تلك التصرفات منطقية.