صنعاء | تراجعت الحركة الملاحية في ميناء عدن إلى أدنى المستويات نتيجة عزوف التجار في المحافظات الجنوبية والشرقية عن الاستيراد رفضاً لقرار حكومة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي رفع سعر صرف الدولار الجمركي بنسبة 100%. وأعلنت الغرفة التجارية والصناعية في مدينة عدن تعليق العمل بالقرار، ووقف إدخال الحاويات كافة التي وصلت إلى الميناء، وطالبت قيادة «التحالف» وحكومة هادي بالعدول عن القرار الذي سيضاعف أسعار السلع والمنتجات الأساسية اللازمة للعيش، في ظلّ تراجع معدلات الدخل الأُسَري بنسبة 45%، وتراجع سعر صرف العملة اليمنية في المحافظات الجنوبية إلى مستويات كارثية، وهو ما سيفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد. وهدّد تجّار عدن بالإضراب العام وتعطيل الحركة التجارية في مناطق سيطرة حكومة هادي بشكل كلّي خلال الأيام المقبلة، في حال رفضت الأخيرة الاستجابة لمطالبهم بإلغاء قرار رفع التعرفة الجمركية من 250 ريالاً للدولار إلى 500 ريال، وحمّلوا «التحالف» والأمم المتحدة مسؤولية انزلاق البلاد إلى المجاعة.

توقُّف حركة استيراد المواد الغذائية والكمالية للأسواق اليمنية عبر الموانئ في المحافظات الجنوبية خلال الأيام الماضية، تزامَن مع توقّف تجّار اليمن كافة عن إبرام أيّ عقود جديدة خاصة باستيراد سلع ومنتجات من الأسواق الأجنبية لسدّ احتياجات السوق المحلية، وهو ما يهدّد البلاد ــــ التي تستورد 90% من احتياجاتها من الخارج ــــ بأزمة تموينية خانقة خلال الأيام المقبلة. ففي صنعاء، أخلى «الاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية اليمنية» و«الغرفة التجارية الصناعية» مسؤوليّتهما عن أيّ نقص في السلع الغذائية والدوائية والاستهلاكية للسوق اليمنية، ردّاً على قرار حكومة هادي رفع التعرفة الجمركية بنسبة كبيرة تجعل من الصعب الاستيراد وتغذية الأسواق بالسلع. وقال بيان صادر عن الاتحاد العام للغرف التجارية في اليمن، تلقّت «الأخبار» نسخة منه، إن «القرار العبثي وغير المدروس للسلطات الجمركية التابعة لحكومة هادي، والمُتّخذ نهاية الشهر الماضي في عدن، والذي تضمّن رفع سعر الدولار الخاص بالجمارك في عدن إلى 500 ريال للدولار بعد أن كان 250 ريالاً للدولار الواحد طوال السنوات السبع الماضية، قد ألحق ضرراً مباشراً بعمليات الاستيراد والتفريغ والإمداد في ميناء عدن». وأشار البيان إلى أن «القطاع الخاص تحفّظ على القرار منذ صدوره في الـ27 من تموز الماضي، ولن يستطع تنفيذه لأن تنفيذه يعني رفع الأسعار بنسبة 100%، وهو ما لا يطيقه الشعب اليمني، ولن ينجرّ القطاع الخاص إلى إضافة أعباء على المواطنين وتكدير عيشهم فوق ما هم فيه»، مطالباً الأمم المتحدة والمنظّمات الاقتصادية الدولية والجهات المانحة بالتدخّل والضغط على حكومة هادي للتراجع عن قرارها بشكل عاجل وبدون تأخير.

يهدّد الوضع الحالي بأزمة تموينية خانقة خلال الأيام المقبلة بالنظر إلى أن اليمن يستورد 90% من احتياجاته

وفي السياق نفسه، اعتبرت مصادر اقتصادية جنوبية في حديث إلى «الأخبار» أن قرار رفع سعر الدولار الخاص بالجمارك في عدن بنسبة 100%، «يتناغم مع أهداف دول التحالف في تعطيل حركة ميناء عدن لصالح ميناء جبل علي الإماراتي»، معتبرة أن «إصرار حكومة هادي على تنفيذ القرار وتجاهلها كافة الأصوات المطالبة بإلغائه والمحذّرة من تداعياته على الأوضاع الإنسانية، يؤكد أن القرار فُرِض من قبل دول العدوان ومن ورائها أميركا، التي ترى بأن الورقة الاقتصادية أشدّ كلفة من الخيار العسكري». بالتوازي، رأى مصدر اقتصادي في صنعاء، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «الضغوط الاقتصادية التي نفّذتها حكومة هادي مؤخراً، مؤشر على فشل تحالف العدوان عسكرياً وانعدام ثقته بميليشياته التي أنفق عليها عشرات المليارات من الدولارات طيلة السنوات الماضية»، مشيراً إلى أن هناك «خيارات متعدّدة تدرسها صنعاء للردّ على التصعيد الاقتصادي، وأن الأوراق الاقتصادية التي يمكن استخدامها ضدّ الرياض وأبوظبي متعدّدة».
ووصفت المصادر توجيهات هادي الصادرة إلى قيادة «مركزي عدن» قبل أيام بنقل البنوك التجارية والإسلامية من صنعاء إلى مدينة عدن، بأنها ردّ فعل على حجز سلطات صنعاء القضائية والنقدية أموال هادي في «بنك التضامن الإسلامي»، والتي بلغت 31.289.623.900 ريال يمني، و636.221.984.25 ريال سعودي في حساب جارٍ، إضافة إلى 907.722.643.44 ريال يمني، في حساب جارٍ ثالث في البنك نفسه. وأضافت أن «توجيهات هادي بنقل المركز المالي من العاصمة صنعاء إلى عدن محاولة مكشوفة لإنقاذ تلك الأموال من المصادرة»، مضيفاً أن «الشعب اليمني سيُفشل المؤامرات الاقتصادية كما سبق وأفشل المؤامرات العسكرية».