صنعاء | في تطوّر لافت، حاصر مسلّحو حزب «الإصلاح»، خلال الساعات الماضية، القوات الإماراتية الموجودة في ميناء بلحاف الغازي في محافظة شبوة (جنوب)، مهدّدين باقتحامه وطرْد القوات الإماراتية منه بقوّة السلاح. غير أن التحرّك «الإصلاحي» لم يكن يهدف، على أيّ حال، إلى طرْد قوات الاحتلال الأجنبي من الميناء الواقع في نطاق مديرية ميفعة جنوب المحافظة، والذي تشارك في تشغيله شركة «توتال» الفرنسية، بل تحصيل الحزب مزيداً من المكاسب التي تدرّها عائدات النفط والغاز اليمنيَّين. وأفادت مصادر قبلية، «الأخبار»، بأن «مليشيات الإصلاح دفعت بالمئات من عناصرها المدجّجين بمختلف أنواع السلاح، إلى محيط الميناء الغازي يوم السبت»، عازيةً ذلك إلى «رفْض القوات الإماراتية الموجودة في الميناء، منذ ثلاث سنوات، مطالبَ السلطات المحلية التابعة للإخوان في شبوة، بالانسحاب الفوري من الميناء لغرض استئناف تصدير الغاز المُسال». ووفقاً للمصادر، فإن «ضبّاطاً إماراتيين ردّوا على الوسطاء القبليين الذين أوفدهم محافظ شبوة التابع للإصلاح، محمد صالح بن عديو، الخميس الماضي، لتهديد تلك القوات بحرق الميناء». ولكن «الردّ الإماراتي استفزّ اليمنيين، إذ كان فجّاً وينمّ عن عنهجية واضحة، ما دفع ميليشيات الإصلاح إلى نقل تعزيزات عسكرية إلى محيط الميناء، السبت، لمحاصرته ومطالبة القوات الإماراتية بالانسحاب القسري».

إزاء هذه التطورات، سارعت السعودية إلى التدخُّل قبل بلوغ التصعيد العسكري ذروته بين ميليشيات «الإصلاح» والقوات الإماراتية، فيما أمهلت غرفة عمليات «التحالف» في الرياض، محافظ شبوة، ساعة واحدة لسحب المسلّحين من محيط ميناء بلحاف، مهدّدة بقصف كل النقاط المستحدثة في محيط الميناء، وفق ما أفادت به مصادر مقرّبة من حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، «الأخبار». تهديدات اضطرّت ميليشيات «الإصلاح» على إثرها، للتراجع من محيط المنشأة الغازية، لتتموضع، بحسب المصادر، على مقربة من الميناء وسط تحليق مكثّف للطيران الإماراتي في سماء شبوة. من جهتها، أكدت مصادر محليّة قيام الطيران الحربي الإماراتي بشنّ عدة غارات جوية على مواقع تابعة لـ«الإصلاح» بالقرب من مدينة عتق، مركز محافظة شبوة، فجر السبت. وقالت المصادر، لـ«الأخبار»، إن الغارات الإماراتية «استهدفت موقعاً عسكرياً تابعاً لميليشيا الإصلاح في منطقة الشبيكة في مدينة عتق»، فيما قال ناشطون موالون للإمارات إن تلك الغارات «استهدفت مجموعة مسلّحين يُعتقد ضلوعهم في استهداف المعسكر الإماراتي».

أمهلت السعودية محافظ شبوة ساعة واحدة لسحب الميليشيات من محيط ميناء بلحاف

وتزامن التوتر الأخير بين الإمارات، التي تتخذ من ميناء بلحاف لتصدير الغاز قاعدةً عسكرية لها منذ ثلاثة سنوات، مع تصاعد مطالب عدد من المسؤولين في حكومة هادي، بطرْد القوات الإماراتية المتَّهَمة بعرقلة إعادة تصدير الغاز المُسال وحرمان اليمن من ثلاثة مليارات دولار سنوياً هي مجموع العائدات المتوقّعة للتصدير، وتحرير الميناء باعتباره «ضرورة لإنقاذ الاقتصاد اليمني من الانهيار الحادّ الذي شهده خلال الشهرين الماضيين». هذه الدعوات لم تلقى آذاناً لدى حكومة هادي التي التزمت، كعادتها، الصمت، وهو ما منح «التحالف» مبرّراً لإجهاض أيّ تحرّك لتحرير منشأة بلحاف، التي تُعد أكبر مشروع اقتصادي يمني، بلغت تكلفة إنشائه نحو 5.4 مليارات دولار عام 2006، ويبلغ إجمالي طاقته الإنتاجية 6.7 ملايين طن متري سنوياً، في حين تشير تقارير رسمية إلى أن عائدات صادرات الغاز ساهمت بنحو 5.1% إلى 6.9% من إجمالي إيرادات الموازنة العامة للدولة اليمنية بين عامَي 2014 و2015.
وعلى رغم المخاوف من توظيف «الإصلاح» للميناء لمصلحته، كما في حال نفط وعاز مأرب، يؤيّد طيف واسع من اليمنيين الدعوات إلى تحرير عائدات النفط اليمني. ويُجمع اقتصاديون من مختلف أطراف الصراع، على ضرورة تحييد الاقتصاد الوطني واستئناف إنتاج النفط والغاز وتوريد عائداتهما إلى مصرف مركزي موحّد يُدار من قِبَل شخصيات وطنية محايدة تقف على مسافة واحدة من كافة الأطراف، على أن يتولّى وقف انهيار سعر صرف العملة اليمنية أمام العملات الأخرى، وصرف رواتب موظّفي الدولة وفق كشوفات عام 2014، وتغطية واردات البلاد بالعملة الصعبة.