الجديد برس- تقرير
عند تعهُّد معين عبدالملك -رئيس حكومة هادي- بإجراءات للتعافي الاقتصادي، منتصف العام الجاري، شكَّك اقتصاديون في نجاح خططه وإجراءاته؛ نظراً للتعاطي غير المنطقي مع الأزمة الاقتصادية، حد وصفهم، إذ إن حكومة “عبدالملك” ركزت منذ ذلك الحين على ما وصفوه بالتسول وطلب المعونات من الداعمين الإقليميين والدوليين، تاركة الحبل على الغارب في واقع المجتمع والسوق.
وبالفعل ما هي إلا أيام حتى انهار الريال اليمني ليتجاوز حاجز الألف في يوليو الماضي، ثم واصل انهياره إلى أسوأ مستوياته لليوم؛ إذ بلغ سعره أمام الدولار الأمريكي في تداولات الأربعاء 1218 وأمام الريال السعودي 319، ما يدين حكومة المناصفة والتحالف معاً لسياساتهما الاقتصادية غير المسؤولة، حد تعبير اقتصاديين وناشطين.
وبالرغم من إطلاق “بنك أوف إنجلند” البريطاني أرصدة حكومة هادي المدانة دولياً في 27 سبتمبر الماضي، ومع التذكير بالإدانات الدولية الصادرة ضدها في تقرير اقتصادي أممي في فبراير 2019، وتقرير آخر في مطلع العام 2020؛ فقد أكد خبراء الاقتصاد أن حكومة معين عبدالملك تظل موضع تُهمة، وإجراءات البنك البريطاني قد تفقده مكانته المصرفية، لتغاضيه عن مخالفات حكومة هادي القانونية، وعدم شفافيتها في رفع التقارير بشأن خطوات معالجة الوضع الاقتصادي الذي يتهمها الشارع بالضلوع في تدهوره والتسبب في مفاقمة مأساة المواطنين الإنسانية ومعاناتهم المعيشية في المناطق الواقعة تحت سيطرتها.
وقد أكد مركزي صنعاء -من جانبه- اتخاذ خطوات تقاضٍ بسبب تصرف “بنك أوف إنجلترا” في أموال قال مركزي صنعاء إنها جزء من الأرصدة الاحتياطية للبنوك العاملة في اليمن والتي أودعها البنك المركزي اليمني لدى البنك البريطاني، مؤكداً أن قيام البنك البريطاني بتسليمها لفرع مركزي عدن يُعد مشاركة في فساد وجرائم البنك ويؤدي لتسهيل الاستيلاء والتبديد لحقوق وأموال اليمنيين، مطالباً بالالتزام بالقوانين والمعايير الدولية والمصرفية المرتبطة بالشفافية والحيادية والمساءلة وسيادة القانون.
الأزمات الاقتصادية والمعيشية، التي تسببت بها حكومة معين عبدالملك للمواطنين قوبلت بثورة شعبية انطلقت شرارتها أواخر سبتمبر الماضي، لتوغل في الشروط والمطالب وترفع سقفها وتجعل معين وأعضاء حكومته يلجأون إلى حلول ترقيعية كشفت مدى عجزهم وفشلهم في إجراءات التعافي الاقتصادي.
خروج الوضع الاقتصادي في مناطق سيطرة التحالف وحكومة المناصفة عن السيطرة ابتدأت ملامحه منذ أن قررت حكومة هادي استخدام المصرف المركزي كورقة ضغط على جماعة أنصار الله “الحوثيين” وأقرت نقل وظائف البنك من صنعاء إلى عدن بتاريخ 12 سبتمبر 2016، بحُجة وقف تمويلات قوات صنعاء، والتزمت للأمم المتحدة بصرف رواتب جميع موظفي الدولة وفق كشوفات الرواتب المعتمدة منها قبل الحرب، الأمر لذي لم تفِ به بعد ذلك؛ وضاعفت تلك الخطوة تدهور الاقتصاد اليمني، مع احتفاظ العُملة في سوقها المصرفية بصنعاء بقيمتها أمام العملات الأجنبية عند حدود 600 ريال للدولار الواحد، بينما انهارت في عدن وما زالت.
وكان تقرير اقتصادي دولي أشار إلى أنه، وعلى مدى السنوات الست، وبالتحديد منذ نقل البنك لعدن، قاد الصراع المالي إلى فشل حكومة هادي في السيطرة على كامل إيرادات الدولة، رغم أن المناطق الجنوبية والشرقية غنية بالمصادر الاقتصادية وكانت تمول ميزانية الدولة بنسبة 75% من الإيرادات بما يساوي قرابة 7 مليارات دولار من أصل 14 مليار دولار تمثل إجمالي إيرادات الميزانية العامة للدولة في اليمن للعام 2014، وهو ما يعني أن الإشكال كامن في حكومة هادي نفسها لا في الإيرادات ولا في الداعمين.
وفي وقت سابق، قدَّرت دراسات بحثية اقتصادية خسائر الاقتصاد القومي اليمني الأولية في مجال البنى التحتية والمنشآت الإنتاجية والخدمية بنحو (129) مليار دولار خلال الخمس سنوات الأولى من الحرب فقط، وتضاعفت خلال العامين الأخيرين، ويتوقع الخبراء تفاقم هذه الخسائر بنهاية العام الحالي، خلال شهرَيْ نوفمبر وديسمبر القادمين.