الجديدبرس- تقرير
بعد 58 عاماً من ثورة 14 أكتوبر 1963م التي اندلعت في وجه الاحتلال الإنجليزي الذي صادر سيادة وثروات المحافظات الجنوبية، وسيطر على موانئ عدن وعوائدها لأكثر من 124 عاماً، لا تزال دول تحالف الحرب والحصار، بما فيها ربيبة بريطانيا في الخليج (الإمارات) تعبث بمقدرات ميناء ومطار ومنشآت بلحاف الغازية، للعام السابع على التوالي.
منشأة مدينة بلحاف التي تشمل واحداً من أهم مشاريع تسييل الغاز في الشرق الأوسط، حُوّلت إلى منطقة عسكرية للقوات الإماراتية، المسيجة على بعد أميال، بقوات النخبة الشبوانية المدعومة من “أبو ظبي” والمتعاركة مع قوات الإصلاح المحسوبة على حكومة هادي في الرياض، حسب تعبير ناشطين إعلاميين أكدوا أن بلحاف باتت أقرب إلى صنعاء بعد سيطرة قواتها على مديريات مهمة في محافظة شبوة، ووصولها إلى تخوم مأرب المدينة في الأيام الأخيرة.
استمرار عسكرة الإمارات لمنشأة بلحاف، للعام السابع على التوالي، خلق سخطاً شعبياً واسعاً ليس في محافظة شبوة فحسب بل وفي جميع مناطق سيطرة التحالف، تنديداً بعسكرة التحالف للمنشآت النفطية والغازية اليمنية، وترك أبناء مناطق سيطرته ممزقين بين حدود الأحزمة الأمنية المتعددة فصائلها في المدن المزدحمة بالسكان، فيما أثارت أزمة الطاقة العالمية التي أوصلت أسعار الغاز المسال من 6 دولارات إلى 36 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية، أسئلة خبراء الاقتصاد حول مقدرات منشأة بلحاف المتخمة بالغاز المسال وأهميته الاقتصادية.. ولماذا يصر التحالف -الذي يدعي دعمه الكامل لأمن واستقرار ووحدة اليمن- على استمرار سيطرته العسكرية على المنشأة؟
وتوقع الخبراء في سياق ردهم على تلك التساؤلات، أن أهمية منشآت بلحاف الاستراتيجية، ومنها منشأة مشروع الغاز الطبيعي المسال، لا تكمن في كلفة المشروع التي بلغت 4.5 مليار دولار، ولا في قدراته الإنتاجية البالغة 7.6 مليون طن سنوياً، بل تكمن في أن باستطاعته الإسهام الفاعل في حل مشكلات اليمن، التي تعيش أسوأ وضع إنساني في العالم بسبب الحرب والحصار، وبشهادة الأمم المتحدة.
ولفت الخبراء إلى المفارقات القائمة بين أسعار الغاز العالمية في زمن ما قبل الحرب، حيث بلغ إجمالي مبيعات اليمن السنوية من الغاز المسال ملياري دولار سنوياً، وكان سعر الغاز حينها لا يزيد عن 3 دولارات فقط لكل مليون وحدة حرارية، أما اليوم بعد أن ارتفع سعره بنحو 12 ضعفاً إلى 36 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية، فيعني أن إجمالي مبيعات اليمن سيصل إلى 24 مليار دولار، ما يعني أن ما ستحققه الخزينة اليمنية من العائدات بالعملة الصعبة بمقدورها أن تنتصر لقيمة الريال المنهارة، وستعيد قيمة الدولار إلى حدود ما قبل الحرب.
تجاهل تحالف الحرب والحصار لكل النداءات الشعبية المطالبة بإخلاء منشأة بلحاف من القوات الإماراتية، رغم اتساع تلك المطالب التي تعالت في مناطق سيطرته إلى قيادات الكيانات والفصائل المتعددة، التي التقت عند تأييد التحالف وافترقت عند تقاسم فتات المصالح خارج معاناة السواد الأعم من أبناء تلك المناطق، هو من يجيب على سؤال استمرار السيطرة العسكرية على منشأة بلحاف وغيرها من منابع النفط والغاز في محافظات اليمن الشرقية والجنوبية.
والإجابة الصريحة والصادرة من معطيات الواقع الذي بات يدركه كل اليمنيين، بمن فيهم رموز قيادية مؤيدة لحكومة هادي، لا تخرج عن هدف التحالف في الإبقاء على واقع اليمن الاقتصادي والمعيشي المنهار في تلك المناطق، وبالصورة التي تكفل استمرار بقائه على الأراضي اليمنية أطول وقت ممكن، حسب المراقبين الذين أكدوا أن امتداد السخط الواسع من النقمة الشعبية على وجود قوات التحالف، وبالأخص القوات الإماراتية التي تسيطر على مفاصل موارد المحافظة النفطية والغازية، إلى الثورة على هادي وحكومته في الرياض مطالبين بمحاكمتهم جميعاً، لتفريطهم بالسيادة اليمنية.