الجديدبرس- وكالات
عبد الفتاح البرهان، القائد العسكري في السودان، يتردّد اسمه اليوم مع إعلانه حلَّ المجلس السيادي والحكومة، وفرضه حالة الطوارئ في البلاد. فمن هو؟ وما هي المناصب التي تقلّدها في حياته السياسية؟
يجسّد الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، الذي أعلن اليوم الإثنين حلّ المؤسسات الانتقالية وحالة الطوارئ في السودان، عودةَ الحكم العسكري، وسط ترحيب من البعض، ورفض مطلق من آخرين ندّدوا بما وصفوه بأنه “انقلاب”.
ظهر البرهان اليوم الإثنين، عبر شاشة التلفزيون، في بزّته العسكرية. وأعلن، في نبرة حازمة، أنه يريد “تصحيح الثورة” التي أطاحت عمر البشير عام 2019. وأكّد إعفاء الوزراء ووكلاء الوزراء من مهماتهم، علماً بأن جزءاً كبيراً من هؤلاء اعتُقلوا منذ الفجر على أيدي قوى عسكرية.
في الشارع، يهتف متظاهرون ضده منذ أيام، رافضين “حكم العسكر”، لكن آخرين يطالبون بحكومة عسكرية، ويعتبرون أن الجيش هو المنقذ الذي سيحل كل مشاكل البلاد الاقتصادية والسياسية.
قبل إطاحة البشير، أدّى البرهان دوراً رئيساً بعيداً عن الأضواء في مشاركة السودان في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية ضد اليمن، ثم أصبح في دائرة الضوء حين تولى قيادة المجلس العسكريّ الانتقالي في أعقاب إطاحة الرئيس السابق عمر البشير على يد الجيش، في 11 نيسان/أبريل 2019، في إثر تظاهرات حاشدة استمرت خمسة أشهر.
في 12 نيسان/أبريل، أدّى البرهان اليمين رئيساً للمجلس العسكري، الذي تولّى السلطة بعد البشير. تقلّد البرهان منصبه بعد أن تنازل الفريق أول ركن عوض بن عوف عن رئاسة المجلس العسكري بعد أقل من 24 ساعة من تسلّمه السلطة، تحت ضغط الشارع الذي كان ينظر إلى ابن عوف على أنه من داخل النظام، وحليف مقرّب من الرئيس السابق.
من الظلّ إلى المنصب الأول
تحوّل البرهان من شخصية تعمل في الظل إلى رئيس للبلاد بحكم الأمر الواقع. وقال عنه في حينه ضابطٌ في الجيش، طلب عدم الكشف عن هويته، إنه “ضابط رفيع المستوى في القوات المسلحة.. لم يكن يوماً تحت الأضواء كما هي الحال بالنسبة إلى ابن عوف (الذي كان وزيراً للدفاع) والفريق أول ركن كمال عبد المعروف (الذي كان رئيس أركان الجيش)”.
في آب/أغسطس 2019، وبعد عنف في الشارع ومفاوضات مع “ائتلاف قوى الحرية والتغيير”، الذي قاد الاحتجاجات الشعبية، وقّع المجلس العسكري اتفاقاً مع الائتلاف عُرِف بـ”الوثيقة الدستورية”، نصّ على مرحلة انتقالية يتقاسم خلالها المدنيون والعسكريون السلطة لقيادة البلاد نحو انتخابات وحكم مدني.
ترأّس البرهان، بموجب هذا الاتفاق، مجلسَ السيادة الذي كُلِّف الإشرافَ على إدارة المرحلة الانتقالية. ويتكوّن مجلس السيادة من 11 شخصاً: خمسة عسكريين يختارهم المجلس الانتقالي، وخمسة مدنيين يختارهم “تحالف قوى التغيير”، بالإضافة إلى مدني يتفق الجانبان على اختياره.
بعد سنتين من المرحلة الانتقالية، بات البرهان معتاداً على الأضواء، وبات يتصرف ويعامَل على أنه رئيس دولة، فلقد تلقى، الأربعاء الماضي، دعوةً إلى المشاركة في قمة بشأن ليبيا ستُعقَد في باريس في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر. وهو يستقبل بانتظام المسؤولين والمبعوثين الأجانب الذين يزورون السودان.
يظهر، بصورة عامة، في بزّته العسكرية مع أوسمته، وغالباً برفقة نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو، المعروف بـ “حميدتي”، وهو قائد قوات الدعم السريع المتهمة بقمع انتفاضة عام 2019.
علاقات بالخارج
خلال المفاوضات بين الجيش والمحتجين بشأن تركيبة الحكم، قام البرهان بزيارات لمصر والإمارات والسعودية. والأخيرتان من أبرز المانحين للسودان.
أمضى البرهان فترة من حياته المهنية ملحقاً عسكرياً لدى بكين. ويقول الضابط السوداني عن البرهان إنه “ضابط كبير يعرف كيف يقود قواته”، مضيفاً “ليست لديه ميول سياسية، إنه عسكري”.
وُلد البرهان عام 1960 في قرية قندتو شماليّ الخرطوم، ودرس في الكلية الحربية، ولاحقاً في مصر والأردن. وهو متزوج وأب لثلاثة أبناء. وكان قائداً لسلاح البر، قبل أن يعيّنه البشير في منصب المفتّش العام للجيش.
حرب اليمن
يشير محلّلون ووسائل إعلام سودانية إلى أن البرهان تولّى عملية تنسيق إرسال جنود سودانيين إلى اليمن في إطار “التحالف السعودي” في الحرب ضدّه.
أرسل البشير قوات سودانية إلى اليمن عام 2015 في إطار تحوّل رئيسي في السياسة الخارجية، شهد تخلّي الخرطوم عن علاقاتها المستمرة منذ عقود بإيران، عبر الانضمام إلى “التحالف” الذي تقوده الرياض.
وتقول ويلو بيردج، مؤلفة كتاب “الانتفاضات المدنية في السودان الحديث”، وأستاذة التاريخ في جامعة نيوكاسل، إن البرهان عمل عن كثب مع قوات الدعم السريع، بموجب تولّيه الملف اليمني، من دون أن تستبعد أن يكون دعم هذه المجموعة ساهم في إيصاله إلى السلطة.
عبد الفتاح البرهان و”إسرائيل”
أشارت وسائل إعلام إسرائيلية اليوم إلى أن التطورات في السودان “تمثل سبباً في قلق إسرائيل وإدارة جو بايدن، على حدّ سواء”، معلِّلة ذلك بأنه يعود إلى ترسيخ اتفاق التطبيع مع الخرطوم.
وقالت إن “استمرار الاحتجاجات سيصعّب دفع عملية التطبيع قُدُماً في السودان، ويجب الأخذ في الحسبان أن رئيس حكومة السودان عبد الله حمدوك لم يكن هو من دفع إلى تطبيع العلاقات بإسرائيل، بل كانت القيادة العسكرية برئاسة عبد الفتاح البرهان”.
وفي السياق نفسه، انتقد مصدر إسرائيلي موقف واشنطن مما يجري في السودان، وقال لصحيفة “إسرائيل هيوم” إنه “في الوضع الحالي يفضّل دعم الجيش وقائده رئيس المجلس الانتقالي عبد الفتاح البرهان، لا رئيس الحكومة عبد الله حمدوك”.
يُشار، في هذا السياق، إلى أن البرهان قال، رداً على علاقته بـ “إسرائيل”، إنّ “لا عداء بين السودان وأيّ طائفة أو دين أو جهة”.
وأرجع عبد الفتاح البرهان توقيع حكومته اتفاقات “أبراهام” مع الولايات المتحدة و”إسرائيل” إلى “اقتناع الحكومة بأهمية نشر قيم التسامح والتعايش بين الشعوب، في مختلف أديانهم وأعراقهم”، بحسب الإذاعة الإسرائيلية.
وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أعلن، في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، توصُّل السودان و”إسرائيل” إلى اتفاق من أجل تطبيع العلاقات بينهما.
وأدّت السعودية دوراً في دفع عملية التطبيع بين السودان و”إسرائيل”، عبر دفعها 335 مليون دولار إلى الولايات المتحدة من أجل تسريع تطبيع العلاقات بين الخرطوم و”تل أبيب”، بحسب ما ذكرت “ميدل إيست مونيتور”.
المصدر- الميادين